خبر ⁄اقتصادي

أفق ضيق في اليابان لاتفاق تجاري شامل مع أميركا

أفق ضيق في اليابان لاتفاق تجاري شامل مع أميركا

عندما يلتقي وزير المالية الياباني، كاتسونوبو كاتو، مع نظيره الأميركي، سكوت بيسنت، في واشنطن هذا الأسبوع، من المتوقع أن يكون الين موضوعاً رئيسياً للنقاش، رغم أن مصادر تقول إن طوكيو سترفض أي طلب لتعزيز عملتها.

الأفق الضيق لاتفاق شامل كما يبدو من طوكيو، يقابله تفاؤل أميركي واضح، إذ قال السفير الأميركي الجديد لدى اليابان، جورج غلاس، يوم الثلاثاء، إنه «متفائل للغاية» بالنسبة إلى المباحثات الجارية بشأن الرسوم بين واشنطن وطوكيو، قبل الجولة الثانية من المفاوضات المتوقع أن تكون في وقت لاحق من هذا الشهر.

وذكرت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء أنه بعد لقائه مع رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا في مكتبه، قال غلاس، رجل الأعمال الذي يتمتع بخلفية في الاستثمار المصرفي والعقارات، للصحافيين، إن الدولتَيْن في «عصر ذهبي» بالنسبة إلى كل من «الاقتصاد والصداقة».

لكن الأمر قد لا يبدو كذلك في طوكيو. وفي حين يراهن بعض المحللين على أن واشنطن ستضغط على طوكيو للمساعدة في دعم الين، لا ترى اليابان مجالاً واسعاً لاتخاذ إجراءات مباشرة؛ مثل: التدخل في سوق العملات، أو رفع أسعار الفائدة فوراً من قِبَل البنك المركزي، وفقاً لثلاثة مصادر مطلعة على المفاوضات تحدثت إلى «رويترز».

وبدلاً من ذلك، يأمل صانعو السياسات اليابانيون في فهم أفضل لما يدور في خلد الولايات المتحدة بشأن مسائل سعر الصرف، وكيفية انسجامها مع حزمة الخطوات التي سيتفاوض عليها البلدان للتوصل إلى اتفاق تجاري، وفقاً للمصادر.

هذا يعني أن الاجتماع بين كاتو وبيسنت، الذي سيكون أول محادثات مباشرة بينهما، من المرجح أن يُخيّب آمال بعض الأطراف الفاعلة في السوق بالتوصل إلى اتفاق رئيسي ومنسق لتعزيز الين.

وقال أحد المصادر، تعليقاً على استراتيجية اليابان بشأن الاجتماع المتوقع بين كاتو وبيسنت، الذي سيُعقد على هامش الاجتماع الربيعي لصندوق النقد الدولي في واشنطن: «سينصبّ التركيز بشكل كبير على استشراف نيات واشنطن».

وصرّح كاتو للصحافيين، يوم الثلاثاء، بأن البلدَيْن لا يزالان يُرتّبان موعداً للاجتماع. ويقول صانعو السياسات اليابانيون إنهم لم يتلقوا بعد أي طلبات محددة من الولايات المتحدة بشأن سياسة العملة. كانت آخر مناسبة رئيسية ضغطت فيها الولايات المتحدة على اليابان لتعزيز الين في عام 1985، عندما قادت واشنطن مجموعة السبع في خفض منسق لقيمة الدولار بموجب ما يُعرف باسم «اتفاقية بلازا».

وأدى تركيز الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معالجة العجز التجاري الضخم، وتصريحاته السابقة التي انتقد فيها اليابان لتعمدها إبقاء الين ضعيفاً، إلى توقعات السوق بأن طوكيو ستواجه ضغوطاً لتعزيز قيمة الين مقابل الدولار ومنح الشركات المصنعة الأميركية ميزة تنافسية... وقد غذّت هذه التوقعات ارتفاع الين مؤخراً إلى أعلى مستوياته في سبعة أشهر مقابل الدولار.

كما صرّح بيسنت بأنه يتطلّع إلى إجراء مناقشات مع اليابان بشأن التعريفات الجمركية والحواجز غير الجمركية وأسعار الصرف. وسبق أن أبلغت مصادر «رويترز» أن الوتيرة البطيئة التي يرفع بها «بنك اليابان» تكاليف الاقتراض من مستويات منخفضة للغاية قد تتعرّض لانتقادات في محادثات التجارة الثنائية.

ولكن ليس بإمكان اليابان فعل الكثير للتأثير في أسعار الصرف بطرق مفيدة لكلا البلدَيْن. وكان آخر تدخل لليابان في سوق أسعار الصرف في عام 2024، عندما اشترت الين لدعم العملة من أدنى مستوى لها في ثلاثة عقود تقريباً عند 161.99 ين للدولار الذي سجلته في أوائل يوليو (تموز) الماضي.

ومع انخفاضات الدولار واسعة النطاق التي دفعت بالفعل الين إلى نحو 140، يحذّر المسؤولون اليابانيون من اتخاذ خطوات لتعزيز العملة بشكل أكبر خوفاً من تضييق هامش ربح المصدّرين في وقت ضغوط التعريفات الجمركية.

وإذا قررت اليابان التدخل بشراء الين، فستحتاج إلى بيع حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية، وهو أمر قد لا تفضّله واشنطن بالنظر إلى التراجع الأخير في سوق السندات الأميركية.

وتزداد صعوبة استخدام السياسة النقدية اليابانية بوصفها وسيلة لدعم الين، فـ«بنك اليابان» ليس في وضع يسمح له بالتسرع في رفع أسعار الفائدة في وقت تهدّد فيه تعريفات ترمب بعرقلة الانتعاش الاقتصادي الهش لليابان.

ويقول المحللون إن رفع أسعار الفائدة استجابةً للمطالب الأميركية من شأنه أن يُضعف استقلالية «بنك اليابان» في وضع السياسة النقدية، ويضع مصداقيته على المحك.

ويقول مدير مبيعات العملات الأجنبية والسلع اليابانية في بنك «إيه إن زد»، هيرويوكي ماشيدا: «حتى لو ناقشت اليابان والولايات المتحدة أسعار الصرف، فليس هناك الكثير مما يمكن للجانبَيْن فعله. ليس من المنطقي التدخل في سوق العملات. كما أن رفع أسعار الفائدة غير وارد... وفي النهاية، قد يسعى البلدان إلى حل وسط في اللغة التي يستخدمانها لوصف تحركات العملات».

وقال كبير الاقتصاديين في «ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي» للأوراق المالية، كاتسوهيرو أوشيما: «لقد ارتفع كل من اليورو والين بشكل ملحوظ مؤخراً، لذا قد لا ترغب الولايات المتحدة في مزيد من الانخفاض للدولار». وأضاف: «قد يتفق البلدان في النهاية على أن تحركات أسعار الصرف المستقرة أمر مرغوب فيه، وأن على اليابان تجنّب إضعاف الين عمداً».

aawsat.com