خبر ⁄سياسي

30 قصة حزينة عصية على النسيان من حرب إبادة غزة

30 قصة حزينة عصية على النسيان من حرب إبادة غزة

كثيرة هي القصص الحزينة التي تغرق قطاع غزة الذي يعيش منذ عام حرب إبادة لقي فيها حتى الآن -بحسب الأرقام الرسمية- حوالي 42 ألف شهيد مصرعهم، بينهم نحو 17 ألف طفل، ونحو 12 ألف امرأة، وحوالي 2500 مسنّا.

وفي زحمة الأحداث الكبرى التي تشهدها المنطقة التي تعيش على شفا حرب إقليمية ستأكل الأخضر واليابس إذا اندلعت، واغتيال القيادات البارزة لحركات المقاومة، والقصف الإيراني الثاني لإسرائيل، وتهديد إسرائيل بالرد، وتعزيز الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة، تكاد تنسى تلك القصص الصغيرة الحزينة، التي تحرك العالم وإن بدت بسيطة، وتظهر الوجه الحقيقي البشع لحرب الإبادة تلك.

وفي ظل استحالة حصر كل المشاهد الحزينة بالقطاع المنكوب، نقدم فيما يلي 30 من مشاهد حرب الإبادة المستمرة ربما تعكس بعض معاناة أهل غزة المستمرة منذ عام.

1- أسماء على الأطراف لتجمع في كفن واحد

في كل بلاد الدنيا، يمسك الآباء أطفالهم الصغار للعب معهم، دفعا وقرصا وضربا خفيفا وسط صيحات وضحكات، لكن في غزة، تصارع الأم أو الأب مشاعر الأبوة المتدفقة للإمساك بقلم لكتابة أسماء أطفالهم على أطراف أجسادهم الغضة.

صور لأطفال السيدة رجاء محمد وقد خطت أسماؤهم على بطونهم لئلا يكونوا جثثا "بلا هوية"(الجزيرة)

حتى إذا استشهدوا بقصف صواريخ أميركية من زنة ألف طن، يجد المنقذون بعض أطرافهم المشتتة هنا وهناك وهنالك، فيجمعونها في كفن واحد، أو مع أجزاء أخرى من أطراف أجساد تحمل التوقيع الحزين نفسه.

وكثيرة هي المقابر الجماعية في قطاع غزة التي تحوي قبورا مجهولة، تضم أطرافا لأجساد مختلفة جمع بينها القصف الإسرائيلي بأسلحة أميركية.

2- وإذا الخدج سئلوا بأي ذنب قتلوا

في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى للأطفال بشمال قطاع غزة كان اسمه مستشفى النصر، وطردت طاقمه من الأطباء والممرضين وحتى المرضى.

المثير أن قوات الاحتلال منعت الأسر من نقل أطفالها الخدج الذين كانوا في العناية المركزة؛ مما اضطر تلك الأسر تحت التهديد بالقتل إلى ترك فلذات أكبادها لمصيرها.

بعد أربعة أيام، انسحب الجيش الإسرائيلي، وعاد الأطباء إلى المستشفى، فوجدوا جثث الخدج وقد تحللت على الأسِرّة.

قبلها بأيام، كانت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة قد أعلنت أن 39 رضيعا بقسم العناية في مجمع الشفاء الطبي بقطاع غزة مهددون بالوفاة جراء انقطاع الأكسجين.

لا توجد أرقام دقيقة عن وفيات الأطفال الخدج، لكن المؤكد أنه إلى حدود الأربعاء استشهد أكثر من 16891 طفلا فلسطينيا (من أصل 41615 شهيدا)، وهذه الإحصائية الفلسطينية الرسمية لا تشمل الأطفال الذين لا يزالون تحت الأنقاض ولم تنتشل جثثهم بعد.

 

3- ريم روح الروح

كان اسمها ريم، وعمرها أوقفته صواريخ الاحتلال عند العام الثالث، كانت تعيش حياتها بسعادة مع أخيها طارق كأي طفلة عادية في أي بقعة من العالم. لكن في إحدى ليالي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قصفت قوات الاحتلال بيتهم في قطاع غزة، فانهار على الجميع، وارتقت ريم شهيدة مع أخيها طارق.

