خبر ⁄سياسي

لا أكل ولا شرب .. صرخة لاجئين سودانيين في تشاد

لا أكل ولا شرب .. صرخة لاجئين سودانيين في تشاد

تطلق رشيدة يعقوب حسن وهي لاجئة سودانية في مخيم “تولوم” بدولة تشاد، صرخة استغاثة من واقع قاس تعيشه في المعسكر الذي وصلته قبل حوالي 7 أشهر هاربة من نيران الحرب في إقليم دارفور غربي البلاد، ووجدت نفسها محاصرة بالجوع والعطش في ظل شح المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات التطوعية.

ومع تصاعد وتيرة المأساة، دب اليأس في نفس رشيدة، وجعلها تفضل العودة إلى منزلها في مدينة الفاشر رغم ما تشهده من أعمال قتالية ضارية بين الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه، وقوات الدعم السريع، وهي تعبر في مقابلة مع () بمقولة سائدة في المشهد السوداني “الدانة ولا الإهانة” والتي ظل يستخدمها الفارون من القتال تعبيراً عن رفض الوضع السيء في مخيمات الإيواء، ومناطق النزوح.

وتقول “نعاني الجوع والعطش، ولا يوجد دواء في المخيم علما بأن وسطنا كبار في السن مصابون بأمراض مزمنة مثل السكري وضغط الدم، والرطوبة، وتنعدم أبسط مقومات الحياة، كما لا يوجد تعليم لأطفالنا، فنحن نناشد السلطات التشادية بأن تعيدنا إلى مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور إذا لم ترغب في تقديم الخدمات إلينا”.

الواقع القاسي نفسه يعيشه نحو 18 ألف سوداني وصلوا إلى معسكر تولوم بتشاد خلال الحرب الحالية بين الجيش وقوات الدعم السريع، كما يأوي المخيم لاجئين سودانيون آخرون يقيمون فيه منذ اندلاع القتال في دارفور بين حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير وحركات مسلحة، في العام 2003م.

 

نقص الغذاء

وفي هذا المخيم يُتَعَامَل مع اللاجئين على أساس أنهم مجموعتان منفصلتان، فيما يلي تقديم المساعدات وطرق توزيع الحصص الغذائية ومواد الإيواء، وبدأ اللاجئون الجدد الذين وصلوا بعد الحرب الحالية في السودان، الأكثر عناء من القدامى، إذ لم يحصل الكثيرون على حصص غذائية كافية ومواد إيواء، وفق ما نقلته اللاجئة خديجة إدريس لـ().

وتقول خديجة “نعيش في المعسكر منذ 7 أشهر، ولم نحصل على شيء، ونفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، حتى في أعياد اللاجئ والطفل لا يمنحوننا أي شيء، فاللجنة القديمة في المخيم تتعامل مع اللاجئين الجدد بنوع التعالي والغطرسة”.

وتضيف “نحث المنظمات الإنسانية بأن تتواصل مع اللاجئين الجدد مباشرة، وألا تتعامل معهم عبر وسيط لتقديم المواد الإغاثية، فقد تعمد الوسيط تأخير وصول الإغاثة لمستحقيها منذ أشهر”.

ووفق الأمم المتحدة، لجأ حوالي سبعمائة ألف سوداني – معظمهم من دارفور – إلى تشاد منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط شكاوى متزايدة من اللاجئين السودانيين في معسكر تولوم شرقي تشاد من انعدام المساعدات الإنسانية ونقص الخدمات الأساسية، بجانب تدهور الأوضاع في مختلف المجالات.

وتشير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إلى أن النزاع في السودان أجبر عدداً هائلاً من الأشخاص على العبور إلى تشاد بحثاً عن الأمان. وحتى تاريخ 6 سبتمبر، وصل أكثر من 400 ألف لاجئ سوداني إلى مقاطعات واداي وسيلا ووادي فيرا. وما يثير القلق أن 86% من هؤلاء اللاجئين هم من النساء والأطفال، مما يؤكد الطبيعة الحرجة للوضع والاحتياجات المحددة.

