خبر ⁄اقتصادي

ارتفاع أسعار المعادن يضغط على المصنعين الأميركيين قبيل تطبيق الرسوم الجمركية

ارتفاع أسعار المعادن يضغط على المصنعين الأميركيين قبيل تطبيق الرسوم الجمركية

مع اقتراب موعد تطبيق التعريفات الجمركية على الصلب والألمنيوم في 12 مارس (آذار)، يواجه المصنّعون الأميركيون تحديات كبيرة تتمثل في ارتفاع أسعار المعادن الأساسية التي يعتمدون عليها في إنتاج منتجاتهم. هذه الزيادة في الأسعار، التي نتجت جزئياً عن سياسة الرئيس دونالد ترمب الاقتصادية لتعزيز التصنيع المحلي، تثير القلق بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تجد نفسها مضغوطة بين تكاليف الإنتاج المرتفعة وطلبات العملاء المتزايدة.

وفيما يلي التأثيرات المباشرة للتعريفات الجمركية على المصنّعين الأميركيين، وكيف يعيد هؤلاء تقييم توقعاتهم المالية في مواجهة هذه التحديات.

سجلت أسعار الصلب التي يشتريها غلين كالدر، لمصنعه الصغير للآلات في ولاية كارولاينا الجنوبية ارتفاعاً ملحوظاً بأكثر من 15 في المائة خلال الأسبوعين الماضيين، بينما يعاني بريان نيلسون، الذي يدير مصنعاً في ولاية إلينوي، من صعوبة الحصول على أي عروض أسعار حالية من مورّديه، وفق «رويترز».

وقال نيلسون: «إنهم ينتظرون التعريفات الجمركية». ورغم أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب بنسبة 25 في المائة على الصلب والألمنيوم من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 12 مارس، فإن تأثيراتها بدأت بالفعل في الانتشار عبر شبكة المنتجين والمصنعين الذين يعتمدون على هذه المعادن، ولم تكن النتائج إيجابية.

كان ترمب قد تعهد خلال حملته الانتخابية باستخدام التعريفات الجمركية لتعزيز التصنيع المحلي، كما ينظر إلى الإيرادات الناتجة عنها على أنها وسيلة لتعويض العجز في الإيرادات الفيدرالية بسبب خططه لخفض الضرائب. ولكن فرض هذه الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم المستورد، رغم أنها تعطي الفرصة للمصانع الأميركية لرفع أسعارها، يؤدي سريعاً إلى زيادة التكاليف على المنتجين الذين يعتمدون على هذه المعادن في صناعة منتجات مثل الثلاجات والسيارات وآلات الحصاد الزراعية.

وفي الأيام الأخيرة، قفزت أسعار الصلب في الولايات المتحدة، مضيفةً مكاسب جديدة على الزيادة التي تحققت منذ تولي ترمب الرئاسة. فقد ارتفعت أسعار لفائف الصلب المدرفلة الساخنة في الغرب الأوسط بنسبة 12 في المائة إلى 839 دولاراً للطن القصير في الأسبوعين حتى يوم الخميس، بزيادة تقدر بـ20 في المائة منذ تولي ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، وفقاً لمزود البيانات «فاست ماركتس». وعلى النقيض، ارتفع سعر هذا النوع من الصلب بنسبة 6 في المائة فقط في شمال أوروبا، بينما لم يتغير تقريباً في شرق الصين منذ يناير.

وكشف استطلاع جديد أجرته شركة «بين آند كو» أن 40 في المائة من كبار مسؤولي التشغيل والمديرين التنفيذيين يتوقعون زيادات في تكاليف مدخلاتهم بنسبة تتجاوز 10 في المائة بسبب التعريفات الجمركية، بينما يراجع نحو 80 في المائة منهم أو يدرسون إعادة تقييم توقعاتهم المالية لاستيعاب التكاليف الإضافية. وكان 45 في المائة من المشاركين في الاستطلاع من الولايات المتحدة.

في وقت سابق من هذا الشهر، أشاد ليون توباليان، الرئيس التنفيذي لشركة «نيوكور»، أكبر شركة لإنتاج الصلب في الولايات المتحدة، بخطط ترمب لفرض التعريفات، واصفاً إياها بأنها «الخطوات الأولى في أجندة التجارة أولاً لأميركا». وقد رفعت «نيوكور» أسعار لفائف الصلب المدرفلة على الساخن للمرة الرابعة منذ بداية العام.

وعادةً ما يقوم المشترون بشراء المعادن إما مباشرةً من المصانع وإما من خلال ما تُعرف بمراكز الخدمة، وهي شركات أصغر تشتري المعادن بكميات كبيرة من المصانع ثم تعالجها إلى الأشكال المطلوبة.

ويشتري نيلسون، الرئيس التنفيذي لشركة «إتش سي سي» في ميندوتا بولاية إلينوي، من كلا المصدرين، لكنه غير قادر حالياً على الحصول على عروض أسعار من مورديه المعتادين.

ويصف نيلسون عمله بأنه «الرجل في الوسط»، حيث يجد نفسه مضغوطاً بين موردي الصلب وعملائه. وتنتج شركته بكرات الحصاد التي تستخدم في آلات الحصاد الكبيرة، ويتعاون مع شركات تصنيع المعدات الزراعية الكبرى مثل «جون دير» و«أجكو».

