تكليف أربعة وزراء جدد .. هل يزيل الغبن عن شرق السودان ويحدث تغييرا جوهريا
أمستردام:4 اكتوبر 2024 :راديو دبنقا
أصدر رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان ، أمس الاثنين، قرارات بإنهاء تكليف وزراء الخارجية ، والثقافة والإعلام، والتجارة والتموين، والشؤون الدينية والأوقاف، وتكليف أربعة آخرين وهم السفير علي يوسف أحمد الشريف بمهام الخارجية، وخالد الاعيسر للثقافة والإعلام ، وعمر بانفير بمهام وزير التجارة والتموين، وعمر بخيت بمهام الشئون الدينية والأوقاف.
ومن أبرز ملامح تكليف الوزراء الجدد هي الاستجابة لمطالب القيادات الأهلية والمجتمعية في شرق السودان حيث أن اثنين من الوزراء (عمر بانفير وزير التجارة، وعمر بخيت وزير الشئون الدينية والأوقاف) هما من شرق السودان، وذلك في أول تكليف لوزراء من الشرق منذ انقلاب 25 اكتوبر.
وتحمل التكليفات الجديدة اتجاهاً لإحداث تغيير في ملفات العلاقات الخارجية بالمزيد من توثيق الصلات بمصر والصين وذلك عبر تكليف وزير يتمتع بعلاقة وثيقة مع الدولتين، ويعتبر التكليف الحالي في الخارجية هو الثالث من نوعه خلال 10 أشهر ، حيث جرى تكليف السفير علي الصادق في يناير من العام الجاري يليه السفير حسين عوض في أبريل بعد مرور عام على الحرب، وأخير تكليف السفير علي يوسف أمس الاثنين.
ولم يتمكن أي من وزراء الخارجية الذين تم تكليفهم خلال الفترة الماضية من احداث اختراق في ملف رفع تجميد أنشطة السودان في الاتحاد الأفريقي، أو فيما يتعلق الشكاوى في مواجهة الدول التي تتهمها السلطات بمساندة الدعم السريع.
و يأتي تكليف الاعلامي خالد الاعيسر بمهام الثقافة والاعلام في إطار المزيد من التصعيد الإعلامي خلال الحرب الدائرة التي تتسع دائرتها باستمرار ، كما اعتبره مراقبون مكافأة للذين تصدروا المواجهات الإعلامية منذ اندلاع الحرب.
ترحيب حذر في شرق السودان
أبدى مواطنون من شرق السودان، في استطلاع أجراه راديو دبنقا، ارتياحهم لتكليف اثنين من الوزراء من شرق السودان لأول مرة من انقلاب 25 اكتوبر مطالبين بتعيين عضو من شرق السودان بمجلس السيادة.
واعتبر عبدالله اوبشار، مقرر المجلس الأعلى لنظارات البجا، في مقابلة مع راديو دبنقا، تكليف الوزيرين خطوة مهمة في إطار الاستجابة لمطالب شرق السودان، مبينا أن القرار وجد رضا وقبول لدى قطاعات واسعة.
ولكنه أكد في الوقت نفسه أن هنالك الكثير من المطالب في انتظار التنفيذ من بينها المنبر التفاوضي الخاص بالشرق، وإزالة المظالم التاريخية، والتوزيع العادل للسلطة والثروة. وقال إن تكليف الوزيرين جرى بعد مطالبات متكررة من قبل عدد من الجهات الأهلية والسياسية في شرق السودان، مشيراً إلى أن غياب التمثيل في المواقع التنفيذية أثر على الأوضاع في الإقليم .
وقال إن الحكومة ظلت تبررعدم تعيين مسئولين من شرق السودان في مجلسي السيادة والوزراء طوال العامين الماضيين بخلافات وتباينات بين مكونات شرق السودان القبلية، ووصف تلك المبررات بغير المنطقية مشيرا إلى تمثيل مواطني شرق السودان في حكومة الفترة الانتقالية بدون أي اعتراض رغم استمرار التباينات. وأضاف ” قضيتنا ليست استيعاب أو تمثيل أشخاص بل الحصول على حقوقنا المغيبة”.
