السودان: مؤيدو ثورة ديسمبر.. الثورة غير قابلة للموت
عاين- 6 نوفمبر 2024
“الجنرالان عبد الفتاح البرهان قائد الجيش، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي لا يصلحان للحصول على فرصة جديدة للمشاركة في بناء نظام ديمقراطي في السودان حتى وإن صُنفا أبطالا للسلام يوما ما”، هكذا يدير مؤيدو الثورة السودانية النقاشات بينهم حول مستقبل السودان بعد 19 شهرًا من القتال.
حوارات ونقاشات مناصري الثورة السودانية تأتي في أعقاب الهجوم العنيف الذي يتصدره الإسلاميون على أنصار ثورة ديسمبر خلال الفترة الماضية.
وبات واضحًا انحسار النشاط المدني داخل السودان، بينما يغادر السياسيون والفاعلون في لجان المقاومة البلاد تحت تهديدات أمنية تُلاحق في ذات الوقت الجماعات الفاعلة خلال الثورة التي قادها عشرات الآلاف من الشبان والفتيات منذ ديسمبر 2018، وأطاحت بنظام البشير في 11 أبريل 2019.
“اليأس لم يدب في نفوسنا حول فشل ثورة ديسمبر التي يختزلها أنصار نظام البشير في جماعات ورموز سياسية بعينها”. يقول مجيب عبد القادر الذي درج على التظاهر ضد انقلاب الجنرالين على الحكومة الانتقالية المدنية في أكتوبر 2021 من قلب العاصمة السودانية لـ(عاين).
الثورة لا تُختزل في الكيانات السياسية ولا الأفراد هي عملية شاملة قادها السودانيون من أصقاع بعيدة، ومن قلب الخرطوم
مؤيد لثورة ديسمبر
يعتقد مجيب عبد القادر 22 عاما الذي اندلعت الحرب عقب وصوله أعتاب التخرج من كلية البيطرة، أن الثورة لا تُختزل في الكيانات السياسية ولا الأفراد هي عملية شاملة قادها السودانيون من أصقاع بعيدة، ومن قلب الخرطوم.
وأردف: “نعم تحدث انكسارات للثورات في بعض الأوقات، لكن الثوار على الأرض لم يبدلوا مواقفهم ما زالوا يتمسكون بالانحياز للقيم الديمقراطية والحكم المدني وإعادة الجيش إلى الثكنات وحل المليشيات المسلحة“.
أحكمت السلطات الأمنية سيما في مناطق سيطرة الجيش قبضتها على الأنشطة السياسية والمدنية، ويتعرض العشرات من نشطاء غرف الطوارئ إلى الملاحقة بين الحين والآخر كما تطوف السيارات التي تتبع لجهاز المخابرات الشوارع وعليها رجال يحملون السلاح وآخرون يرتدون زي الجيش في عمليات توصف بأنها استعراض للقوة، بينما يقول المعارضون إنها تستهدف المدنيين خاصة الجماعات المؤيدة للديمقراطية.
عسكرة الحياة العامة
لا يُسمح بتنظيم الأنشطة داخل السودان جراء “عسكرة للحياة” وفق شهود عيان من مدن عطبرة ودنقلا وبورتسودان وكسلا والقضارف، وهي مدن تقع تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية.
يقول المتحدث الأسبق باسم تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم حسام علي، إن أنصار نظام البشير يستثمرون في الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها قوى الحرية والتغيير الشريك المدني للمكون العسكري خلال الفترة الانتقالية خلال الفترة بين أغسطس 2019 و2021 .
الإسلاميون يتعمدون معاقبة الثورة من خلال اختزالها في قوى بعينها حتى يتسنى لهم العودة إلى السلطة
متحدث لجان مقاومة سابق
ويضيف علي في مقابلة مع (عاين): “الإسلاميون لا يريدون مشاهدة الأمور كما هي بل يتعمدون معاقبة الثورة من خلال اختزالها في قوى الحرية والتغيير وترديد عبارة (قحاطة) حتى تظل عالقة في الأذهان ويطغى على الرأي العام السوداني احساس بضرورة التبرؤ من الثورة حتى يتسنى لهم العودة إلى السلطة دون أن يعكر مزاجهم شيء بمعنى أن الأمن والبلد المستقر نسبيا مقابل عودة الإسلاميين الى الحكم أفضل من الحرب كما يردد بعض من لا يتابعون الشأن السياسي بشكل لصيق ويريدون عيش حياتهم ببساطة”.
وتابع حسام علي بالقول: “الإسلاميون خاصة التيار الراغب في استعادة نظام الحكم يستثمر في رغبة تسيطر على بعض القوى المدنية للعودة إلى السلطة مرة أخرى وتحاول حصارهم في هذه الخانة وتصويرهم على أنهم طلاب سلطة”.
مغادرة المأزق.. وحدة جديدة
ويقول المتحدث الأسبق باسم تنسيقية لجان مقاومة مدينة الخرطوم حسام علي، إن ثورة ديسمبر ضمت أطياف مختلفة من المجتمع السوداني بما في ذلك بعض المجموعات الإسلامية الغاضبة من نظام البشير وسكان القرى والمدن بالتالي لا يمكن اختزالها في فئة سياسية بعينها.
ويرى حسام علي، أن الغرفة الإعلامية المضادة لثورة ديسمبر نجحت إلى حد كبير في التأثير على الرأي العام خلال الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع ومن هو ضد الحرب يصنف على أنه ينتمي إلى قوى الحرية والتغيير أو “تقدم” ويتعمدون إخفاء قوى مدينة أخرى في المشهد تعارض الصراع المسلح مثل لجان المقاومة والأحزاب خارج تحالف “تقدم” جميع هذه الأطراف ضد الحرب باعتبارها مدمرة للبلاد وتحاول والغرض منها دفن ثورة ديسمبر.
