السودان بين صرامة ترامب ومرونة الديمقراطيين: ماذا تعني نتائج الانتخابات الأمريكية
يشير دبلوماسيون ومحللون، تحدثت إليهم «التغيير» إلى أن فوز الديمقراطيين كان ليأتي بسياسات أكثر دبلوماسية تجاه السودان، حيث يميلون إلى اتباع أسلوب يعتمد على الحلول السلمية ودعم الاستقرار الإقليمي.
التغيير:كمبالا
مع إعلان النتائج الجزئية للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، التي أظهرت تقدماً للمرشح الجمهوري دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية كمالا هاريس حتى الآن، تبرز التساؤلات حول تأثير هذا التطور على السودان، الذي يُتوقع أن يتأثر بتغيير الإدارة الأمريكية، خاصة في ظل تباين أسلوب الحزبين الديمقراطي والجمهوري في التعامل مع الأزمات.
يشير دبلوماسيون ومحللون، تحدثت إليهم «التغيير» إلى أن فوز الديمقراطيين كان ليأتي بسياسات أكثر دبلوماسية تجاه السودان، حيث يميلون إلى اتباع أسلوب يعتمد على الحلول السلمية ودعم الاستقرار الإقليمي.
وكان من المتوقع أن تسعى الإدارة الديمقراطية لتعزيز جهود الإغاثة وفتح مسارات الحوار بين الأطراف المتصارعة، بخلاف سياسة ترامب التي تركز بشكل مباشر على المصالح الأمريكية، مع قلة تقديم الحوافز، واتباع أسلوب شبيه بالمساومات التجارية.
يرى الناطق الرسمي السابق باسم وزارة الخارجية حيدر بدوي صادق، إلى جانب الصحفي والمحلل السياسي الجميل الفاضل، أن السودان يظل ملفاً هاماً في السياسات الخارجية لواشنطن، لكن أسلوب تنفيذ هذه السياسات يتفاوت باختلاف الإدارة. وبتفوق الحزب الجمهوري بزعامة ترامب، يُتوقع أن يتبنى الأخير أسلوباً أكثر حدة وصرامة تجاه السودان، مع التركيز على المصالح الأمريكية مباشرةً وبأسلوب صفقات قد لا تكون متكاملة في جوانبها الإنسانية.
نهج صارم
بحسب الفاضل، فإن إدارة ترامب قد تتبنى نهجاً صارماً، حيث ستسعى لحسم موقفها تجاه أحد الأطراف المتنازعة بناءً على قدرتها على تحقيق مصالح واشنطن.
ورأى أن هذا النهج قد يؤدي إلى زيادة الضغوط على السودان دون تقديم حوافز واضحة، في ظل استمرار الأسلوب التجاري الصارم الذي يعتمد فيه ترامب على مناقشة المكاسب قبل تقديم أي دعم.
في المقابل، يشير صادق إلى أن الإدارة الديمقراطية، لو كانت قد فازت، لربما اعتمدت أسلوباً دبلوماسياً أقل عنفاً وأكثر تعاوناً في التعامل مع السودان.
ورأى أن الديمقراطيين يميلون إلى دعم الاستقرار والسلام الإقليميين أكثر من الجمهوريين، الذين ينزعون نحو الانغلاق والتركيز على المصالح الأمريكية من خلال القوة.
وأوضح صادق أن الإدارة الديمقراطية، رغم أنها لا تتوانى عن دعم إسرائيل مثلا، قد تتبع أسلوباً أقل عنفاً في سياساتها الخارجية مقارنة بالجمهوريين، مما يمكن أن يكون لصالح السودان. ووفقاً له، فإن الأخير يمثل أهمية خاصة للولايات المتحدة، لكن انشغال الرأي العام العالمي بأحداث غزة أضعف الاهتمام به حالياً. ومع ذلك، توقع أن تعود الأنظار إلى السودان، حال حلت الأزمة الفلسطينية، ولو جزئياً، مما قد يدفع واشنطن إلى تكثيف اهتمامها بالأوضاع في السودان.
وفي حال فوز هاريس، يرجح صادق أن تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطاً باتجاه توفير دعم دولي لحل الأزمة السودانية، بما في ذلك إمكانية اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كحل لضبط الأوضاع.
ويرى أن هذه الضغوط قد تسهم في كبح التدخلات الإقليمية، وخاصة المصرية والإماراتية، وتفتح المجال أمام تقديم الإغاثة الإنسانية، وفتح الممرات الآمنة، والحد من تصاعد التوجهات الدينية المتطرفة التي بدأت تشكل تهديداً للسودان.
وأوضح أن هنالك مخاوف من أن يصبح السودان ملاذاً للتنظيمات المتطرفة، وهو أمر لن تسمح به الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي، مؤكداً أن الوضع في السودان سيشهد تداعيات كبيرة وفقاً لهوية المنتصر في الانتخابات الأمريكية.
من جانبه، أوضح الصحفي والمحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن الولايات المتحدة، كونها دولة مؤسسات، تعتمد سياسات ثابتة تجاه قضاياها الخارجية، بما في ذلك السودان، لكن أسلوب تنفيذ هذه السياسات قد يختلف بتغير الإدارات. وأضاف أن الفرق الجوهري يكمن في طريقة كل إدارة في خدمة المصالح والاستراتيجيات الأمريكية.
العصا المرفوعة
وأشار إلى أن الرئيس الأسبق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، خلال تجربته في الحكم، عبّر عن مواقف بلاده بوضوح وحزم، مستخدماً أسلوب “العصا المرفوعة” للضغط على الأطراف المتعاونة مع واشنطن. وقد اتسم نهجه بقلة تقديم الحوافز للتعاون، مع اتباع أسلوب شبيه بالمساومات التجارية، إذ يقدم الدعم فقط مقابل مكاسب واضحة لصالح بلاده.
في المقابل، اعتبر، الصحفي والمحلل السياسي، الجميل الفاضل أن الإدارة الديمقراطية المنتهية ولايتها اتسمت بمرونة ودبلوماسية أكبر في التعامل مع الأوضاع السودانية، مما أثار اعتراض بعض الأعضاء البارزين في الكونغرس من كلا الحزبين.
وأكد أن النهج الذي تتبعه المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس، إذا فازت، قد لا يختلف كثيراً عن نهج إدارة بايدن الحالية، خاصةً أنها شريكة في صنع تلك السياسات.
واختتم الفاضل بتوقعه أن فوز ترامب قد يؤدي إلى تدخل أمريكي سريع وحاسم في ملف السودان، سواءً إيجاباً أو سلباً، وذلك لصالح الطرف الذي يقدم تنازلات أكبر لتحقيق مصالح ترامب في السودان.
عودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض قد تعني تحولاً في أسلوب واشنطن في التعامل مع السودان، مما قد يغير مسار الدعم والضغط على الأطراف المتنازعة لتحقيق مصالح واشنطن في المنطقة
altaghyeer.info