انتصار معنوي ونفسي
من جانبه، قال همرور حسين الناشط المدني بولاية كسلا لراديو دبنقا إن تكليف وزيرين من شرق السودان جاء على خلفية مطالبات متكررة من مجموعات من مواطني الإقليم، ولكنه قلّل في الوقت ذاته من تأثير القرار على الأوضاع في الشرق مبيناً إن التعيين يأتي فقط في إطار التمثيل ويمثل انتصارا معنويا ونفسياً ولكنه لن يغير من حقيقة الأوضاع شيئا.
وقال همرور إن هموم مواطني شرق السودان أكبر بكثير من قضايا التعيين والاستيعاب في الوظائف، وتتمثل في التنمية وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، ومعالجة أوضاع النازحين مشيرا في الوقت ذاته إلى عدم تمثيل شرق السودان في مجلس السيادة، وأن التمثيل الحالي في مجلس الوزراء لا يتناسب مع نسبة السكان في شرق السودان.
وأعرب همرور عن قلقه إزاء ارتفاع الصوت القبلي والاثني مما يقود إلى المطالبة بتعيين أشخاص من الإقليم بغض النظر عن الكفاءة.
معالجة لقضية تمثيل شرق السودان
وبشأن تعيين وزيرين من شرق السودان، اعتبر الناشط المدني بولاية القضارف جعفر خضر في حديث لراديو دبنقا ذلك أمرا ايجابيا من شأنه أن ينهي الشكوى من ضعف التمثيل، بغض النظر عن مؤهلات الوزراء المكلفين، داعياً لسياسات منصفة لكل السودانيين في جميع المناطق مشيرا إلى ضرورة أن يعمل الوزراء على مساعدة المواطنين لكي يعيشوا حياة كريمة في ظل الحرب، وشدّد على ضرورة أن يقوم الوزراء بدورهم تجاه النازحين جراء هجمات الدعم السريع مع اتخاذ سياسات على تساوي بين المواطنين.
من جهته اعتبر إبراهيم إسماعيل جامع القيادي في مبادرة منصة نادي البجا تعيين وزيرين من شرق السودان بمثابة خروج لشرق السودان من خانة الصفر في التمثيل المركزي .
وكان شيبة ضرار رئيس تحالف أحزاب وحركات شرق السودان اتهم البرهان في ندوة ببورتسودان يوم الأحد بتغييب تمثيل الشرق في مجلسي السيادة والوزراء.
تقاطعات في الملفات الخارجية
وصف الصحفي طاهر معتصم وزير الخارجية الذي تم تكليفه أمس الاثنين السفير علي يوسف بالدبلوماسي المعتق وقال إن بإمكانه إحداث بعض التغييرات في الخارجية.
وأشار معتصم في الوقت نفسه، في حديث لراديو دبنقا، إلى صعوبة عمل وزارة الخارجية في ظل تقاطعات مراكز القوى الموجودة في بورتسودان، وضرب على ذلك أمثلة لبيانات الخارجية التي ظلت تتضارب مع تصريحات البرهان.
ونبه طاهر معتصم إلى حالة من الارتباك في الوضع الدبلوماسي بسبب الحرب الدائرة وإجراءات مراكز القوى مبيناً أن هنالك تباينات غير مسبوقة بين أطراف متعددة مشيراً إلى تصريحات ياسر العطا والحركات المسلحة.
وبحسب سيرته الذاتية فقد قضى وزير الخارجية المكلف أكثر من 40 عاماً في الخارجية قبل أن يتقاعد في 2013م، وقال سفراء متقاعدون لراديو دبنقا إن وزير الخارجية الذي تم تكليفه علي يوسف يتجاوز عمره ال 75 عاماً، ويعاني من متاعب صحية، وأعربوا عن استغرابهم لتعيينه في وزارة تحتاج إلى أسفار وحركة مستمرة.
ولكن جهات أخرى ترى أن الوزير الجديد يحظى بعلاقات جيدة مع الصين حيث عمل سفيراً لدى الصين وشغل كذلك منصب المدير التنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية، كما أنه يحظى بعلاقات اجتماعية وطيدة مع مصر فضلاً عن عمله رئيساً للمبادرة الشعبية لدعم العلاقات السودانية المصرية.
ونال السفير علي يوسف على بكالريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة الخرطوم عام 1972، والدبلوم العالي في العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم عام 1973، و درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة تشارلس- براغ تشيكوسلوفاكيا عام 1988.
