لماذا أصبح الجبن القريش نجم الوصفات لدى المهتمين بلياقتهم البدنية

تكثر مؤخراً وصفات الطعام الصحية؛ خصوصاً تلك التي تهدف إلى زيادة نسبة البروتين.
وتمتلئ صفحات اختصاصيي التغذية والمؤثرين المهتمين بالصحة والرياضة على مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من الوصفات، من قاعدة البيتزا إلى الحلوى والباستا، وغيرها، مع بروز نجم جديد على ساحة مشجعي تناول البروتين: الجبن القريش (cottage cheese).
بخلطه البعض في عصير «سموثي» مع إضافة مسحوق البروتين على الإفطار. وتقترح وصفة أخرى دهنه على شريحة من خبز العجين المخمر مع الأفوكادو المهروس في وقت الغداء، كما يمكنك تحويله إلى قاعدة بيتزا وخبزه في الفرن، واختيار إضافاتك الخاصة، أو ربما تحضير براونيز جبن القريش.
وتحتوي 100 غرام من الجبن القريش قليل الدسم على نحو 11 غراماً من البروتين، وهو مثالي لدمجه في نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية؛ لأنه بالإضافة إلى غناه بالعناصر الغذائية، فهو منخفض الكربوهيدرات والدهون والسكريات (خصوصاً بالمقارنة مع أنواع الجبن الأخرى)، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «إندبندنت».
وحسب التقرير، شهد الجبن القريش مؤخراً تغييراً جذرياً، متخلياً عن مكانته التي كان يتمتع بها في سبعينات القرن الماضي؛ إذ كان حينها يعدُّ مناسباً لمن لا يستطيعون المضغ.
وفي هذا المجال، أوضح سكوت بابتي، خبير التغذية ومبتكر وصفات غنية بالبروتين، أن الجبن القريش «مفيدٌ للغاية» لتحقيق أهدافك الغذائية الصحية.
وقال: «لقد اكتسب شعبية لسبب وجيه. فهو يحتوي على كمياتٍ عالية من البروتين، وخصوصاً الكازين بطيء الهضم، الذي يُساعد على الشعور بالشبع لفتراتٍ طويلة، مع دعم بناء العضلات وحرق الدهون، ويحتوي الجبن القريش أيضاً على معادن أساسية، بما في ذلك الكالسيوم وفيتامين بـ12 والمغنيسيوم، والتي تُعزز صحة العظام وتدعم وظائف الدماغ».
وابتكر بابتي بنفسه وصفة لفطائر الجبن القريش، تحتوي كل حصة على 33 غراماً من البروتين، وتبدو شهية للغاية.
ويشير إلى أنه يُمكن تعديل الجبن القريش ليصبح «خفيفاً يُشبه السوفليه»، والذي يُمكن تزيينه، وهو ساخنٌ من المقلاة، ببعض التوت الأزرق وقشر الليمون، لوجبة فطور غنية بالبروتين.
كما رأى بابتي أن دمج الجبن القريش في وصفاتٍ مبتكرة، وغالباً ما تكون غير متوقعة، يجعل البروتين «أكثر متعة وسهولة في الحصول عليه».
وأضاف: «ما كان يقتصر سابقاً على لاعبي كمال الأجسام أصبح الآن مناسباً لحفلات العشاء».
أما الدكتور آش كابور -وهو طبيب وخبير تغذية في عيادة ليفيتاس- فأكد أن هناك فوائد أخرى كبيرة لتناول الجبن القريش، وخصوصاً لصحة الأمعاء.
وقال: «منتجات الجبن القريش غالباً ما تحتوي على عناصر بروبيوتيك ومزارع بكتيريا حية، وهي مفيدة لصحة الأمعاء. عناصر البروبيوتيك مفيدة جداً لبكتيريا الأمعاء، فالأمعاء هي جهاز المناعة الأساسي، و70 بالمائة منها موجود في الأمعاء الدقيقة. لذلك إذا حافظت على صحة الأمعاء الدقيقة، فستحمي كل شيء تقريباً مع التمتع بصحة جيدة».