وقال نيلسون إنه تحدث مؤخراً مع إحدى هذه الشركات الكبرى، وسأله ممثلها عن مقدار الزيادة المتوقعة في أسعار الصلب بسبب التعريفات التي ستتحملها شركته. وأضاف: «أخبرتهم أننا سننقل كامل التكلفة إليهم، وعليهم أن يقرروا ما إذا كانوا سينقلونها إلى عملائهم النهائيين أم لا».

ارتفاع أسعار مدخلات المصانع

تشهد أسعار مدخلات المصانع بالفعل ارتفاعاً. فقد أظهر مسح نُشر يوم الجمعة من «إس آند بي غلوبال» أن مؤشر الأسعار المدفوعة من الشركات للمدخلات ارتفع إلى 58.5 هذا الشهر مقارنةً بـ57.4 في يناير. وقد جاء هذا الارتفاع مدفوعاً بمؤشر التصنيع الذي قفز إلى 63.5 من 57.4 الشهر الماضي، حيث ألقى مديرو المشتريات اللوم «بشكل ساحق» على التعريفات الجمركية وارتفاع الأسعار الناتج عن الموردين.

من جانبه، قال متحدث باسم البيت الأبيض إن التعريفات ليست سوى جزء واحد من الأجندة الاقتصادية للإدارة، التي تشمل أيضاً خفض اللوائح التنظيمية، وخفض تكاليف الطاقة، فضلاً عن كبح التضخم وخفض الإنفاق، مما سيؤدي إلى خفض أسعار الفائدة وزيادة قدرة منتجي الصلب والألمنيوم في الولايات المتحدة على المنافسة.

وأضاف المتحدث: «الغرض من هذه التعريفات هو منح منتجي الصلب والألمنيوم المحليين متنفساً -وإعادتهم إلى العمل بطاقاتهم الإنتاجية الكاملة». وأكد أن «ارتفاع أسعار الصلب والألمنيوم هو نتيجة طبيعية لذلك».

أكثر من مجرد معادن

بالنسبة إلى كالدر، فهو مستعد لامتصاص التكاليف. تدير شركته «كالدر براذرز» في تايلورز، كارولاينا الجنوبية، مصنعاً ينتج آلات رصف يستخدمها مقاولو الأسفلت والبلديات لرصف مواقف السيارات وشوارع الأحياء السكنية.

وارتفعت أسعار الصلب التي يدفعها بالفعل في الأسابيع الأخيرة، وتلقى تحذيرات من زيادات قادمة. وقال في مقابلة مع «رويترز» في 17 فبراير (شباط): «اعتباراً من هذا الصباح، ارتفعت أسعار الصلب التي أشتريها بنسبة 15.2 في المائة منذ بداية الشهر». وأضاف: «لكن أسعار آلاتي لم ترتفع بنسبة 15.2 في المائة، أستطيع أن أؤكد ذلك».

وتتنافس شركته التي توظف 100 عامل مع 4 شركات أميركية أكبر، ويقول إن الأعمال التجارية بطيئة، ويعزو ذلك إلى تردد العملاء في الاستثمار في معدات جديدة بسبب استمرار ارتفاع أسعار الفائدة.

وقال: «هذا ليس الوقت المناسب حتى للتفكير في رفع أسعاري».

والصلب ليس مصدر القلق الوحيد له. فهو يشتري محركات ديزل من شركة «كامنز»، التي تصنِّع الطراز المستخدم في آلاته في الصين. ورفعت إدارة ترمب التعريفات الجمركية على الصين بنسبة 10 في المائة في بداية هذا الشهر.

ويعتمد كثير من المصنّعين على ذكريات آخر مرة فرضت فيها الولايات المتحدة تعريفات جديدة على المعادن الأساسية -في عام 2018، خلال الإدارة الأولى لترمب- استعداداً لما هو قادم.

وقال إيه إتش «تشيب» ماكلروي الثاني، الرئيس التنفيذي لشركة «ماكلروي» للتصنيع في تولسا: «من المؤكد أن الأسعار سترتفع». وأضاف أنه في الماضي، لم يقم الموردون المحليون بمطابقة الأسعار المرتفعة للواردات بشكل كامل، بل كانوا يرفعونها قليلاً فقط.

وتقوم شركة «ماكلروي» بتصنيع آلات تلحيم الأنابيب البلاستيكية، ويشدد ماكلروي على أن الفولاذ الخام يشكل جزءاً صغيراً نسبياً من التكلفة الإجمالية، ومع ذلك، يعتمد كثير من مورديه على الفولاذ والألمنيوم في تصنيع المكونات التي يزودونه بها.

وللحصول على فكرة أفضل عن مدى تأثير هذه الزيادات، أمضت الشركة الأسبوع الماضي في مسح أفضل 15 مورداً للمواد الخام. وتراوحت ردود الموردين بين «لا يُتوقع أي تأثير» من التعريفات إلى «اليقين التام بأن تكاليفنا سترتفع مع زيادة الطلب المحلي ورفع المنتجين لأسعارهم».

aawsat.com