الحرب تحصد الأرواح حصدا والزمن أفدح ضحاياها حضاريا
الحربُ تحصِدُ الأرواحَ حصداً والزَّمنُ أفدحُ ضحاياها حضاريَّاً
محمَّد خلف
من أسكلةِ الخرطومِ إلى الجبلين إلى الرَّجاف؛
ومن دارفور الحرَّة نبيلة لكلِّ قبيلة على التَّاكا؛
يُلَعلعُ البارودُ وتصطفُّ أسلحةُ الدَّمارِ الَّتي لا تضعُ فارقاً واضحاً بين سَحناتِ المدنيِّين وحامِلي السِّلاح، كما لا تُميِّزُ جيِّداً بين سفك الدِّماء وإهدار قيمة الوقت، ناهيك عن تخفيضِ قيمةِ الإنسانِ نفسِه؛ فكأنَّه هيكلٌ يسعى في الأرضِ بلا دماء أو أنَّه كائنٌ تنبضُ دقَّاتُ قلبِه خارج إيقاعِ الزَّمن. فما مِن أُسرةٍ في بقاعِ السُّودان إلَّا وفقدت عزيزاً لديها: من أمٍّ مهرودةِ الحَشَا إلى زوجةٍ ثكلى إلى طفلةٍ تيتَّمت قبل بدءِ الفِطام، هذا إذا حصرنا الفقدَ فقط في النَّوعِ البشريِّ الأكثرِ تضرُّراً أصلاً من الويلاتِ حتَّى في زمنِ السِّلم؛ إلَّا أنَّ الفقدَ الأكبرَ في زمنِ الحرب هو الزَّمنُ نفسُه، الَّذي ينزلِقُ من بين الأصابع، وينطلِقُ عبر فُوَّهاتِ المدافع، ثمَّ يختبئُ في دُخانِ المعاركِ وضبابِ الأكاذيبِ الَّتي تُروِّجُ للهزائمِ الفادحة والانتصاراتِ الباهظةِ الثَّمن؛ هذا علاوةً على تبديدِه في مداولاتِ السَّاسةِ العقيمة وإهدارِه بلا وازعٍ في حفلاتٍ باذخةٍ بالمنافي أو جلساتٍ بائسةٍ في مقاهي مُدُنِ الشَّتات.
ومع استمرارِ الحرب، يُصبِحُ طعمُ الحياةِ ماسِخاً؛ فلا يحتفِلُ المرءُ كثيراً بمذاقِ أشياءَ صغيرة كانت تُدخِلُ السُّرورَ في قلبه أو يتضايقُ لأشياءَ بغيضة كانت تُسبِّبُ له بعضاً من الانقباض؛ وصورُ القتلى والجرحى المنتشرة في أجهزة الإعلام الرَّسمي ووسائل التَّواصُلِ الاجتماعيَّة تُبلِّدُ الحِسَّ وتجعلُ كلَّ خَطبٍ جللٍ مجرَّدَ أمرٍ عاديٍّ لا يستحِقُّ الاهتمام. هكذا مرَّتِ الذِّكرى المئويَّة لأحداثِ عام ١٩٢٤ من دون أن تلقى ما تستحِقُّه من تحليلٍ وغربلةٍ مفهوميَّة أو نقدٍ كاشِف؛ وهكذا مرَّت الذِّكرى السِّتين لثورة أكتوبر المجيدة من غير أن تمتلئَ الشَّوارعُ بأهازيجِ الفرحِ الثَّوريِّ أو يستمتعَ النَّاسُ بالأناشيدِ الوطنيَّةِ التَّي يُردِّدُها محمَّد وردي ومحمَّد الأمين (ونكتفي بهما فقط حتَّى لا نُغرِقُ الفقرةَ بأسماءِ غيرِ المُحَمَّدَيْن). هذا من ناحية الحراكِ السِّياسيِّ الجماهيريِّ الواسع؛ أمَّا على المستوى الفكريِّ والثَّقافيِّ المحدود، فقد مرَّتِ الذِّكرى العاشرة لرسالتي الشَّهيرة إلى عادل القصَّاص من غير أن يتمكَّن أحدُنا أو كلانا من تصفُّحِها مجدَّداً أو يرى شخصٌ آخَرُ أو جِهَةٌ أخرى مُسَوِّغاً لإعادةِ نشرِها في ظلِّ هذه الحربِ الجاثمةِ كالكابوسِ في جوفِ النُّفوس.
