هل تكتب معركة جباليا الثالثة نهاية خطة الجنرالات بشمال غزة
في أرض مكشوفة بالكامل وأصوات طائرات الاستطلاع الإسرائيلية "الزنانة" كما يسميها أهالي غزة تملئ المكان، يخاطر أحد مقاتلي كتائب القسام بحياته ويتقدم ليزرع عبوة ناسفة من طراز (شواظ) في أحد شوارع مخيم جاليا شمال القطاع، قبل أن ينجح في العودة لنقطة آمنة ويفجر العبوة لاحقا في دبابة ميركافا إسرائيلية.
كاميرا القسام وثقت هذا المشهد في فيديو لجانب من جوانب المعركة التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل 26 يوما على مخيم جباليا، للمرة الثالثة منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك بعد اجتياحين في ديسمبر/كانون الأول 2023 ومايو/أيار 2024.
وخلال 26 يوما من المجازر المروعة بحق المدنيين استشهد نحو ألف فلسطيني، إضافة إلى مئات الجرحى والمعتقلين، كما تسبب القصف العنيف في تدمير أحياء سكنية كاملة وتهجير عشرات آلاف الفلسطينيين جنوبا، وفق أرقام رسمية فلسطينية.
ورغم أن مساحة جباليا لا تتجاوز 1.5 كيلومتر مربع، فإن قوات الاحتلال دفعت بثقلها في هذه المعركة على أمل كسر المقاومة الفلسطينية الشرسة في المخيم، فحشدت لهذه المعركة الفرقة 162 الإسرائيلية المدرعة، ودعمتها باللواء المدرع 460 ولواء غفعاتي (قوات خاصة)، أي ما يقدر بنحو 50 ألف جندي، بمساندة جوية ومدفعية مكثفة وطائرات استطلاع حديثة.
واعتمد جيش الاحتلال في عمليته العسكرية الثالثة على جباليا أسلوب "الأرض المحروقة" من القصف العشوائي، والأحزمة النارية، وتدمير المباني بالروبوتات والبراميل المتفجرة إضافة لحصار السكان ومنع إدخال الماء والطعام، بهدف تهجير سكان المخيم بالقوة وتحويل شمال غزة لمنطقة أمنية عازلة لتحقيق "خطة الجنرالات" الإسرائيلية.
في المقابل، اعتمدت المقاومة إستراتيجية "اللامركزية" خلافا لما حدث في المعارك البرية السابقة، ورجح الخبير العسكري اللواء فايز الدويري أن تكون كتيبة جباليا قد قسمت مقاتليها إلى خلايا عنقودية كل خلية تضم من 3 إلى 5 مقاتلين، حيث يختار قائدها الأهداف بناء على المعطيات الميدانية.
ورغم كثافة النيران الإسرائيلية واعتمادها على إستراتيجية جديدة وهي حصار مخيم جباليا بلواء مدرع كامل أي قرابة 111 دبابة لمنع المقاومة الفلسطينية في مدينة غزة وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون من دعم جباليا، فإن المقاومة نجحت في تدمير عشرات الدبابات الإسرائيلية.
وفي ضربة كبرى نجحت المقاومة الفلسطينية في اغتيال قائد اللواء 401 بالجيش الإسرائيلي العقيد إحسان دقسة مع عدد من الضباط في كمين بعبوة ناسفة استهدفتهم بشكل مباشر في جباليا.
ومع تصاعد هجمات المقاومة اضطرت قوات الاحتلال بعد 25 يوما من القتال إلى سحب اللواء المدرع 460 من جباليا، كما أعادت نشر قوات في شمال غزة، حيث سحبت قواتها من الأحياء السكنية واكتفت بحصار المنطقة من جميع الجهات مع تكثيف قصفها الجوي والمدفعي على جباليا، وفقا لإذاعة الجيش الإسرائيلي.