خبر ⁄صحة

نبات القنب يخفف من حدة أعراض التوحد

نبات القنب يخفف من حدة أعراض التوحد

أوضحت دراسة حديثة عُرضت في المؤتمر الأوروبي للطب النفسي (European Congress of Psychiatry) في مطلع شهر أبريل (نيسان) من العام الحالي في مدريد، لباحثين من جامعة ساو باولو في البرازيل، أن استخدام دواء مستخلص من نبات القنب (cannabidiol) يمكن أن يُحسن بدرجة كبيرة من أعراض اضطراب طيف التوحد (ASD) في الأطفال والمراهقين المصابين بهذا الاضطراب، ويساعدهم في التواصل الاجتماعي ويقلل من حدة السلوك التكراري.

اضطراب النمو العصبي

من المعروف أن مرض التوحد هو اضطراب في النمو العصبي يتميز بفشل مستمر في التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين، ويصيب على وجه التقريب طفلاً من كل مائة طفل حول العالم. وتتفاوت حدة الأعراض بشكل كبير، ولكن جميعها تشمل صعوبة في فهم المعاني غير المباشرة مثل المجاز، والدعابة، وصعوبة التعبير عن المشاعر، مما يسبب عزلة اجتماعية للطفل تنعكس بالسلب على نفسيته، بالإضافة إلى عمل سلوكيات روتينية متكررة.

وهناك بعض الأطفال يعانون من أعراض حادة مثل فرط النشاط وإيذاء النفس والسلوكيات العدوانية واضطرابات في النوم والشعور بالقلق، وبطبيعة الحال تسبِّب هذه الأعراض الإزعاج للمحيطين بالمريض، لذلك يحتاج الطفل إلى العلاج السلوكي والدوائي حتى يمكن السيطرة على مثل هذه التصرفات.

تجربة دواء نبات القنب

عرض الباحثون ثلاث دراسات أُجريت من خلال تجارب عشوائية محكمة على 276 من الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب طيف التوحد تتراوح أعمارهم بين 5 و21 عاماً. وكان متوسط الأعمار نحو 10 سنوات، وذلك لاختبار مدى فاعلية وسلامة استخدام دواء مستخلص من نبات القنب مقابل دواء وهمي في علاج الأعراض وقدرته على تخفيف حدتها. وقاموا في البداية بتجربة جرعة بسيطة من الدواء (1 مليغرام/ كيلوغرام فقط يومياً)، ثم زادت الجرعة بعد ذلك إلى (10ملغم/كلغم يومياً).

تقليل الرهاب الاجتماعي

وأظهرت النتائج أن استخدام الدواء أسهم بشكل كبير في تقليل الرهاب الاجتماعي للأطفال، وساعدهم على التواصل بشكل أفضل مع الآخرين، وتحسنت الاستجابة العاطفية لديهم، وأصبحوا أكثر إدراكاً لمشاعر المحيطين بهم والتفاعل معها بشكل مناسب تبعاً لكل موقف، وأفضل ما في الأمر أن الدواء قلَّل حدة الأعراض المزعجة مثل الانفعالات النفسية العنيفة والسلوكيات التكرارية والتخريبية، وكذلك قلَّت حدة التوتر والقلق، وحدث تحسن لجودة النوم بشكل واضح.

آمن وبلا آثار جانبية

ولاحظ الباحثون عدم وجود أي فروق جوهرية في الآثار الجانبية الخاصة بالدواء المستخلص من القنب مقارنةً بالدواء الوهمي (الدواء الوهمي لا يحتوي على أي مادة فعالة ولكن نفس شكل الدواء لتحييد التأثير النفسي)، مما يشير إلى مساحة الأمان الكبيرة في استخدامه حتى بعد زيادة الجرعات، وهو الأمر الذي يمهد لإمكانية استخدام الدواء على نطاق موسع في المستقبل القريب.

تأتي أهمية نتائج هذه الدراسة في أنها تعطي الأمل في الاستفادة من تأثير القنب على الجهاز العصبي من دون الخوف من آثاره الجانبية السلبية لأنه على الرغم من انتشار مرض التوحد فإن العلاج الحالي الذي يعتمد بشكل أساسي على العلاج السلوكي والأدوية لم يُثبت فاعلية كبيرة في السيطرة على الأعراض في معظم الحالات.

وفي الأغلب تشمل أدوية علاج اضطراب طيف التوحد الأدوية النفسية مثل مضادات الاكتئاب والمهدئات لعلاج القلق وأيضاً الأدوية المضادة للذهان، للسيطرة على المشكلات السلوكية الحادة خصوصاً التي تتميز بشكل تخريبي، بالإضافة إلى بعض الأدوية المحفزة للنشاط العصبي. ومشكلة هذه الأدوية أن فاعليتها تتفاوت بشكل كبير من طفل لآخر، وفي معظم الأحيان لا تستطيع السيطرة على السلوكيات التخريبية الحادة بجانب آثارها الجانبية الخطيرة على المدى الطويل.

aawsat.com