خبر ⁄اقتصادي

الامتياز التجاري في السعودية... تمويل قياسي ونمو متسارع يعززان ثقة المستثمرين

الامتياز التجاري في السعودية... تمويل قياسي ونمو متسارع يعززان ثقة المستثمرين

في خطوة تعكس التزام السعودية بتعزيز قطاع الامتياز التجاري (الفرانشايز) وتمكين رواد الأعمال، كشف لـ«الشرق الأوسط» مدير برنامج الامتياز التجاري في «بنك التنمية الاجتماعية» عبد الله الدوسري، عن أن البنك ضخ تمويلات تجاوزت 50 مليون ريال (13.3 مليون دولار) خلال عام 2024 فقط لصالح مشاريع الامتياز، بمتوسط تمويل يبلغ مليون ريال لكل مشروع.

جاء ذلك على هامش أعمال اليوم الثاني من المؤتمر العائم للامتياز التجاري، الذي يُعقد على متن سفينة «أرويا كروز» في قلب البحر الأحمر، حيث انطلقت سلسلة من ورش العمل المتخصصة وسط تفاعل كبير من المشاركين ونخبة من خبراء القطاع.

وأوضح الدوسري أن الدعم المالي يمثل محوراً جوهرياً في استراتيجية تمكين الامتياز، مؤكداً أن 100 علامة تجارية استفادت من هذا الدعم سواء عبر التمويل المباشر أو المساندة غير المالية، وهو ما يعكس اتساع قاعدة المستفيدين ونمو الثقة بهذا النموذج التجاري.

وأشار إلى أن مشاريع الامتياز تُعد الأعلى نجاحاً والأقل تعثراً مقارنة بالمشاريع الريادية التي تبدأ من الصفر، ما يجعلها خياراً أكثر أماناً واستدامة لرواد الأعمال، خصوصاً أولئك الباحثين عن نماذج عمل مجربة وقابلة للتكرار.

قطاع في صعود

هذا الإنجاز يأتي في ظل زخم أكبر يشهده قطاع الامتياز التجاري في المملكة، الذي وصفه رئيس اللجنة الوطنية للامتياز التجاري باتحاد الغرف السعودية الدكتور خالد الغامدي، بأنه يشهد نمواً غير مسبوق نتيجة نضج السوق وزيادة ثقة المستثمرين.

رئيس اللجنة الوطنية للامتياز التجاري متحدثاً خلال المؤتمر (الشرق الأوسط)

وبلغة الأرقام، أكد الغامدي أن حجم سوق الامتياز التجاري في السعودية تجاوز الـ 60 مليار ريال (نحو 16 مليار دولار)، حيث يتوقع أن يرتفع 35 في المائة بحلول 2030.

ويشمل أكثر من 1200 علامة تجارية سعودية. كما أشار إلى أن اللجنة تعمل على تصدير العلامات السعودية إلى الأسواق الدولية عبر اتفاقيات شراكة تقلل المخاطر والتحديات.

وأوضح الغامدي أن اللجنة الوطنية تعمل ضمن استراتيجية متدرجة، تشمل على المدى القريب زيادة الوعي والدعم الفني للعلامات السعودية، وعلى المدى المتوسط رفع عدد العلامات المانحة للامتياز وتوسيع نطاقها محلياً، فيما تهدف على المدى البعيد إلى تحويل المملكة إلى مركز إقليمي للامتياز التجاري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما ينسجم مع مستهدفات «رؤية 2030».

علامات تجارية جديدة

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى إدراج 204 علامات تجارية سعودية جديدة على منصة الامتياز التجاري خلال 2024، بحسب ما أعلنت منشآت. كما كشفت وزارة التجارة عن نمو قيود الامتياز بنسبة 86 في المائة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليصل إجماليها إلى 1788 قيد امتياز بنهاية الربع الثالث من العام الماضي.

وتصدرت خدمات الإقامة والطعام (المطاعم، الفنادق، السياحة) هذه القيود بـ1232 قيداً، تلتها التجزئة بـ689 قيداً، ثم النقل والتخزين بـ257 قيداً، ما يعكس تنوع القطاعات المستفيدة من نموذج الامتياز.

