تراجع الواردات يرفع فائض الميزان التجاري السعودي لأعلى مستوياته في 10 أشهر

سجلت السعودية فائضاً في ميزانها التجاري هو الأعلى منذ عشرة أشهر مع تراجع الواردات السلعية؛ وهو ما يعزز إيراداتها ويدعم استقرار العملة، ويعكس الطلب العالمي القوي على المنتجات الوطنية بأنواعها كافة.
فقد حقق الميزان التجاري فائضاً بقيمة 31 مليار ريال (8.26 مليار دولار) في فبراير (شباط) الماضي، مرتفعاً بنسبة 44.6 في المائة على أساس شهري من 21 مليار ريال في يناير (كانون الثاني) ومن 29 مليار ريال في الشهر نفسه من العام الماضي، وذلك بفعل تراجع ملحوظ في الواردات السلعية بنسبة 5.6 في المائة، وهو الأدنى منذ نهاية عام 2023. وهو الأمر الذي عزز الفائض رغم الانخفاض الطفيف في الصادرات السلعية. إذ بلغت الواردات 63 مليار ريال (16.7 مليار دولار)، في حين سجلت الصادرات السلعية ما قيمته 94 مليار ريال (18.3 مليار دولار) من 97 ملياراً في يناير، وذلك بحسب ما أظهرته بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية.
وقد واصلت الصادرات غير النفطية (شاملة إعادة التصدير) نموها، لترتفع في فبراير بما نسبته 14.3 في المائة على أساس سنوي مقارنة بفبراير 2024، وتبلغ 26 مليار ريال (6.9 مليار دولار) مقابل 23 مليار ريال في الشهر نفسه من العام الماضي.
وأطلقت المملكة برنامج «صُنع في السعودية»، الذي يستهدف الشركات المحلية على توسيع نطاق أعمالها، والاستفادة من مزايا البرنامج لتسويق منتجاتها إلى عدد أكبر من العملاء، والتواصل مع المستهلكين المهتمين بالمنتجات والشركات السعودية.
ويرى مختصون أن ارتفاع الصادرات السعودية مقابل الواردات يكمن في عوامل عدة، أبرزها: تحفيز المصانع والقطاع الخاص المحلي بتمويلات مالية ومحفزات أخرى تدعم عمليات التصدير ووصول المنتجات الوطنية إلى الأسواق العالمية، بالإضافة إلى التسهيلات المقدمة للخدمات اللوجيستية جواً وبراً وبحراً.
وكانت الصين الوجهة الرئيسية لصادرات المملكة؛ حيث شكَّلت 16.2 في المائة من إجمالي الصادرات. تلتها كوريا الجنوبية (10.1 في المائة) ثم الإمارات (9 في المائة).
الأنظمة والتشريعات
وأوضح المختص في التجارة الدولية، الدكتور فواز العلمي، لـ«الشرق الأوسط»، أن تحقيق المملكة فائضاً في الميزان التجاري يؤكد أن البلاد تتجه في المسار الصحيح بخصوص زيادة تصدير المنتجات الوطنية مقابل حجم الواردات، مفيداً بأن الحكومة أزالت جميع العقبات التي تواجه القطاع الخاص عبر الأنظمة والتشريعات، علاوةً على إنشاء عدد من المنشآت والكيانات التي ساهمت كثيراً في تحفيز تصدير تلك المنتجات ووصولها إلى الأسواق العالمية.
وذكر أن الجهات الحكومية تعمل جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص، سوءاً بتقديم الخدمات الاستشارية والتمويلية وتحديد الأسواق الدولية المستهدفة لوصول المنتجات المحلية إليها، وجميع تلك الإجراءات ساهمت في رفع حجم الصادرات أمام الواردات.
وبيّن الدكتور فواز العلمي أن انتعاش الأنشطة السعودية غير النفطية بات واضحاً وتنمو بشكل متواصل وتحقق مستويات قياسية على الناتج المحلي الإجمالي بنسبة مساهمة تتجاوز 50 في المائة، وهو ما يواكب مستهدفات «رؤية 2030» لتحقيق اقتصاد مزدهر يعكس نجاح برامج الرؤية والإصلاحات التشريعية.
تحسين البيئة التصديرية
من ناحيته، قال المختص في الشأن الاقتصادي أحمد الشهري لـ«الشرق الأوسط»، إن تحقيق السعودية فائضاً في الميزان التجاري خلال فبراير الماضي، جاء نتيجةً للعمل التكامل بين الجهات الحكومية ذات العلاقة التي تعمل على تحسين كفاءة البيئة التصديرية وتذليل المعوقات التي قد يواجهها المصدرون ورفع المعرفة بممارسات التصدير وتنمية الكفاءات البشرية في مجال التصدير.
ولفت إلى أن الحكومة تمضي في دعم القطاع الخاص وخلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وسعت في السنوات الأخيرة إلى معرفة التحديات التي تواجه الشركات المحلية وبذلت جهوداً مشتركة لإزالة العقبات من أمامها، لتضمن أن القطاع يلعب دوره الحيوي في دفع عجلة الاقتصاد.
أضاف: «شاهدنا هذه الجهود الحكومية على أرض الواقع بعد أن أصبحت الأنشطة السعودية غير النفطية تساهم بنحو 50 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي»، مؤكداً أن الأجهزة العامة ذات العلاقة تقوم بدورها في تقديم جميع الخدمات المحفزة للمصانع والشركات، إلى جانب البحث عن الفرص والأسواق التصديرية الملائمة للمنشآت في الأسواق العالمية كافة.
aawsat.com