المركز الأفريقي يكشف عن 1100 حالة اختفاء قسري في السودان: حقائق وأرقام مقلقة
متابعات _ عزة برس
أفاد المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام بأنه قام بتوثيق 118 حالة اختفاء قسري في السودان، تتألف من 102 حالة للذكور و10 حالات للإناث، وذلك من بين 1100 حالة تم رصدها منذ بدء النزاع في أبريل 2023.
كشف المركز، أثناء ندوة حول قضية الاختفاء القسري للأطفال والنساء في العاصمة اليوغندية كمبالا، عن إحالة ملفي الاختفاء القسري إلى لجنة حقوق الطفل الأفريقية، بالإضافة إلى سبعة ملفات أخرى إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري في جنيف، وذلك كجزء من جهود الضغط من أجل إطلاق سراح الضحايا وضمان حقوقهم.
قالت باحثة في المركز، فضلت عدم الكشف عن هويتها، في تصريح لراديو دبنقا، إن انخفاض عدد الحالات المسجلة لختفاء النساء يعود إلى عدة عوامل، من بينها صعوبة توثيق حالات الاختفاء القسري بسبب الطبيعة المعقدة لهذه الجريمة، التي غالبًا ما تتضمن انتهاكات إضافية مثل التحرش أو الاغتصاب، مما يزيد من مخاوف الأسر من الوصمة الاجتماعية.
وأوضحت أن بعض الأسر تتجنب مناقشة حالات اختفاء النساء بسبب الخوف من العار الاجتماعي، مما يصعّب عمليات المراقبة ويقلل من دقة التوثيق. وأشارت إلى أن الحالات التي وثقها المركز، والتي بلغت 118 حالة، تتنوع أعمار ضحاياها بين كبار السن والشباب، حيث تشكل فئة الشباب النسبة الأكبر بين المختفين. وقالت الباحثة إن “غالبية المختفين يُحتجزون في أماكن يعرفها بعض أفراد أسرهم، بينما يظل الآخرون في مواقع غير معروفة، مما يجعل من الصعب توثيق حالاتهم بدقة.”
وطبقا لما ذكر، فقد استطاع المركز التواصل بشأن سبع حالات مع لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري، وقد أسفر هذا التواصل عن إطلاق سراح شخص واحد بعد تواصل اللجنة مع السلطات السودانية، وهو ما اعتبره المركز دليلاً إيجابياً. ومع ذلك، لم تتلقَ باقي الحالات أي رد من الحكومة حتى الآن. أشارت إلى أن المعايير الخاصة بتقديم القضايا إلى الهيئات الدولية تستلزم موافقة أسر الضحايا، مع الإشارة إلى أن بعض العائلات قد ترفض أحيانًا إحالة القضية رغم توفر المعلومات المطلوبة. وأظهرت أنه توجد أربع حالات مماثلة رفضت عائلاتها اتخاذ الخطوات الدولية على الرغم من استكمال جميع المعلومات ذات الصلة بها. وأشارت الباحثة إلى أن المركز يواجه صعوبات كبيرة في عمليات الرصد والتوثيق، نتيجة الانقطاع المستمر للإنترنت وخوف أسر الضحايا من تقديم المعلومات خشية الانتقام أو التهديدات، فضلاً عن قلقهم على حياة المحتجزين، حيث يخشون أن يتعرضوا للتعذيب أو القتل في حال تم الكشف عن معلومات تتعلق بمصيرهم.
تحدثت عن الأنشطة التي يقوم بها المركز لدعم أسر المعتقلين قسريًا، حيث يعمل على مساعدتهم في تقديم بلاغات للنيابة العامة في مختلف الولايات، لضمان حماية حقوقهم وتوثيق حالات الاختفاء بصورة رسمية. من ناحيته، أوضح المدير التنفيذي للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، مساعد محمد علي، أن ظاهرة الاختفاء القسري في السودان تتصاعد بشكل منظم، وأن هذا النوع من الانتهاكات غالبًا ما يُمارَس من قبل جهات سيادية تشمل قوات الدعم السريع، واستخبارات الجيش، والأمن الشعبي، وميليشيات مرتبطة بالنظام السابق. أفاد مساعد، في تصريح له لراديو دبنقا، أن الاختفاء القسري يُعتبر جريمة معقدة تبدأ من الاعتقال أو الاحتجاز غير القانوني، ويكون مصحوبًا بانتهاكات أخرى مثل التعذيب، وأحيانًا القتل خارج إطار القانون أو أثناء فترة الاحتجاز.
وأوضح أن المركز لاحظ زيادة في استهداف النشطاء في مجالات الحقوق والسياسة والخدمات، بالإضافة إلى أعضاء لجان المقاومة وغرف الطوارئ، حتى في المناطق الريفية والنائية. كما ذكر أن هناك أعدادًا كبيرة من الجثث المتراكمة في المشارح، حتى قبل حرب أبريل، مما يُشير إلى أن المفقودين قد يكونوا قد قُتِلوا. أكد مساعد أن تنظيم المائدة المستديرة هدف إلى توحيد جهود منظمات المجتمع المدني للتصدي لهذه القضية.
وأوضح أن أسر المفقودين تعاني من أوجاع مستمرة كلما طالت فترة الغياب، مما يجعل قضية الاختفاء القسري جريمة فريدة ومعقدة. وذكر أن الاجتماع أسفر عن مجموعة من التوصيات التي أكدت على أهمية التركيز على عمليات الرصد والتوثيق، وتنسيق الجهود لزيادة الوعي حول جريمة الاختفاء القسري، بالإضافة إلى تعزيز التدخلات القانونية لمحاسبة المسؤولين وضمان حصول الضحايا وعائلاتهم على تعويض مناسب. وأشار إلى أن المركز يخطط في المرحلة القادمة للتركيز على توثيق المقابر الجماعية وحالات اختفاء الأطفال وذوي الإعاقة، بالإضافة إلى الفئات الأكثر ضعفًا، في سياق جهوده لتسليط الضوء على هذه الجريمة وتعزيز قاعدة الأدلة بشأن الانتهاكات.
دبنقا
azzapress.com