لن نتطرَّقَ إلى أيٍّ من هذه المناسباتِ الثَّلاث قبل تعريف مفهوم الزَّمن الَّذي يتمُّ على أساسِه الاحتفاءُ بها. إلَّا أنَّ الزَّمانَ كثيرٌ، وليس واحداً (فالدَّهرُ وحدُه هو الواحد)؛ وتعدُّدُه (أي الزَّمانُ) قد أصبح، منذُ آينشتاين، حقيقةً واقعة يُمكِنُ الاستدلالُ عليها معمليَّاً أوِ اختبارُها عن طريق السَّاعاتِ المحلِّيَّة (سويسريَّةً عاديَّةً كانت أم دقيقةَ التَّوقيت) بقياسِ نبضاتِها في مواضعَ مختلفة وعلى سرعاتٍ متباينة. وما نُريدُ *تناولَه* بالتَّحليل لأغراض هذا المقال، هو الزَّمن الَّذي يتمُّ حُسبانُه بدءاً من هذه اللَّحظةِ الحاضرة إلى وقتٍ مُقبِل أو وقتٍ مضى. ولتقريبِ الأذهانِ إلى الفارقِ بين هذَيْنِ التَّوقيتَيْن، دعنا نفترِضُ أنَّ هذه اللَّحظةَ المعنيَّة واقعةٌ في استراحةٍ بين شوطَيْنِ (هافتايم) لمباراةٍ بين الهلالِ والمريخ. فهناك، بحسبِ هذا الافتراضِ، زمنٌ مضى (هو الشَّوطُ الأوَّلُ، الذَّي أصبحت نتيجتُه معروفةً ولا يُمكِنُ إنكارُ حدوثِها، حتَّى ولو قرَّر اتِّحادُ الكرةِ السُّودانيِّ لاحقاً إلغاء المباراةِ، لأيِّ سببٍ يراه)، وهناك زمنٌ مُقبِل (هو الشَّوطُ الثَّاني، الذي لا زالت نتيجتُه غيرَ معروفةٍ أو قُل إنَّها احتماليَّةٌ؛ فقد يأتي الشَّوطُ الثَّاني بتأكيدٍ أو تعزيزٍ إيجابيٍّ لنتيجةِ الشَّوطِ الأوَّل، أو تقودُ نتيجتُه إلى إحداثِ تعادلٍ في نتيجة المبارة، أو تؤدِّي إلى تأكيدٍ أو تعزيزٍ سلبيٍّ يقودُ بدورِه إلى عكسِ نتيجةِ الشَّوطِ الأوَّل، بخروجِ المهزومِ فيه منتصراً و المنتصرِ مهزوماً).
