انقراض فلورا الشامية يهدد الثروة الحيوانية في سوريا

حذر خبراء زراعة في سوريا من انقراض وشيك لـ«البقرة الشامية» بشكلها النقي «فلورا»، كواحدة من السلالات النادرة في العالم، وناشدوا الجهات المعنية بحماية الحيوان محليا وعربيا ودوليا إنقاذ «البقرة الشامية»، والسلالات الحيوانية النقية في سوريا التي تضررت جراء الحرب والعقوبات الاقتصادية المزمنة.
المربي نور الدين حبوش الذي يملك مزرعة في الغوطة الشرقية على أطراف العاصمة، كان يملك قطيعاً كبيراً من الأبقار قبل الحرب، وقد تقلص إلى أقل من الربع بسبب «الجراد السوري الذي إذا حلّ بأرض حولها صحراء»، ملمحاً إلى ممارسات جيش النظام السابق في التدمير والسرقة. وقال إنه لولا إصراره وعائلته على البقاء في الغوطة خلال الحرب لما بقي للمزرعة أثر، لافتاً إلى أن الموطن الأصلي للبقرة الشامية هو الغوطة، فهي تتغذى على الأعشاب الخضراء النظيفة، ولا تأكل أعشاباً داستها الأرجل، كما تأنف الأعشاب الضارة، ما يجعل لحومها وحليبها آمنين وصحيين جداً.
ولفت حبوش إلى أن أهالي الغوطة كانوا يتناولون حليب البقر الشامي «البلدي» نيئاً دون غلي، ويعدون منه وجبة «المغطوط»، وهي إغراق رغيف خبز التنور بطبقة دسم الحليب النيء ورشها بالسكر.
ولكن، هذه «المجموعة من الحيوانات الزراعية هي اليوم على حافة الانقراض» بحسب الباحث بسام عيسى، الاختصاصي في التحسين الوراثي للأبقار في كلية الزراعة بجامعة دمشق. وقال: «أهم الأسباب عدم الاهتمام، وأبرزه عدم إخضاع هذه الأبقار لبرامج تطوير وراثي لتكون منافسة للعروق الأجنبية، لا، بل أخضعت في العقود الماضية لبرامج تهدف للتخلص من مورثاتها وإحلال المورثات الأجنبية مكانها».
وأشار عيسى إلى أن مبرر عدم الاهتمام كان عدم الجدوى الاقتصادية استناداً إلى إنتاجها الكمي من الحليب من دون الانتباه إلى مزاياها الأخرى التي تتفوق فيها على الأبقار المستوردة. ويضاف إلى ذلك معاناة الأبقار الشامية من نقص التغذية الكمية والنوعية بسبب العقوبات المفروضة على سوريا، حيث أثر غلاء الأعلاف وعدم تحسين سعر منتجاتها من الحليب مقارنة بحليب الهولشتاين لغناها بالدسم والبروتين وزادا عزوف المربين عن تربيتها، كما أسهمت النزاعات العسكرية في سوريا بخفض أعدادها من خلال ذبحها أو سرقتها وتهريبها إلى خارج سوريا.
وتشكل الأبقار نسبة 30 في المائة من الإنتاج الزراعي في سوريا. وكانت تعد عام 2010 حوالي مليون و111 ألف رأس تنتج ما يتجاوز 2.8 مليون طن من الحليب، تراجعت إلى 855 ألف رأس عام 2022، بحسب الأرقام الرسمية.
ولفت عيسى إلى أن «الموارد الوراثية المحلية سواء حيوانية أو نباتية هي ثروات أحيائية واقتصادية وثقافية، وتنوعها صمام أمان أمام التغيرات المناخية التي يتوقع أن تكون أشد في المستقبل».
محمد الحموي المهتم بشؤون البيئة والأنواع الحيوانية مثل «الفلورا» والصناعات الجلدية، وهو متطوع لإنقاذ سلالة «البقرة الشامية»، تحدث بأسف عن إهمال السوريين للبقر الشامي والبلدي، بينما إسرائيل تقوم بسرقتها عبر الجولان، والعمل على تحسينها، كما يتأسف الحموي لفقد البيئة السورية الشديدة التنوع العديد من السلالات الحيوانية كالحمار والدب وغيرهما، محذراً من انقراض يهدد أنواعا أخرى كالخنزير وبعض أنواع الضباع والذئاب. كما نبه إلى تركيز البحوث الزراعية في سوريا على تحسين الحليب واللحوم، وعدم الاهتمام بالجلود والصوف كمنتج اقتصادي هام.
aawsat.com