 

هاجس الأمن

بدوره يكشف ممثل اللاجئين الجدد في مخيم تولوم شرقي تشاد، آدم أحمد محمد عن معاناة كبيرة يواجهها اللاجئون الجدد منذ وصولهم في نوفمبر من العام 2023م، إذ يواجهون مضايقات مستمرة، بينما هم يطالبون بحقهم في الأكل والشرب والالتزامات الإدارية الأخرى، كما أن المكاتب العاملة في المجال الإنساني بالمخيم لا تتعاون معهم”.

ويقول في مقابلة مع () “المخيم يفتقد للمياه الصالحة للشرب، ويشهد انعدام في الخدمات الطبية، بجانب تدهور في الأمن، حيث تتعرض مساكن اللاجئين لسرقات مستمرة، وأن السلطات المحلية لا تتدخل لمنع هذه الجرائم، إذ يوجد 3 أفراد شرطة فقط في المعسكر، وليس لهم وسائل نقل، ويتحركون فقط بالدراجات النارية مواتر”.

ويضيف “تدهور الأمن يمثل أكبر الهواجس في مخيم تولوم، وفي كثير من الأحيان يقوم ممثلو اللاجئين بمهمة الحماية، ونناشد الجهات المعنية بالعمل على توفير الأمن، وسبل لتعليم الأطفال الذين طوال 7 أشهر لم يذهبوا إلى فصول الدراسة”.

ولم تتوقف المعاناة عند هذا الحد، وبحسب آدم أحمد، فإنه توجد إشكالية في صرف الحصص الغذائية، حيث كانت أول حصة غذائية في ديسمبر 2023م، وتخطت الجهات المسؤولة شهر يناير، ووزعت حصة فبراير 2024م ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لم تقدم أي مساعدات وحصص غذائية للاجئين، وتوجد منظمة واحدة فقط تقدم دعم طبي، وهي أطباء بلا حدود”.

 

تهديدات واسعة

وتابع “هناك تهديدات من القيادات القدامى في المعسكر، ويزعمون أن عدد اللاجئين السودانيين القدامى يقارب 32 ألفاً، بينما في الواقع لا يتجاوز عددهم 5 آلاف، في حين أن العدد الفعلي للاجئين الجدد يتراوح بين 18 – 20 ألف شخص، فأنا أرفض كل أشكال التهديد، وذلك لن يمنعني من المواصلة في المطالبة بحقوق اللاجئين الجدد، كما نحث المنظمات للتعامل مع اللاجئين مباشرة بدلا عن الوكلاء”.

وكان المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي قال إن “دولة تشاد بحاجة ماسة إلى المزيد من الدعم الدولي لمساعدتها على التعامل مع الزيادة في أعداد اللاجئين القادمين من السودان، موضحاً أن الوضع الإنساني المتردي الذي يتضح على الأرض، بحاجة إلى بذل جهود دولية لتلبية الاحتياجات العاجلة والطويلة الأجل للاجئين والمجتمعات المضيفة.

وأضاف المسؤول الأممي “لا يقوى هؤلاء اللاجئون والمجتمعات السخية التي تستضيفهم على الانتظار حتى تنتهي الأزمة ولكي يحظوا باهتمام العالم ودعمه، يجب علينا أن نواصل تعزيز الاستجابة الإنسانية بشكل عاجل مع إرساء أسس تنمية اجتماعية واقتصادية متينة في المستقبل‘‘.

وشدد غراندي، منذ بدء التدفق البشري، نقلت المفوضية وشركاؤها حوالي نصف اللاجئين الذين وصلوا حديثاً إلى مواقع إقامة آمنة ومناسبة. ومع ذلك، لا يزال ما يقرب من 170 ألف شخص في أدري والمناطق الحدودية الأخرى، إلى جانب الوافدين الجدد، ينتظرون نقلهم إلى أماكن أخرى على نحو عاجل، ويعتمدون على توفر الموارد.

 

3ayin.com