تُشيرُ العلومُ العصبيَّةُ الحديثة إلى التَّوقيتِ الأوَّل بأنَّه توقيتٌ مُرتجَع، وإلى الثَّاني بأنَّه توقيتٌ مُرتقَب؛ وهذا الأخيرُ وحدُه هو الَّذي يُمكِنُ وصفُه بأنَّه يؤدِّي بالفعلِ وظيفةً زمنيَّةً محدَّدة، إذ إنَّه يستخدِمُ مساراتٍ عصبيَّة تُعينُ الدُّماغَ على تحديد الزَّمن والتَّخطيط للمستقبل؛ أمَّا الأوَّلُ، فإنَّه لا يؤدِّي وظيفةً زمنيَّة، لكنَّه يُعينُ على فحصِ الذَّاكرة بغرضِ استدعاء محتوياتِها أو إعادة بنائها لِتتناسبَ مع أغراضٍ بعينِها؛ إلَّا أنَّ هذا الفحصَ يجري في هذه اللَّحظة الحاضرة، وليس في زمنٍ قبلها أو بعدها. وإذا كانت هذه اللَّحظة، بحسبِ المثالِ السَّابقِ، واقعةً بين الشَّوطين، فإنَّها ستكونُ فرصةً سانحةً لمراجعةِ الأخطاء وتبديلِ اللَّاعبين ومبادلةِ الخانات وتغيير الخطط المرسومة مُسبقاً وتحفيز اللَّاعبين (“بِبْ توك”) ورفع حماس الجمهور (“تشيرليدينغ”). فمن الواضحِ، إذاً، أنَّ هذا المثال مفيدٌ في تبيين الفرقِ بين التَّوقيتَين، لكنَّه يخفي عيباً قاتلاً، إذْ إنَّ المباراة حدثٌ منظَّمٌ لأقصى حدٍّ ومرتبطٌ بسلسلةٍ من الأحداثِ المنتظمة، والمتقاربة زمنيَّاً، داخل دوريٍّ سنويٍّ تُسجَّلُ نتائجُه في ذاكرةٍ خارجيَّة تُسمَّى جدول الدَّوري. في حين أنَّ أحداث الماضي تمتدُّ عبر طرقٍ متعرِّجة داخل أزمنةٍ سحيقة، ممَّا يجعلُ إعادة بنائها أمراً مُحاطاً بصعوباتٍ جمَّة، إن لم نقُل بأهواءَ وأغراضَ وأكاذيبَ وتوظيفاتٍ أيديولوجيَّةٍ لا حصرَ لها؛ ومن هنا تأتي أهمِّيَّة التَّسجيل، وإن كان ذلك لا يخلو هو الآخرُ من تفسيراتٍ وتأويلاتٍ مفتوحة.
ضمن هذه التَّأويلات، نُشيرُ إلى أنَّ “مصطفى سعيد” البطل الأشهر لرواية “موسم الهجرة إلى الشَّمال” كان مولعاً بتسجيلِ كلِّ لحظةٍ من لحظاتِ حياتِه، وقد ترك تفاصيلَها للرَّاوي (أناهُ الثَّانية، وبطلِ الرِّواية الأقلَّ شهرةً) داخل غرفةٍ مغلقة في قريةٍ خاملةِ الذِّكر، حتَّى يتمكَّنَ من إماطةِ لثامِها، ليتمَّ اندماجُه في ذاتِه المنقسِمة؛ وقد كان من بين محتوياتِ الغرفة عددٌ واحدٌ من صحيفة “التَّايمز” (ويُقابلها باللُّغةِ العربيَّة كلمة “الأوقات” أو “الأزمنة”)؛ وبما أنَّ هذه الصَّحيفة تنفرِدُ من بين كلِّ الصُّحُفِ البريطانيَّة بتخصيصها صفحةً محلِّيَّة، تنشرُ فيها أخبار المواليدِ والزِّيجاتِ والوفيَّات والمراثي والأوامر القضائيَّة، فقد سبق أن قلنا إنَّ صفحتها هذه تُعادِلُ نشرة الثَّامنة في إذاعة أمدرمان، وترمزُ كلتاهما إلى تعلُّقٍ غامرٍ بالوطنِ وحنينٍ جارفٍ إلى ثرى أرضِه وتقبيلِ تُربتِها. وفي بداية رواية موسم الهجرة، أجاب الرَّاوي بصدق على أسئلة “محجوب”، خدينِه وصديقِ صباه الباكر، بشأنِ أحوال المزارعين. إلَّا أنَّه أخفى عنه الكثير؛ ومن ضمن ما أخفى وأباحَ به لنا نحن معشرَ القرَّاءِ قوله: “مثلُنا تماماً .. فيهم أقوياء، وبينهم مستضعفون، بعضُهم أعطته الحياةُ أكثر ممَّا يستحقُّ، وبعضُهم حرمته الحياة. لكنَّ الفروقَ تضيقُ، وأغلبُ الضُّعفاءِ لم يعودوا ضعفاء”. ذاك أوانُ آخر زعماء اللِّيبراليِّين، ديفيد لويد جورج، وبدء مسيارِ الإصلاحاتِ الَّتي أرست دولة الرُّفاه في بريطانيا.