جانب من المؤتمر العائم للامتياز التجاري (الشرق الأوسط)

تمكين واستثمار

في هذا السياق، شدد الغامدي على أن اللجنة الوطنية للامتياز التجاري أطلقت عدداً من المبادرات النوعية لدعم العلامات السعودية، شملت منصة للتوسع المحلي والدولي، وصندوقاً تمويلياً لتيسير التوسع الدولي، وتحالفات تسويقية ولوجيستية، إلى جانب تقديم استشارات ودراسات متخصصة قائمة على بيانات دقيقة.

كما تعمل اللجنة على جذب الاستثمارات الأجنبية عبر فعاليات دولية بارزة مثل المعرض الدولي العائم للامتياز التجاري، مما يساهم في دعم الصادرات غير النفطية وتوطين سلاسل التوريد، ورفع مساهمة الامتياز في الناتج المحلي.

وحول أبرز القطاعات الرائدة في الامتياز، أشار الغامدي إلى أن المطاعم والمقاهي، والتجزئة، والخدمات التعليمية تهيمن حالياً على المشهد، متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة صعود قطاعات مثل التكنولوجيا المالية، والخدمات الصحية، والتجارة الإلكترونية.

ووجه الغامدي نصائحه للمستثمرين، داعياً مانحي الامتياز إلى تطوير نماذج عمل واضحة مدعومة بأدلة تشغيلية دقيقة، فيما نصح المتلقين للامتياز بفهم العقود بعمق واختيار العلامات المناسبة لرؤاهم وقدراتهم.

يتّضح من هذا الحراك أن الامتياز التجاري لم يعد مجرد نموذج استثماري، بل بات رافداً استراتيجياً لتوسيع الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل في المملكة، إضافة إلى كونه أداة لتصدير العلامات السعودية إلى الخارج، ما يعزز مكانة المملكة بوصفها مركزاً إقليمياً للتميز التجاري.

واختتم الغامدي حديثه بالتأكيد على أن الامتياز التجاري سيحمل قصص النجاح السعودية إلى الأسواق العالمية، ويعزز من مكانة المملكة بوصفها مركزاً اقتصادياً رائداً في المنطقة.

فرص استثمارية ضخمة

من جانبه، يقول مدير عام الصناعات الغذائية والزراعة في وزارة الاستثمار، محمد العوهلي، لـ«الشرق الأوسط»: «نعمل في وزارة الاستثمار على ضمان استقطاب الشركات العالمية ذات الخبرة والملاءة المالية إلى السوق السعودية، بما ينعكس إيجاباً على جودة وكفاءة القطاعات الحيوية».

وأضاف: «نحرص على دراسة الوضع المالي للشركات القادمة والتأكد من تميزها في المجالات المستهدفة، سواء في السياحة أو المطاعم أو الرياضة أو غيرها. كما نواصل تطوير البيئة الاستثمارية لتكون أكثر جاذبية، بما يدعم تحقيق مستهدفات المملكة الطموحة ضمن رؤية 2030، التي تشمل التوسع في عدد الفنادق والمطاعم والمقاهي، ورفع جودة الحياة. المملكة اليوم مقبلة على فرص استثمارية ضخمة، وكل المشاريع الكبرى الجارية ستُساهم في رسم خريطة اقتصادية جديدة، تجعل من السعودية مركز جذب إقليمياً وعالمياً للعلامات التجارية الكبرى».

يشار إلى أن الورش المنعقدة خلال الحدث شكّلت امتداداً عملياً لليوم الافتتاحي، الذي تخلله توقيع عدد من عقود الامتياز وعقد جلسات نقاشية رئيسية تناولت أبرز التحديات والفرص في قطاع الامتياز التجاري بالمملكة، ليتوجّه المشاركون في اليوم التالي نحو تعميق المعرفة واكتساب المهارات التطبيقية.

وتناولت ورش العمل موضوعات استراتيجية متعددة، من بينها: التسويق الرقمي المتقدم للعلامات التجارية، وسبل الإدارة التشغيلية الفعّالة، وآليات بناء علاقات مستدامة بين المانحين وأصحاب الامتياز، إلى جانب مناقشة طرق التوسع الدولي، وأفضل الممارسات في حماية الحقوق القانونية للامتياز.

aawsat.com