شخصيات ووكلاء الذكاء الاصطناعي ستلعب دورا حاسما في المستقبل

في عام 2024، قدمت شركة «أمازون» «مساعد الموارد البشرية المدعوم بالذكاء الاصطناعي» AI-powered HR assistant، الذي يساعد المديرين في مراجعة الأداء وتخطيط القوى العاملة. وبالمثل، نشرت شركة «تسلا» «شخصيات الذكاء الاصطناعي» AI personas للمساعدة في مراقبة الإنتاج في الوقت الفعلي وتحسين سلسلة التوريد.
وتُظهر هذه التطورات كيف أصبحت شخصيات الذكاء الاصطناعي ضرورية في العمليات التجارية، وتبسيط العمليات، وتعزيز عملية اتخاذ القرار، كما كتب فيصل حق (*)
الذكاء الاصطناعي: شخصيات ووكلاء
مع تطور الذكاء الاصطناعي، نشهد ظاهرتين مترابطتين تشكلان مستقبلنا: شخصيات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي الوكيل. تجلب هذه التطورات الفرص والتحديات.
شخصيات ذكاء اصطناعي تتكيف مع المستخدم
شخصيات الذكاء الاصطناعي عبارة عن مجموعات من العناصر الرقمية التي تتحد لتكوين شخصيات هجينة بسمات وأولويات محددة تتفاعل مع المستخدمين بطرق متطورة. وهي تتراوح من المستشارين المحترفين إلى المتعاونين الإبداعيين وأنظمة الدعم العاطفي.
إن قدرة هذه الأدوات على تكييف التفاعلات بناءً على احتياجات المستخدم تجعلها أدوات قوية للمؤسسات.
يمكن فهم شخصيات الذكاء الاصطناعي من خلال ثلاثة أبعاد رئيسية:
• الوظيفة: الدور والمهام المحددة التي ستؤديها الشخصية
• المنظور المعرفي: قاعدة المعرفة ومصادر المعلومات التي تستعين بها الشخصية
• نوع العلاقة: طريقة التفاعل التي تخدم الغرض المقصود على أفضل وجه
تحافظ شخصيات الذكاء الاصطناعي على سمات شخصية متسقة أثناء التطور من خلال التفاعلات. وعلى سبيل المثال، قد تعمل شخصية الذكاء الاصطناعي شريك تخطيط استراتيجي في سياق الأعمال، وتراكم المعرفة حول أهداف المؤسسة وثقافتها بمرور الوقت.
الذكاء الاصطناعي الوكيل يتخذ القرارات
يشير الذكاء الاصطناعي الوكيل إلى الأنظمة ذات الاستقلالية المتزايدة وقدرة اتخاذ القرار. على عكس الذكاء الاصطناعي التقليدي الذي يعالج المدخلات ويولّد المخرجات، يمكن للذكاء الاصطناعي الوكيل أن يبدأ الإجراءات ويتابع الأهداف بشكل مستقل ضمن معايير محددة.
تقاطع الشخصيات والوكلاء
يخلق تقاطع شخصيات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي الوكيل إمكانات تعاون جديدة. فكّر في هذه الأمثلة:
• إدارة سلسلة التوريد: لا يقوم نظام الذكاء الاصطناعي لشركة «تسلا» بمعالجة بيانات المخزون فحسب - بل إنه يضبط جداول الإنتاج بشكل مستقل، ويبدأ بإرسال أوامر توريد الأجزاء المطلوبة، ويعيد توجيه الشحنات بناءً على الطلب في الوقت الفعلي وتوقعات الاضطراب. يمكن للنظام أن يقرر تسريع بعض المكونات أو تبديل الموردين دون تدخل بشري، وإن كان ذلك ضمن معايير محددة مسبقاً.
• التداول المالي: لا تنفذ خوارزميات التداول الحديثة القواعد المحددة مسبقاً ببساطة. إنها تراقب بنشاط ظروف السوق وموجزات الأخبار وحالات وسائل التواصل الاجتماعي، وتتخذ قرارات مستقلة لفتح أو تعديل أو إغلاق المراكز. على سبيل المثال، يمكن لنظام التداول بالذكاء الاصطناعي الخاص بشركة ـ JPMorgan تعديل استراتيجياته بشكل مستقل بناءً على ظروف السوق المتغيرة.
• أمان الشبكة: لا ينتظر نظام Enterprise Immune System الخاص بـDarktrace فرق الأمن لتحديد التهديدات. إنه يتعلم سلوك الشبكة الطبيعي ويتخذ إجراءات مستقلة لمواجهة الهجمات المحتملة، مثل حجر الأجهزة المشبوهة أو حظر عمليات نقل البيانات غير المعتادة.