إلَّا أنَّ ما نشرته صحيفة “التَّايمز” أمس الجمعة ١٥ سبتمبر ٢٠٢٤، وسجَّلَ اِبني “محجوب” لقطاتٍ لها من الشَّاشة (“إسكرينشوتس”)، يُشيرُ إلى اتِّساعٍ وبونٍ شاسعٍ في الفروق، ليس بين الفئاتِ الاجتماعيَّة على مستوى الجزُرِ البريطانيَّة فقط، وإنَّما كذلك بين المناخاتِ الَّتي كان يحِنُّ إليها “مصطفى سعيد” والبلادِ الَّتي ظلَّ الرَّاوي يهفو للعودةِ إليها طيلة سنواتِ تحصيلِه الأكاديمي. ففي عدد الأمس من صحيفة “التَّايمز” عُنوانانِ صارخان: “من داخل قطار النَّوم الفاخر الجديد في بريطانيا – سعرُ التَّذكرةِ يبدأُ من ١١ألف جنيه إسترليني”؛ و”من داخل مخيَّم اللَّاجئين الشَّاسعِ الأرجاء، حيثُ يفِرُّ الآلافُ من أهوال الحرب في السُّودان”. في التَّقرير الأوَّل للصَّحيفة البريطانيَّة العريقة، يُشيرُ المقال المدفوع الأجر إلى أنَّ القطار الجديد “بريتانيك إكسبلورر” سيوفر لرُكَّابه مشاهدَ بانوراميَّة عبر الرِّيف البريطانيِّ الرَّائع، وطعاماً شهيَّاً وديكوراتٍ داخليَّة تُضاهي أرقى الفنادق العالميَّة؛ وفي التَّقرير الثَّاني، تستعرِضُ جين فلاناغان، مراسلة الصَّحيفة للشُّؤون الإفريقيَّة، أحوالَ اللَّاجئين الَّذين فرُّوا من ويلاتِ الحرب في دارفور إلى مخيَّم “أدري” على الحدودِ مع تشاد، حيثُ يبحثُ كلُّ ناجٍ من الفارِّين عن شخصٍ فقده؛ فها هي كلثومة يعقوب إبراهيم، البالغة من العمر ٥٠ عاماً تقولُ للمراسلة إنَّ اِبنَها مفقودٌ، وتشرحُ لها كيف أنَّ رحلةً طولها 20 ميلاً فقط قد استغرق منها ما يقرُب العام للوصول إلى هذا المعسكر.
ويُصادِفُ اليوم السَّبت 16 نوفمبر الذِّكرى الرَّابعة والخمسين لطردِ القادةِ العسكريِّين المُشتبَهِ في انتمائهم إلى أحزابٍ يساريَّة من مجلس قيادةِ “الثَّورة” الَّذي كان يرأسه العقيد جعفر نميري، ممَّا عجَّلَ في انعطافِه لاحقاً نحو اليمين، خصوصاً بعد قمعِ ما يُسمَّى في الأدبيَّاتِ الانقلابيَّةِ اليساريَّة بـ”الثَّورةِ التَّصحيحيَّة”، فكان لذلك عظيمُ الأثر في احتضانِ العقيدِ لحركةِ الإخوان المسلمين، بزعامةِ الدُّكتور حسن عبد الله التُّرابي، الَّذي تخفَّى بنهجِه “البقريِّ” داخل أروقة “الاتِّحادِ الاشتراكي”، إلى أن انقلب عليه النُّميريُّ في أواخرِ أيَّامِ حُكمِه؛ إلَّا أنَّ التَّنظيمَ قدِ استقوى بتجربةِ الحُكمِ الطَّويلة، فسهَّل عليه ذلك مهمَّةَ الفوزِ بمقاعدَ برلمانيَّة مؤثِّرة في أعقاب الانتفاضة، ومن ثمَّ الانقلابَ على التَّجربة الانتخابيَّة نفسِها في عام 1989. كما يُصادِفُ يومَ غدٍ الأحد 17 نوفمبر الذِّكرى السَّادسة والسِّتِّين لانقلاب الفريق إبراهيم عبُّود على التَّجربة الدِّيمُقراطيَّةِ الأولى في أعقاب الاستقلالِ الوطني، الَّذي أطاحت به هو نفسَه “ثورة” أكتوبر المجيدة. وكُنَّا سنَسعَدُ -لولا أن تعجَّلَ الموتُ لأمرٍ مُرادٍ باختطافِهُم- بشهادتَي شاعِرَي الأكتوبريَّاتِ والملحمة (محمَّد المكِّي إبراهيم وهاشم صِدِّيق) وألحانِ أناشيدهما الوطنيَّة بأداءٍ رائعٍ من المُحمَّدَيْن الأشهرَيْن في ساحةِ الغناءِ السُّودانيِّ.