يشترط حسام للخروج من أسماه مأزق تشظي القوى المدنية بـ”وحدة جديدة” وتقديم تنازلات كبيرة بين المدنيين وترك الأسئلة حول من يتولى السلطة والإجابة حول وقف الحرب وكيف يُحكم البلد وحاليا في نظر -حسام علي- البلاد مهيأة لمرحلة التأسيس أكثر من أي وقت مضى.
ويردف قائلًا: “ينبغي أن يعمل المدنيون بمختلف الانتماءات على ضرورة توعية المجتمع بخطورة الحرب وأهمية الحكم المدني والتداول السلمي للسلطة”. ويتابع: “وحدة المدنيين تقود إلى بروز الأصوات المطالبة بوقف الحرب واستعادة مسار الانتقال المدني نحو التحول الديمقراطي”.
الحرب ثمرة مريرة
“ثورة ديسمبر ستكمل أهدافها وتطلعاتها التي عبرت عنها من خلال الصيرورة الشعبية الواعية والمنظمة برفض الحرب ومخاطر استمرارها وإنهاء القتال بشكل غير مشروط”. يقول المتحدث باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله لـ(عاين).
ويرى خلف الله، أن الحرب في السودان تعتبر “ثمرة مريرة” وفشل مشروع قوى الردة والفلول وخلفها القوى الإقليمية والدولية التي تقوض الديمقراطية والحكم في البلدان التي تقود الثورات الشعبية.
الرهان على السودانيين يوقف الحرب ويعيد الحكم المدني
متحدث بأسم حزب البعث
ويوضح عادل خلف الله أن وقف الحرب يتحقق من خلال الرهان على الشعب السوداني وليس المجتمع الدولي والإقليمي لذلك المطلوب بذل مجهود كبير للتصدي لمخطط تفتيت السودان في إطار ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد.
وأردف: “يجب إعادة توحيد النقابات والقوى السياسية والاجتماعية في جبهة مدنية موسعة لاكمال مشروع ثورة ديسمبر.
ويقول خلف الله، إن نظام الإسلاميين درج على وضع الأمور في إطار الثنائية واختزل الأزمة الوطنية في هذا الإطار ويعيش حالة انكار لوجود تعدد ثلاثي لأنه لا يؤمن بالديمقراطية والتعددية الحزبية التي تقود إلى الديمقراطية.
ويشير عادل خلف الله، إلى أن النظام الاسلامي المهمين على إعلاء تيار الحرب في السودان لا يرى في قوات الدعم السريع عدوا استراتيجيا فهو يحاول سحب هذه القوات إلى التحالفات القديمة على أن يكون التحالف ضد الديمقراطية والحكم المدني وخروج العسكر من السلطة.
معادلة جديدة.. لا شراكة أخرى
من مقرها في بورتسودان العاصمة البديلة تلاحق النيابة العامة 16 قياديا من تنسيقية “تقدم” بتهمة توقيع إعلان سياسي مع “قوات متمردة” على حد وصفها كما عادت صلاحيات جهاز الأمن في المطارات والمعابر لتفتيش الناشطين في المجتمع المدني لحظة مغادرتهم وعودتهم إلى البلاد.
يقول المعز محمد علي، وهو عضو في مقاومة أحياء جنوب الخرطوم لـ(عاين): إن “الحرب شكلت سانحة للإسلاميين للتخلص من ثورة ديسمبر في ذات الوقت تعمد الجنرالات في الجيش استغلال الاسلاميين لتصفية الحسابات السياسية باعتبار أن المكون العسكري يفتقر للحاضنة السياسية”.
ويردف: “الإسلاميون والجيش ليسوا في معسكر واحد بل كل ينظر إلى الآخر بريبة التحالف بينهما يصعد ويهبط وفقا للمصالح المؤقتة المتعلقة بالدعاية الحربية وتخويف الخصوم من المدنيين”.
ويشي المعز إلى إن طموحات العسكريين أكبر من طموحات الإسلاميين للاستمرار على رأس السلطة والجيش في ذات الوقت لا يمانع منح أنصار البشير خاصة من هم لا علاقة لهم بالمحكمة الجنائية والملاحقة الدولية نصيب في السلطة.
ويراهن المعز محمد، على وحدة القوى المدنية ولجان المقاومة بإخراج الجنرالين من معادلة سودان ما بعد الحرب بمعنى أن الاعتقاد أن إبرام صفقة معهما مقابل وقف الحرب لن يجلب الديمقراطية والحكم المدني في السودان وربما تنشب الحرب مجددا لحظة خلافهما مرة أخرى على المكاسب.
حقق العسكريون ما أرادوا بإفراغ المدن من النشاط السياسي المؤيد للديمقراطية وتركوا حرية العمل للإسلاميين
عضو لجنة مقاومة
ويضيف المعز: “حقق العسكريون ما أرادوا خلال الحرب بإفراغ المدن من النشاط السياسي والمدني في ذات الوقت يتحرك الإسلاميون بحرية تامة وعقدوا المؤتمرات في عطبرة وبورتسودان وتم استقبال ابراهيم محمود حامد مساعد البشير في القصر الجمهوري والذي سجن وخرج من المحبس بضغوط من زعماء أهليون على البرهان في العام 2021”.
3ayin.com