مع ذلك، فإن التوجه إلى الجبن القريش هو جزء من توجه أوسع نحو الأطعمة الغنية بالبروتين، باسم الصحة. وأصبحت عبارة «غني بالبروتين» هي العبارة السحرية التي تُضاف إلى أغلفة الأطعمة مؤخراً. ادخل إلى «السوبر ماركت» المحلي وستجد ممرات مليئة بملصقات إعلانية صارخة عن 20 غراماً من البروتين الموجود بطريقة ما داخل زبادي تيراميسو، أو لوح شوكولاتة.
وقال بابتي: «إن رؤية عبارة (غني بالبروتين) على الملصق قد تجعل الناس يفترضون أنه صحي تلقائياً، ولكن هذا ليس صحيحاً دائماً».
وأضاف: «بعض الوجبات الخفيفة الغنية بالبروتين تحتوي على نسبة بروتين أعلى بقليل من النسخة القياسية، وقد تحتوي أيضاً على نسبة عالية من الدهون المشبعة أو الصوديوم أو السعرات الحرارية».
على سبيل المثال، قد تحتوي كعكة البروتين على 20 غراماً من البروتين، ولكنها تحتوي أيضاً على 400 سعرة حرارية، بالإضافة إلى مستويات عالية من السكر.
وأشار بابتي إلى أهمية «قلب العبوة، والاطلاع على قائمة التغذية الكاملة، وليس فقط على المعلومات الغذائية الموجودة على مقدمة العبوة».
كما أوضح أن بعض وصفات الطعام التي شاهدها على الإنترنت «غير دقيقة»، محذراً من الإضافات.
لهذا السبب، عندما ترى وصفة كعكة الجبن القريش المغطاة بالعسل على «تيك توك»، فكِّر ملياً قبل أن تفترض أنها ستكون مفيدة لك.
وأوضح كابور أن بعض الأحماض الأمينية -وهي اللبنات الأساسية للبروتين- يمكن أن تتحول إلى سكر داخل الجسم، في عملية تُسمى استحداث الغلوكوز. معظم الأحماض الأمينية يمكن أن تتحول إلى سكر، لذلك يجب ألا ينخدع الناس بتناول مخبوزات أو ألواح أو مساحيق غنية بالبروتين؛ لأنها قابلة للتحول».
وقال إنه لا ينبغي لنا أن نعتقد أن مجرد كون شيء ما «غنياً بالبروتين» يعني بالضرورة أنه يحتوي على نسبة منخفضة من الكربوهيدرات أو الدهون أو السكريات. ويعتقد أن الشركات المصنعة تتحمل مسؤولية كبيرة من خلال ملصقاتها الصاخبة.
وأضاف: «في حين يُروَّج للجبن القريش باسم الصحة، عبر حملة علاقات عامة ناجحة، لا يسعني إلا أن أستشعر لمحة من (ثقافة النظام الغذائي السامة) في هذه الظاهرة. فبينما لا يُطلب منا تناول كميات أقل من الطعام، فإن الرغبة في النحافة تدفعنا إلى رحلة بحث لا تنتهي عن النظام الغذائي المثالي».
وقالت الدكتورة روز فاليز، قائدة برنامج بكالوريوس التغذية في جامعة هيرتفوردشاير، إن ضجة الجبن القريش يمكن ربطها بمعايير الجسم غير الواقعية وأنماط الأكل غير المنتظمة.
وأضافت: «إن وصف طعام واحد بأنه (معجزة) لفقدان الوزن يُبسط بشكل مبالغ فيه مسألة معقدة ومتعددة العوامل».
ومع أن الجبن القريش يمكن أن يكون جزءاً من نظام غذائي صحي، فإنه لا ينبغي أن نعد أي طعام حلاً سريعاً. ينبغي أن ينصبَّ التركيز دائماً على التوازن والاستدامة والاستمتاع، لا على التقييد أو التطرف.
aawsat.com