وعمل السفيرعلي يوسف دبلوماسياً في وزارة الخارجية السودانية في الفترة من 1973 إلى 2013 م، وذلك في عدد من المحطات أبرزها تونس، السعودية،اليمن، كينيا . كما عمل سفيراً لدى الصين ، والاتحاد الأوروبي ومملكة بلجيكا، جنوب افريقيا وشغل منصب المدير العام لوكالة السودان للأنباء ومستشارا والي الخرطوم.
تصعيد إعلامي
ووفقا لصحفيين ومراقبين فإن تكليف الاعلامي خالد الاعيسر يأتي في إطار خطة للتصعيد الإعلامي ، ودللوا على ذلك بأن الاعيسر ظل يمثل أحد الواجهات الإعلامية الصارخة للجيش منذ اندلاع الحرب وذلك عبر استضافته الراتبة في الفضائيات العربية.
وشغل الاعيسر خلال فترة نظام عمر البشير منصب مدير فضائية النيلين قبل أن يعلن استقالته على الهواء .
عصفوران بحجر واحد
من جهة أخرى فإن تكليف عمر بانفير بمهام وزارة التجارة والتموين يمكن أن يسهم من ناحية في تنفيذ مطالب مكونات شرق السودان، كما يمكن أن يقلل من حدة الاحتجاجات التي تندلع في ميناء عثمان دقنة بسواكن بين الفينة والأخرى رفضا لتقييد صغار الموردين بالاعتمادات البنكية.
وتخرج عمر بانفير في كلية الاقتصاد بجامعه الخرطوم ، وعمل بوزارة المالية بالبحر الأحمر وتدرج فيها، وعندما تم تعيين محمد طاهر ايلا واليا للبحر الاحمر في العام 2005 تم اختياره مديرا لمكتبه التنفيذي لفترة قصيرة وبعدها شغل منصب مدير عام الهيئة العامة للاستثمار بالبحر الاحمر وكان يعتبر الذراع الأيمن لايلا خاصة في مجالات التنمية و المشروعات الاقتصادية والاستثمارية والخدمية بالبحر الأحمر كما شغل بجانب وظيفته منصب مقرر لجان المؤتمرات والاستثمار والتسوق وكذلك مقررا للجنة العليا للتنمية بالبحر الأحمر، وعندما عين الرئيس المخلوع عمر البشير محمد طاهر ايلا رئيسا للوزراء في أواخر فبراير 2019 أي قبل نحو 50 يوما من سقوط النظام كان أول قرار أصدره ايلا هو تعيين عمر بانفير مديرا عاما لهيئة المواني البحريه قبل أن يغادر العمل التنفيذي في ذات العام ٢٠١٩ إبان حكومة الثورة . وتفرغ بعد ذلك للعمل الخاص في شركة تعدين.
وزير الشئون الدينية والأوقاف
ويمثل تكليف الدكتور عمر بخيت استجابة لمطالبات مكونات شرق السودان كما يمثل في الوقت ذاته إعادة للوزارة إلى حضن التيار السلفي الذي ينتمي إليه الوزير الجديد.
ويعمل الدكتور عمر بخيت أستاذا للدراسات الإسلامية في جامعة الخرطوم وهو القسم الذي أشرف على تأسيسه الدكتور عبدالحي يوسف وتناوب على رئاسته عددا من منسوبي تياره، كما عمل وزير الشئون الدينية الجديد إماما وخطيبا لعدد من المساجد في الخرطوم وشرق السودان، ومقدما للبرامج الدينية في عدد من الفضائيات، كما يتمتع بعلاقات جيدة مع الدكتور عبد الحي يوسف الذي ظل يناصر الجيش من مقر إقامته بتركيا.
ولم يستبعد مراقبون أن يمثل تعيين الوزير الجديد توثيقاً لصلة القوات المسلحة مع التيار السلفي الذي يقوده عبد الحي يوسف .
مطلوبات
وفي تعليقه على تعيين الوزراء قال جعفر خضر، الناشط المدني من ولاية القضارف، لراديو دبنقا إن المهم هو السياسات المنفذة والتوجهات العامة في الدولة وليس الأشخاص.
وأكد أهمية أن تعمل أي حكومة يتم تعيينها على تخفيف معاناة المواطنين جراء الحرب الدائرة، وتصفية نفوذ الدعم السريع والامارات.
وأكد ضرورة أن يكون المسئولين غير فاسدين وألا يكون همهم السلطة. مبينا إن الإجابة على السؤال المتعلق بشرعية الحكومة الحالية لن تأتي إلا بعد انتهاء الحرب.
dabangasudan.org