نجا جدها وصديقها خالد نبهان (أبو ضياء) من موت محقق برفقة زوجته وعدد من أفراد أسرته، وأنقذ من تحت الركام، ثم سرعان ما ظهر على مقطع فيديو وهو يعانق الشهيدة ريم ويخاطب الناس قائلا "هذه روح الروح".

انتشر المقطع انتشار النار في الهشيم في كل مناطق العالم، وأبكى الملايين في القارات كلها، وسرعان ما تلته مقاطع فيديو أخرى بعضها يظهر الجد خالد نبهان وهو يلعب مع حفيديه ريم وطارق، وبعضها يشرح فيه الجد كيف كان يلاعب حفيديه، ويستمتع بشغبهما.

وفي أحد تلك المقاطع يحكي أبو ضياء كيف أن ريم خاطبته ساعات قليلة قبل استشهادها في شغب ودلال "هل ما زلت تتذكر الموز يا جدي؟ هل ما زلت تذكر البطيخ؟". وكان قد مضى نحو شهرين لم تتذوق فيهما ريم أي نوع من أنواع الفواكه.

حتى حبة "الكلامنتين" الصغيرة (البرتقال) التي جلبها لها جدها حرمتها الصواريخ منها، وظلت لأيام لا تغادر جيبه.

رزق أبو ضياء في يوليو/تموز الماضي بحفيدة جديدة أطلق عليها اسم "روجاد"، ومعناه "وقت صلاة الفجر".

عوني الدوس كان يأمل أن يصبح يوتيوبر شهيرا (مواقع التواصل)

4- عوني الدوس "المهندس الصغير"

عوني، طفل فلسطيني من غزة لم يتجاوز 13 عاما من عمره، كان حلمه أن يصبح صاحب قناة ناجحة على موقع يوتيوب، وأن يصبح عدد المشتركين في قناته 100 ألف مشترك، أو ربما 500 ألف، أو مليونا، أو 10 ملايين، أو أكثر.

كان يلقب بـ"المهندس الصغير" لعشقه للحاسوب والإنترنت والألعاب الإلكترونية، كما اشتهر داخل مدرسته بحبه للاكتشافات العلمية، والكل كان يتوقع له مستقبلا زاهرا.

لكن صواريخ الاحتلال كان لها رأي آخر، إذ كان بيت عوني من أوائل البيوت التي قصفت في الأسبوع الذي تلا طوفان الأقصى، وانضم عوني الدوس لقافلة الأطفال الشهداء في غزة.

وسرعان ما انتشرت مقاطع الفيديو الخاصة به بعدما وجدت طريقها إلى مشاهير التواصل الاجتماعي، وحقق الشهرة التي كان يحلمها بها، وإن بعد استشهاده، ولا شك أنه سعيد بها الآن.

5- شاب مصاب بمتلازمة داون وبالتوحد تنهشه الكلاب

اسمه محمد بهار، وهو شاب فلسطيني عمره 24 عاما، كان مصابا بمتلازمة داون، وتحكي أمه أنه أصيب في آخر عمره بالتوحد؛ مما زاد أوضاعه الصحية تعقيدا.

كانت أمه تغير له ملابسه، وتنظفه، ولا يكاد يأكل ولا يشرب إلا من يدها، ولا يتحرك إلا بمساعدة أفراد أسرته.

في 3 يوليو/تموز داهمت قوات الاحتلال أسرته في غزة بعد أيام طويلة من القصف المكثف لكل المنطقة، وتحكي الأم أن أفراد الأسرة تجمعوا في بيت صغير خوفا من رصاص الاحتلال، في حين بقي محمد داخل الصالة وهو الذي لا يستطيع أن يهرب أو أن يجري.

