تصريحات باول تربك المستثمرين... لا مؤشرات على تدخل قريب لدعم السوق

تلقّى المستثمرون، الذين كانوا يأملون أن يتدخل «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي لدعم الأسواق المتأثرة بالرسوم الجمركية، رسالةً غير مطمئنة من رئيس «البنك المركزي»، جيروم باول، يوم الأربعاء.
هل «الفيدرالي» في مأزق؟
أعلن باول أن «البنك المركزي الأميركي» سيترقّب مزيداً من البيانات عن اتجاه الاقتصاد قبل اتخاذ أي قرار بشأن أسعار الفائدة. وخلال كلمة ألقاها أمام «النادي الاقتصادي» في شيكاغو، لمح إلى احتمال وقوع «الفيدرالي» في وضع معقّد، فتصاعد الرسوم الجمركية يؤدي إلى ارتفاع التضخم، في وقت يُظهر فيه النمو الاقتصادي والتوظيف علامات على التباطؤ، وفق «رويترز».
ويخشى المستثمرون من أن استمرار ارتفاع التضخم سيقيد قدرة «الفيدرالي» على خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد، نظراً إلى ما قد يُسببه ذلك من تفاقم الضغوط التضخمية. وعُدّت تعليقات باول أكثر تشدداً من المتوقع، في وقت تشهد فيه الأسواق موجة تراجع حادة منذ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن حزمة رسوم جمركية واسعة النطاق أثارت مخاوف من تباطؤ اقتصادي وشيك.
وقال مايكل آرون، كبير استراتيجيي الاستثمار في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزرز»: «كانت السوق تأمل في لهجة أكثر تيسيراً من قبل (الفيدرالي) تُشير إلى اقترابه من خفض أسعار الفائدة، لكنه لم يُقدّم ذلك».
ومنذ إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية في 2 أبريل (نيسان) الحالي، شهدت الأسواق إحدى أشد فتراتها تقلباً منذ جائحة «كوفيد19» قبل 5 سنوات، حيث يكافح المستثمرون والشركات لتقييم التداعيات المحتملة وسط تغيّر مستمر في السياسات التجارية، بما في ذلك تعليق بعض الرسوم الجمركية المرتفعة في مقابل تصاعد النزاع مع الصين.
ويوم الأربعاء، أغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» منخفضاً بنسبة 2.2 في المائة، ليصل إجمالي التراجع من أعلى مستوياته في فبراير (شباط) الماضي إلى 14 في المائة، بينما تراجع «ناسداك المركب»، ذو الثقل التكنولوجي، بنسبة 3.1 في المائة.
وصرّح مارك مالك، كبير مسؤولي الاستثمار في «سيبرت فاينانشيال»، بأن «الفيدرالي» يواجه وضعاً بالغ الصعوبة نتيجة التزامه المزدوج تحقيق أقصى توظيف واستقرار الأسعار. وقال: «أقرّ باول أخيراً بأن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ضغوط تضخمية هذا العام، وقد تتسبب في تراجع الاستثمار وزيادة البطالة». وأضاف: «كلا الهدفين يتحرك في الاتجاه الخطأ الآن؛ مما يجعل مهمة (الفيدرالي) أكبر تعقيداً».
ترمب يطالب بخفض الفائدة
ويوم الخميس، جدّد ترمب دعوته إلى خفض أسعار الفائدة، مشيراً إلى أن إنهاء ولاية باول «لا يمكن أن يأتي بالسرعة الكافية».
ورغم ذلك، فإن المتداولين استمروا يوم الأربعاء في الرهان على أن «الفيدرالي» سيُقدِم على تخفيض أسعار الفائدة هذا العام، بما في ذلك احتمال استئناف الخفض في يونيو (حزيران) المقبل، مع توقعات بأن ينخفض معدل الفائدة الرئيسي، المتراوح حالياً بين 4.25 و4.50 في المائة، بنحو نقطة مئوية واحدة بحلول نهاية العام.
وفي سياق متصل، تطرق باول إلى ما يُعرف بـ«خيار البيع الفيدرالي»، أي تدخل «الفيدرالي» لحماية الأسواق من الانهيار. وعند سؤاله عن طرح مثل هذا الخيار، نفى باول ذلك، مؤكداً أن الأسواق، رغم معاناتها من تقلبات وعدم يقين، ما زالت تعمل بشكل منظم.
وقال سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في «سي إف آر إيه» للأبحاث: «تعليقات باول يمكن أن تُفسر على أنها تنفي ضمنياً وجود شبكة أمان تُعرف بـ(خيار البيع الفيدرالي)»، وأضاف: «ربما كانت تلك إشارة مقلقة للمستثمرين: نحن بمفردنا الآن».
وكانت الأسواق بالفعل ضعيفة قبل تصريحات باول، لكنها تراجعت بشكل أكبر بعدها، مدفوعة بهبوط أسهم التكنولوجيا، لا سيما بعد تحذير شركة «إنفيديا» من خسائر محتملة بسبب القيود الأميركية الجديدة على صادرات الرقائق إلى الصين.
ويرى بعض المستثمرين أن باول لم يُقدّم جديداً بقدر ما أكد على المخاوف القائمة بشأن تباطؤ الاقتصاد بالتزامن مع تصاعد الضغوط التضخمية.
وقال ريك ميكلر، وهو شريك في شركة «تشيري لين إنفستمنتس»: «لقد أشار إلى أن الأوضاع الاقتصادية ستكون صعبة إذا استمرت الرسوم الجمركية بهذه الوتيرة»، وتابع: «أعتقد أن المستثمرين كانوا يدركون ذلك مسبقاً، لكنه سلط الضوء عليه بشكل مباشر».
aawsat.com