معركة السلطة بين ترمب وباول... النقد يواجه السياسة

كثّف الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماته على رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في الوقت الذي ينظر فيه القضاء الأعلى في قضية قد تسهّل للرئيس إقالته من منصبه.
وتتزامن هذه التطورات مع حالة من الاضطراب الأوسع في الاقتصاد والأسواق المالية، التي تسببت فيها ضرائب ترمب الشاملة على الواردات. ويخشى معظم الاقتصاديين أن يؤدي الهجوم على الاستقلالية طويلة الأمد للاحتياطي الفيدرالي إلى مزيد من الاضطراب في الأسواق، وإضافة المزيد من عدم اليقين الذي يكتنف الاقتصاد، وفق وكالة «أسوشييتد برس».
وفي تصريحات له في البيت الأبيض، الخميس، أشار ترمب إلى أنه يملك السلطة لإقالة باول وهاجمه بسبب عدم خفضه لأسعار الفائدة بشكل حاد. وقال ترمب: «إذا أردت أن يرحل، سيرحل بسرعة، صدقني، أنا لست سعيداً معه».
وتستهدف هذه الهجمات استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الموقرة، التي دعمها معظم الاقتصاديين والمستثمرين في «وول ستريت».
وفيما يلي بعض الأسئلة والأجوبة حول الاحتياطي الفيدرالي:
لماذا يعد استقلال الاحتياطي الفيدرالي أمراً مهماً؟
يمتلك الاحتياطي الفيدرالي سلطة واسعة على الاقتصاد الأميركي. من خلال خفض معدل الفائدة قصير الأجل الذي يسيطر عليه، وهو ما يفعله عادة عندما يعاني الاقتصاد. يمكن للاحتياطي الفيدرالي جعل الاقتراض أرخص، مما يشجع على زيادة الإنفاق والنمو وخلق الوظائف. وعندما يرفع الفائدة - وهو ما يفعله لتهدئة الاقتصاد ومكافحة التضخم - يمكنه إضعاف الاقتصاد والتسبب في فقدان الوظائف.
وقد فضّل الاقتصاديون لفترة طويلة أن تكون البنوك المركزية مستقلة، لأنها تستطيع اتخاذ خطوات غير شعبية لمكافحة التضخم، مثل رفع أسعار الفائدة، مما يجعل الاقتراض لشراء منزل أو سيارة أو جهاز منزلي أكثر تكلفة.
وأصبحت أهمية الاحتياطي الفيدرالي المستقل أمراً محورياً بعد زيادة التضخم المستمرة في السبعينات وأوائل الثمانينات. وقد نُسبت مسؤولية تسريع التضخم في تلك الحقبة إلى رئيس الاحتياطي الفيدرالي آرثر بيرنز، الذي استجاب لضغوط الرئيس ريتشارد نيكسون لإبقاء الفائدة منخفضة قبل انتخابات 1972، خوفاً من أن تتسبب الفائدة المرتفعة في خسارته الانتخابات.
وتم تعيين بول فولكر في عام 1979 من قبل الرئيس جيمي كارتر، ودفع معدل الفائدة إلى مستوى مرتفع للغاية بلغ نحو 20 في المائة، مما أدى إلى ركود حاد وزيادة في معدلات البطالة.
ماذا يفكر مستثمرو «وول ستريت»؟
قد تتسبب محاولة إقالة باول في انخفاض أسعار الأسهم وارتفاع عوائد السندات، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الفائدة على الدين الحكومي، ورفع تكاليف الاقتراض للرهون العقارية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان.
ويفضل معظم المستثمرين أن يكون الاحتياطي الفيدرالي مستقلاً، جزئياً لأنه يدير التضخم بشكل أفضل دون التأثر بالسياسة، وكذلك لأن قراراته تكون أكثر قابلية للتوقع. وغالباً ما يتحدث مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي علناً عن كيفية تعديل سياسات أسعار الفائدة إذا تغيرت الظروف الاقتصادية.
هل يعني هذا أن الفيدرالي غير خاضع للمساءلة؟
بالتأكيد لا. يتم تعيين رؤساء الاحتياطي الفيدرالي مثل باول من قبل الرئيس لمدة أربع سنوات، ويجب أن يُؤكّد تعيينهم من قبل مجلس الشيوخ. كما يعين الرئيس الأعضاء الستة الآخرين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذين يمكنهم خدمة فترات متفاوتة تصل إلى 14 عاماً، على الرغم من أن معظمهم يغادرون قبل انتهاء فتراتهم. ويمكن لهذه التعيينات أن تسمح للرئيس بتغيير سياسات الاحتياطي الفيدرالي مع مرور الوقت. وقد عين الرئيس السابق جو بايدن خمسة من الأعضاء الحاليين السبعة: باول، ليزا كوك، فيليب جيفرسون، أدريانا كوغولر، ومايكل بار.
هل يمكن للرئيس إقالة باول؟
قال باول إن القانون الذي أنشأ الاحتياطي الفيدرالي لا يسمح للرئيس بإقالة من يشغل منصبه إلا لأسباب مبررة. هناك بعض التعقيدات في أن باول تم تعيينه في البداية كعضو في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ثم تم ترقيته إلى منصب الرئيس من قبل ترمب في عام 2017.
ويتفق معظم العلماء القانونيين على أن ترمب لا يمكنه إقالة باول من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لكن هناك اختلافاً في الرأي بشأن ما إذا كان الرئيس يمكنه عزله من منصب الرئيس. في يناير (كانون الثاني)، استقال مايكل بار من منصبه كنائب رئيس للإشراف لكنه بقي عضواً في المجلس لتجنب نزاع قانوني محتمل بشأن ما إذا كان ترمب يمكنه إقالته.
ماذا قد تفعل المحكمة العليا؟
قد نحصل على إشارة مبكرة حول كيفية اتخاذ المحكمة العليا قراراً في هذا الصيف. هناك بالفعل قضية قيد النظر في المحكمة تتعلق بما إذا كان يمكن للرئيس إقالة كبار المسؤولين في الوكالات المستقلة.
وتتمحور القضية حول عمليات إقالة لاثنين من المسؤولين قام بها ترمب من المجلس الوطني لعلاقات العمل، ومن وكالة تحمي العمال من التدخل السياسي. وسمحت المحكمة العليا الأسبوع الماضي بتأكيد الإقالات، بينما تدرس القضية، وقد تصدر حكماً هذا الصيف يفيد بأن الرئيس، بصفته رئيس الفرع التنفيذي، يمكنه إقالة المسؤولين من أي وكالة فيدرالية حتى لو كان الكونغرس قد أراد أن تكون مستقلة.
وأضاف باول أنه يراقب القضية عن كثب، مؤكداً أن هذا قد لا ينطبق على الاحتياطي الفيدرالي. وقد جادل محامو إدارة ترمب بأن القضية لا تتعلق بالاحتياطي الفيدرالي.
وفي حالة قررت المحكمة منح الرئيس مزيداً من السلطة على رؤساء الوكالات المستقلة، فقد تستثني الاحتياطي الفيدرالي.
aawsat.com