ضغوط مالية عالمية على بريطانيا لتحفيز الاستثمار وتعزيز القدرة التنافسية

ضغط رؤساء الشركات المالية العالمية على وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز، الأربعاء، لتحسين الحوافز الضريبية للمستهلكين البريطانيين، بهدف تحفيز الاستثمار وتعزيز القدرة التنافسية للمملكة المتحدة. وتأتي هذه الضغوط في وقت تواجه فيه الحكومة البريطانية تحديات زائدة لتعزيز النمو البطيء في البلاد، والعمل على الإصلاحات الضرورية لإنعاش قطاع التمويل، وتحسين قدرة المملكة المتحدة على المنافسة مع مراكز مالية مثل نيويورك.
وحضر الاجتماع في وزارة المالية البريطانية مسؤولون تنفيذيون من كبرى الشركات المالية العالمية، بما في ذلك «جيه بي مورغان»، و«بلاك روك»، و«غولدمان ساكس»، و«مورغان ستانلي»، و«سيتي»، و«فيديليتي»، و«شرودرز» و«أبردن». وقد تمحورت المناقشات حول مطالبات من صناعة الاستثمار بتعديل المعاملة الضريبية لحسابات التوفير النقدية، بهدف تشجيع الأفراد على الاستثمار في الأسهم والسندات بدلاً من الادخار النقدي. كما تمت إثارة مطلب خفض ضريبة الدمغة المفروضة على استثمارات الأسهم، وهو مطلب قديم من المسؤولين التنفيذيين في القطاع المالي، وفق «رويترز».
كما تم بحث التأثيرات المحتملة لبعض التحركات في الموازنة التي كانت تسهم سابقاً في تعزيز القدرة التنافسية للمقيمين الأثرياء غير المقيمين في المملكة المتحدة. وصرحت ريفز بأنها تسعى إلى تقليص البيروقراطية لدعم النمو الاقتصادي، وتعزيز قدرة بريطانيا على المنافسة. وفي السياق ذاته، رحب المسؤولون الماليون في الاجتماع بمحاولات الحكومة المستمرة لتطوير السياسات التنظيمية بما يخدم أهداف النمو.
من جانب آخر، أعلنت الوزيرة ريفز عن خطوة مهمة لتسريع تسوية صفقات الأوراق المالية، وذلك في إطار حملة أوسع من الجهات التنظيمية العالمية لجعل التجارة أكثر سرعة وسهولة. وأكدت وزارة المالية البريطانية أنها تعمل على تقليص الوقت المستغرق في تسوية صفقات الأوراق المالية من يومين إلى يوم واحد، ابتداءً من 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2027، وقالت: «أنا عازمة على المضي قدماً بسرعة أكبر لدفع النمو الاقتصادي، ووضع مزيد من الأموال في جيوب الناس».
وفي سياق آخر، شهدت الأسواق تغييرات ملحوظة في التوقعات بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا، بعد إعلان بيانات التضخم الأقوى من المتوقع يوم الأربعاء. وقد خفض المستثمرون رهاناتهم على وتيرة خفض أسعار الفائدة، بعد أن أظهرت أرقام نمو الأجور استمرار ضغوط الأسعار في الاقتصاد البريطاني. وكان العقود الآجلة لأسعار الفائدة تشير إلى نحو 52 نقطة أساس من التخفيضات على سعر الفائدة لبنك إنجلترا بحلول ديسمبر (كانون الأول)، مقارنة بأكثر من 60 نقطة أساس في وقت سابق من الأسبوع.
في المقابل، ارتفعت عوائد السندات الحكومية البريطانية، حيث سجلت عوائد السندات لأجل 10 سنوات أعلى مستوى لها في ثلاثة أسابيع، بزيادة بلغت 6 نقاط أساس في اليوم، محققة أعلى مستوى لها عند 4.62 في المائة، على المسار الصحيح لتحقيق أكبر ارتفاع في يوم واحد منذ 8 يناير (كانون الثاني).
من جانبها، قالت الخبيرة الاقتصادية في بنك «يو بي إس»، آنا تيتاريفا، إن البنك يتوقع أن يلتزم بنك إنجلترا بتخفيضات تدريجية لأسعار الفائدة خلال عام 2025، مع توقعات بأن يصل سعر الفائدة إلى أدنى مستوياتها عند 3 في المائة عام 2026. يأتي هذا في ظل توقعات جديدة بأن يستمر التضخم عند نحو 3 في المائة هذا العام. وأظهرت البيانات الأخيرة أن التضخم في المملكة المتحدة بلغ أعلى مستوى له في 10 أشهر عند 3 في المائة في يناير، متجاوزاً توقعات الخبراء.
وكانت الأرقام الرسمية قد أظهرت أيضاً نمواً سريعاً للأجور، مما يشير إلى قوة في سوق العمل، وهي مؤشرات قد تؤثر على قرارات بنك إنجلترا بشأن السياسة النقدية. في وقت سابق من هذا الشهر، توقع بنك إنجلترا أن يبلغ التضخم ذروته عند 3.7 في المائة في وقت لاحق من هذا العام، بينما خفض تكاليف الاقتراض بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 4.5 في المائة، مشيراً إلى أن تباطؤ سوق العمل قد يخفف من الضغوط التضخمية على المدى الطويل.
وفي هذا السياق، أكدت توقعات خبراء الاقتصاد في «باركليز» استمرار التوقعات بأن بنك إنجلترا سيقوم بأربعة تخفيضات أخرى لأسعار الفائدة بين مايو (أيار) وسبتمبر (أيلول) 2025، مع استقرار سعر الفائدة عند 3.5 في المائة بحلول نهاية العام، وذلك بعدما كانت الأسعار قد ارتفعت إلى 4.5 في المائة بالوقت الحالي. وأشار الخبراء في «باركليز» إلى أن لجنة السياسة النقدية ستكتسب الثقة الكافية للتحول إلى سياسة تخفيض أسعار الفائدة المتسلسل مع استئناف تخفيضات الأسعار بدءاً من مايو.
aawsat.com