بريطانيا تعيد هيكلة إصدارات السندات لمواجهة تكلفة الاقتراض

أعلن مكتب إدارة الديون البريطاني، يوم الأربعاء، عن خفض إضافي في إصدارات السندات الحكومية طويلة الأجل خلال السنة المالية الجارية، مقابل زيادة مبيعات السندات قصيرة الأجل وأذون الخزانة، بهدف تمويل أعباء الاقتراض الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن كانت بريطانيا - التي تتمتع بأطول متوسط استحقاق للسندات بين الاقتصادات الكبرى - قد قلّصت بشكل حاد حصة السندات طويلة الأجل من إجمالي الإصدارات الشهر الماضي، في ظل ارتفاع تكلفة هذا النوع من التمويل لأعلى مستوياتها منذ عام 1998، وفق «رويترز».
ويأتي التعديل في خطط الإصدارات استجابةً لبيانات رسمية صدرت في وقت سابق من اليوم، كشفت عن ارتفاع العجز الحكومي إلى 151.9 مليار جنيه إسترليني (202.1 مليار دولار) في السنة المالية 2024-2025 متجاوزاً التقديرات الرسمية السابقة بنحو 14.6 مليار جنيه إسترليني، والتي كانت الأساس في إعداد خطط الاقتراض لعام 2025-2026 في مارس (آذار) الماضي.
وأوضح المكتب أنه سيرفع صافي مبيعات أذون الخزانة للعام المالي 2025-2026 بمقدار 5 مليارات جنيه إسترليني لتصل إلى 10 مليارات جنيه، مع خفض طفيف في مبيعات السندات الحكومية بمقدار 0.1 مليار جنيه، لتصل إلى 299.1 مليار جنيه.
وشهدت خطة الإصدارات الحكومية تحولاً لافتاً نحو السندات قصيرة الأجل، وهو ما وصفته جيسيكا بولاي، الرئيسة التنفيذية لمكتب إدارة الديون، في تصريحات لـ«رويترز»، بأنه «تحوّل كبير» عن نمط الإصدارات السابق الذي ركّز على السندات طويلة الأجل في مارس.
وانخفضت قيمة الإصدارات من السندات التي تتجاوز آجال استحقاقها 15 عاماً بمقدار 10.4 مليار جنيه لتصل إلى 29.8 مليار جنيه، في حين زادت إصدارات السندات قصيرة الأجل (من 3 إلى 7 سنوات) بمقدار 7 مليارات جنيه لتبلغ 117.9 مليار جنيه. ولم تُسجل تغييرات في السندات متوسطة الأجل أو المرتبطة بالتضخم، بينما ارتفعت الإصدارات غير المخصصة - التي سيُحدَّد أجل استحقاقها لاحقاً - بمقدار 3.3 مليار جنيه.
ومن المتوقع أن تنخفض نسبة السندات طويلة الأجل إلى 10 في المائة فقط من إجمالي الإصدارات، أي نصف النسبة المسجّلة في 2024-2025، وهو أدنى مستوى لها منذ 35 عاماً.
وقال محللا «دويتشه بنك»، سانجاي راجا وشرياس جوبال، في مذكرة للعملاء، إن هذا التخفيض يعكس على الأرجح تجدد المخاوف بشأن تكلفة الاقتراض طويل الأجل، مضيفين أن «التحوّل الحاد في توزيع الإصدارات يؤكد أن مكتب إدارة الدين لا يزال ديناميكياً وسريع الاستجابة لتطورات السوق، بما يعزز مواءمة العرض مع مستويات الطلب على السندات الحكومية البريطانية».
وكانت عوائد السندات الحكومية لأجل 30 عاماً قد بلغت ذروتها منذ مايو (أيار) 1998 عند 5.649 في المائة في 9 أبريل (نيسان)، عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 104 في المائة على الصين، مما أدى إلى اضطراب الأسواق العالمية.
وفي اليوم التالي، أرجأ بنك إنجلترا إحدى عمليات بيع السندات طويلة الأجل، في ظل ما وصفه كبير الاقتصاديين في البنك، هيو بيل، بأنه «توتر نسبي في الأسواق».
وأشار راجا وجوبال إلى أن سلطات إدارة الدين كانت حريصة على تجنّب رفع إجمالي حجم الإصدارات في إعلان يوم الأربعاء، تجنباً لمزيد من تقلبات السوق، خاصة وسط مخاوف المستثمرين من ارتفاع وتيرة الاقتراض وتكاليف خدمة الدين، إلى جانب ضعف النمو الاقتصادي المستمر واستمرار الضغوط التضخمية.
وفي تعاملات الأربعاء، تراجعت عوائد السندات الحكومية البريطانية لأجل 30 عاماً بمقدار 12 نقطة أساس لتسجل 5.24 في المائة بحلول الساعة 11:25 (بتوقيت غرينتش)، متماشية مع انخفاض مماثل في عوائد السندات الأميركية. بينما بقيت عوائد السندات البريطانية لأجل خمس سنوات دون تغير يُذكر عند 3.98 في المائة.
aawsat.com