القتل المقصود!!
جرأة قلم
دارالسلام علي
اكثر من 120 قرية من قرى ولاية الجزيرة نزحت ونهبت بالكامل تحت تهديد السلاح والترويع والتخويف من قبل مليشيات الدعم السريع، وليس نزوحا فقط بل إنهم قوبلوا بشتي انواع الترعيب والإذلال والتهديد هجروا منازلهم قسرا ،خرجوا ووابل الرصاص يمطر عليهم من كل صوب واتجاه، خرجوا لمصير مجهول وواقع أشد سواداً من شعر طفل حديث الولادة ، خرجوا وتشتتوا أثناء سيرهم لمسيرة امتدت أكثر من ثلاثة أيام بحثاً عن مكان آمن،خرجوا وليس في أيديهم حتي قطة خبز تقيهم لزعات الجوع مع هذا البرد القارس ، خرجوا هاربين من سهام المليشيا المسمومة بالحقد والحسد والغبن، أشخاص نزعت من قلوبهم ادني درجات الرحمة والإنسانية فعلوا بمواطن ولاية الجزيرة ما لم يفعله احد في أعنف الحروبات التي مرت على العالم!
تخيل عزيري القارئ أن أحدا من مواطني الجزيرة حكي لي مشهد (وياريته صمت ولم يحكي) لزغاريد خرجت عالية من أحدي البيوت فرحا وحينما قدمت المليشيا مستفسرة عن أسباب الزغاريد ظنا منها أن الجيش تغول داخل ولاية الجزيرة إجابته النسوة أن (فلانة أنجبت طفلا) طلبوا منهم أن ياتوا بالصغير وبعد تهديدهم العنيف قدموا لهم الطفل الصغير حديث الولادة الذي لم يبلغ من عمره ايام أخذوا الصغير ورموه في إناء ملئ بالماء المغلي!! تخيلت معي سيدي القارئ صغير لم يبلغ عمره يوم او اثنين يقتل بهذه الطريقة البشعة الخالية من اي رحمة أو إنسانية طريقة حتي الحيوانات المفترسة لا تتبعها،قصة أخري لام مع بناتها الاتنين دخلوا عليهم ثلاثة من أفراد المليشيا وبدأوا في مهاجمة الصغيرات ومحاولة خطفهن وعندما حاولت الام منعهم شرعوا في اغتصاب الفتيات أمام والدتهم التي بدأت في الصراخ طالبة منهم أن يغتصبوها بدلاً عن صغيراتها!!
الملاحظ للأمر إن كل القري التي انتهكتها المليشيا اختلفت فيها اشكال الإنتهاكات حسب أمزجة وتقديرات وحالتهم النفسية والصحية ففي رأيي أنهم اشخاس غير سوين ، حيث قامت المليشيا بحملات إنتقام واسعة على الاهالي والمواطنين الابرياء واطلقت النار عشوائيا على المواطنين العزل ، وقتلت وصفت العديد من الأهالي، واعتدت على الفتيات و اغتصبهم أمام أنظار ذويهم و وخطفت أخريات، ونهبت الاسوق والبيوت، وعذبت الجميع بالضرب والسحل بتشفي واضح، قتلت الصغار أمام أمهاتهم وهم يضحكون ويقولون لبعضهم (اقتل كيكل الصغير)! وعذبت الأطفال وضربتهم لإجبار ذويهم على الإعتراف بمكان الأموال والمقتنيات الثمينة ، وسرقت حتي الغذاء والدواء من المستشفيات ومقتنيات منازل المواطنين والبقالات ، ودمرت كل شئ امامها كالطوفان ،واحجتزت الرجال في المساجد، مسرعة في طريقها التي اختارته جرائم الابادة الجماعية ، وكل يوم تقتحم قرية جديدة وتعوس فسادا، ففي غضوان ايام فقط أصبحت القري التي كانت تضج بالحياة إلى بيوت أشباح خاوية تماماً حتي من أصوات الحيوانات وكأنها لم تكن مسكونة من قبل ، الجثث ملاقاة على الشوارع وداخل البيوت بلا حصر!!