تُظهر هذه الأنظمة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي، لا الاستجابة للطلبات فقط، لكن أيضاً تحديد الفرص بشكل استباقي واقتراح التحسينات واتخاذ المبادرة ضمن معايير محددة.
التحديات والاعتبارات
ومع ذلك، فإن هذا التطور يطرح تحديات:
• الأصالة والثقة: مع تزايد تعقيد شخصيات الذكاء الاصطناعي، فإن الحفاظ على الشفافية أمر بالغ الأهمية. يجب على المؤسسات وضع إرشادات واضحة حول قدرات الذكاء الاصطناعي والقيود.
• المشاركة العاطفية: يكوّن الإنسان بشكل طبيعي روابط عاطفية مع شخصيات الذكاء الاصطناعي، التي يمكن أن تعزز التفاعلات، لكنها تثير أيضاً مخاوف أخلاقية بشأن التبعية والتلاعب.
• حدود الاستقلال: يُعدُّ وضع حدود واضحة للقرارات التي يمكن لشخصيات الذكاء الاصطناعي اتخاذها بشكل مستقل مقابل الحاجة إلى الإشراف البشري أمراً ضرورياً.
إدارة المستقبل
لتسخير هذه التقنيات بشكل فعال، يجب على المنظمات التركيز على:
• التصميم الهادف: يجب أن تتوافق شخصيات الذكاء الاصطناعي مع أهداف المؤسسة وقدراتها والمبادئ التوجيهية الأخلاقية.
• النهج الذي يركز على الإنسان: يجب أن يعزز الذكاء الاصطناعي القدرات البشرية بدلاً من استبدالها.
• الأطر الأخلاقية: يجب أن توجه الشفافية والخصوصية والحدود الواضحة تفاعلات الذكاء الاصطناعي.
• المراقبة المستمرة: يجب على المؤسسات تتبع سلوك الذكاء الاصطناعي لضمان الامتثال والفعالية.
أطر التنفيذ
يوفر إطار العمل المفتوح The OPEN framework (المخطط، والشراكة، والتجربة، والتنقل) عملية منهجية من أربع خطوات لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي، وتوجيه المؤسسات من التقييم الأولي إلى التنفيذ المستدام. يقدم إطار عمل CARE (الكارثة، التقييم، التنظيم، الخروج) هيكلاً موازياً لتحديد وإدارة المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، التي يمكن أن توجه المنظمات في تنفيذ شخصيات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال:
يساعد إطار عمل OPEN المنظمات على إطلاق العنان لإمكانات الذكاء الاصطناعي من خلال:
- تحديد الاحتمالات والأهداف
- تطوير الشراكات مع الذكاء الاصطناعي وأصحاب المصلحة
- التجريب باستخدام مناهج مختلفة
- التنقل بين القدرات المتطورة.
يساعد إطار عمل CARE في إدارة المخاطر المرتبطة من خلال:
- الكارثة لتحديد التهديدات المحتملة
- تقييم احتمالية المخاطر وتأثيرها
- تنظيم المخاطر من خلال الضوابط
- استراتيجيات الخروج عندما تسوء الأمور.
التطلع إلى المستقبل
يوفر مستقبل شخصيات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي الوكيل إمكانات غير مسبوقة للإدراك البشري والتعاون. ومع ذلك، فإن موازنة التقدم التكنولوجي مع الاعتبارات الأخلاقية أمر بالغ الأهمية.
إن شخصيات الذكاء الاصطناعي هي انعكاسات للقيم والثقافة الإنسانية. إلا أن تطوير شخصيات الذكاء الاصطناعي الأفضل ليس مجرد تحدٍ فني، بل هو تحدٍ إنساني. يجب على المؤسسات تجسيد القيم التي يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تعلمها وتكرارها.
يكمن النجاح في تبني الذكاء الاصطناعي «بتفاؤل ناضج» - والاستفادة من إمكاناته مع الاعتراف بالقيود. والهدف هو إنشاء شخصيات الذكاء الاصطناعي التي تعزز الإمكانات البشرية وتدعم العلاقات وتساعد الأفراد على أن يصبحوا نسخاً أفضل من أنفسهم.
لا يتعلق هذا التحول ببناء ذكاء اصطناعي أفضل فحسب - بل يتعلق بتعزيز مستقبل، حيث يزدهر الذكاء الاصطناعي والبشري معاً بطرق ذات مغزى.
* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»
aawsat.com