الشاب محمد بهار المصاب بـ"متلازمة داون" الذي نهشه كلب الاحتلال (مواقع التواصل)

وسرعان ما اقتحم البيت كلب مدرب على القتل، فبدأ يمزق جسد محمد المصاب بمتلازمة داون والتوحد، وهو يخاطبه "خلاص يا حبيبي خلاص"، والدماء تملأ الكرسي الذي كان يجلس عليه.

منع جنود الاحتلال الأم المكلومة من إنقاذ ابنها، ثم أكدوا لها أنهم جلبوا له طبيبا عسكريا خاصا، وطلبت منهم منحه ماء ليشرب وقد سمعت صوته المقهور يسأل ماء ليشرب، فأكدوا لها مرة أخرى أنه شرب وارتاح.

بعدها انقطع صوت محمد الذي كان يأتي خافتا من الصالون، وصعقها أحد الجنود بقوله "محمد، خلاص". ولم يكذب الجندي الإسرائيلي، فقد ارتاح محمد فعلا، وانتقل شهيدا ليلتحق بأبيه الشهيد.

6- "هي أمي بعرفها من شعرها"

في كل بقاع الدنيا يتعرف الأطفال على أمهاتهم، من خلال وجوههم، وصورهم أو أصواتهم. لكن في غزة الحكاية مختلفة قليلا.

في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لطفلة فلسطينية تصرخ من أعماق قلبها بأنها تعرفت على أمها، وشرعت تطلب من الطاقم الطبي تركها لترى أمها، أو ما بقي منها.

وبرغم المحاولات الحثيثة للطاقم الطبي لثنيها عن ذلك بدعوى أنها ليست أمها وأن الأمر يتعلق بسيدة تشبهها، واصلت الطفلة صراخها وبكاءها الحارق "هي أمي، بعرفها من شعرها"!.

ولم تفتأ الطفلة تصرخ وتبكي أمام خيمة المسعفين "والله ما بقدر أعيش من دونك يما، يما ليش يما"، وتطلب من المسعفين تركها لتلقي نظرة أخيرة على جثمان أمها.

مضت الطفلة المكلومة تعدد الشهداء من عائلتها، جدها وجدتها وعمتها وأولاد عمتها، وها هو الاحتلال يقتل أمها وأختها، وبين كل دمعة حارقة وأخرى تطلب تركها ترى أمها، فقد عرفتها مما بقي من شعرها، وهل يكذب شعر الأم؟

7- جثمان التصق بالجدار وبالذاكرة

اسمها سيدرا حسونة، عمرها كان 7 سنوات، هُجّرت من بيتها برفقة أسرتها من شمال غزة، وانطلق الجميع إلى رفح التي ظن الكثيرون أنها ملجأ آمن من قصف الاحتلال الذي لا ينتهي حتى يبدأ.

في فبراير/شباط الماضي، صعق العالم لانتشار صورة لجثمان الطفلة سيدرا وقد التصق ما بقي من جسدها بأحد الجدران، على إثر قصف إسرائيلي مكثف قتل أمها وإخوتها الصغار وعددا من أقاربها.

This is 7 year old Sidra, the cousin of my wife. The impact of the Israeli missile was so powerful it flung her out, leaving her mutilated body dangling from the ruins of the destroyed building in Rafah 48 hours ago. My wife’s aunt Suzan, her husband Fouzy Hassouna, two of their… pic.twitter.com/0RFgyPUdzu

— Husam Zomlot (@hzomlot) February 14, 2024

استشهدت سيدرا، وهي من أقارب سفير فلسطين في بريطانيا حسام زملط، وانتشرت صورتها عبر ربوع العالم.

ورثتها الشاعرة البريطانية لوسي كوتس بقصيدة حزينة، مثلما رثاها موسيقون بمقاطع موسيقية حزينة.

وقد حرصت أمهات غربيات على شراء لباس مماثل لذلك الذي كانت ترتديه سيدرا في بعض مقاطع الفيديو التي كانت تظهر فيها سعيدة فرحة بالحياة، وألبسنه بناتهن تخليدا لذكرى الشهيدة الصغيرة.

" الأولاد ماتوا بدون ما ياكلوا "

الحال بوجّع القلب ..