ومنذ أن أعلن المتمرد ابو عاقلة كيكل قائد درع البطانة إنضمامه لقوات الجيش تحولت المليشيا إلى كلاب مسعورة تعض كل شي أمامها في حملة إنتقامية شرسة ضد سكان مناطق شرق الجزيرة، وظلت تستشري كالنار في الهشيم و تتمدد ،و عيشت أهالي الجزيرة مأساة أكبر وأبشع من اي مأساة و يصعب وصفها، حيث تتلذذ المليشيا بانواع العذاب للأبرياء وتعشق اصوات صراخهم وهلعهم وتجذبها بحيرات الدماء التي كونت بسبب نزيف الموتي أو الجرحي وكأنهم مصاصي الدماء ، كل أهالي الجزيرة ساروا في اكبر رحلة نزوح جماعي في الشرق الأوسط أو العالم أجمع ، نزحوا قاصدين المجهول، نحو اللا مكان، ومن لم يستطع الخروج ظل جالسا ينتظر يومه !ما حدث ويحدث في قري الجزيرة شئ لايصدقه العقل وأقرب للخيال، كل الذي يخطر بالبال أنهم لم يتركوا جرماً وإلا و فعلوه يرتكبون كإنسان عطش في صحراء قاحلة
لم يعد للوجع وصف فما عاشوه يفوق حد اي كلمات يمكن أن تصف حجم معاناتهم، فمهما كان الراوي دقيقا في سرد تفاصيل عاشها لن يستطيع أن ينقل لي ما شعره ويشعره وهو الذي كان واحداً منهم، شاهد عيان على الجرائم المرتكبة، سار مرغما ومكرها لأيام انقبض قلبه فيها وكتم نفسه وهو يرى الموت أمام عينه، قد يشاهد فتاة مغتصبة أو رجل مسن يعذب فيه وطفل يقتل ولكنه من هول المشاهد أصبح غير قادر على فرز الاشياء التي أمامه ولا يرى شيئا، هو فقط كما قال لي كان راكضا من هول الصدمات والحالة النفسية التي عاشها ويعشها حاليا وكأنه هاربا من فيلم امريكي عن الرعب ، حكي والبكاد كانت الكلمات تخرج من فهمه وشعرت حينها أنه أصبح أصم وابكم حتي انقبض قلبي وسالت دموعي، تخيلت شكله وهو جارياً وتصورت المشاهد التي حكاها في مخيلتي، لم يستوعب عقلي حينها فقد كنت مزهولة مصدومة تجمدت وتصلبت وتسمرت من هول سمعته،والى كتابة هذه الكلمات وانا لست بخير، انا التي تخيلت ما عاشوه فما بالك بإنسان عاش كل التفاصيل السابقة وأسوأ منها، كيف سيكون؟و كيف سيعيش بقية حياته؟ اسيكون بخير ؟! لا اعتقد ذلك والله !!
العديد من الدول العربية والأجنبية رفضت الطريقة الوحشية التي اتبعتها المليشيا في قري الجزيرة،وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحده تدين الهجمات الشنيعة التي نفذتها الدعم السريع في ولاية الجزيرة ودعتها إلى وقف العنف ضد المدنيين فوراً، فيما قال رئيس البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان إن معظم أعمال الاغتصاب ارتكبتها قوات الدعم السريع، وأدان الأزهر الشريف بشدة المجازر الوحشية التي تُرتكب في السودان خاصة في قرى غرب ولاية الجز.يرة وجنوبها وشرقها، وأكِّد الأزهر أن ترويع المدنيين الآمنين، وقتلهم والانتقام منهم من أجل تصفية حسابات سياسيَّة، جريمة إرهابية" نكراء في حق الإنسانية، وأدان الأمين العام للأمم المتحدة الهجمات الأخيرة التي شنتها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة ، وغير هؤلاء كثر فقد كانت ولا زالت الادانات تهطل كقطرات المطر على مواقع القنوات الإخبارية التي تتسابق في نقل البيانات والادانات والخطابات ولكن رغم كثرة الإدانة والقلق لا نرى شئ يتخطي هذا التوتر ولم نشهد أي إدانة فعلية للمليشيا التي أقل ما يمكن أن نصفها بأنها جماعات إرهابية مدعومة من دول أخري لاستهداف المدنيين العزل في السودان
جرأة أخيرة
إلى كل العالم اقول لكن إن السودان الذي مد اياديه بالخير لكم جميعا الان ينتظر تلك الايادي لانتشاله من سيول الدم التي عمت كل أرجاءه