إلَّا أنَّنا سَعِدنا أيضاً بما أكَّده لنا اليومَ في مكالمةٍ هاتفيَّة حفيدُ علي عبداللَّطيف من واقعِ تجربتِه الاُسريَّة صِحَّة تحليلاتِ الرَّاحل خالد الكِد بشأنِ تآمرِ الإنجليز تحت إمرة السِّردار هدلستون، الحاكم العام بالإنابة، وتنفيذ العقيد ماكوان، الضَّابط القائد لمنطقة الخرطوم، على الكتيبة السُّودانيَّة الحادية عشرة، بقيادة عبد الفضيل ألماظ، ودَفعِها دَفعاً نحو حَملِ السِّلاح، وتعزيزِ ما رَشَحَ في تسجيل المؤرِّخة الفرنسيَّة ذاتِ الأصلِ الإيطالي، إيلينا فيزاديني، في منتدى الدِّراساتِ السُّودانيَّة، بمدرسة الدِّراساتِ الشَّرقيَّة والإفريقيَّة، بشأنِ سلميَّةِ حركةِ اللِّواء الأبيض، على الرَّغم ممَّا يُوحي به بيتٌ من قصيدةٍ للرَّاحل مبارك بشير وأداءِ أوَّلِ المُحمَّدين، يقولُ فيها: ” ونُغني لحريقِ المكِّ في قلبِ الدَّخيل …للجسارة حينما استُشهِدَ في مِدفَعِه عبد الفضيل”، فالواقعةُ حادثةٌ إلَّا أنَّ تأويلَها لا يقودُ بالضَّرورةِ إلى اعتمادِ العنفِ وسيلةً لمناهضةِ المستعمِر، فقد كانتِ الكتيبةُ الَّتي تَدينُ بالولاءِ إلى الملك فؤاد محكومةً بقسَمٍ على طاعتِه؛ لذلك، قرَّرتِ العودةَ السِّلميَّةَ إلى مصرَ، إلَّا أنَّ السِّردار أمرهم بالتَّراجع؛ ولمَّا رفضوا الخضوعَ لأوامرِه، أصدر هدلستون أمراً للجنودِ البريطانيِّين بإطلاقِ النَّار، فردَّ عليه الجنودُ السُّودانيِّون، واستمرَّ القتالُ حتَّى العاشرة مساء، وانتهى بقمعِ المقاومة وكسرِ شوكةِ التَّمرُّد.
وكُنَّا سنختمُ الحديثَ عن تأويلاتِ الذِّكرى بالأهمِّيَّة الَّتي نراها لرسالتي للقاصِّ المبدِع عادل القصَّاص، الَّتي نُشِرت في 27 أكتوبر 2014، في “خيطِه” بموقع “سودانفورول” (ثمَّ نُشِرت بالتَّوازي في موقع “سودانفورول” تحت إشراف منصور المفتاح، و”الرَّاكوبة” تحت إشراف مسعود محمَّد علي، كما نُشِر جزءٌ منها في صحيفة “الشَّرقِ الأوسط”، وقام معهد العلَّامة عبد الله الطَّيِّب بتقديم ندوةٍ بصددِها في قاعة الشَّارقة بالخرطوم، وقامت عدَّةُ صحفٍ ومجلَّاتٍ سودانيَّة بنشرِها. إلَّا أنَّ رسالةً، وصلتني بالأمسِ من القصَّاص بمدينة ملبورن الأُستراليَّة، قد نبَّهتني إلى أنَّ العيدَ التَّاسع لميلاد اِبنه الطَّيِّب هو 19 نوفمبر (أي الثَّلاثاء المُقبِل)، فتذكَّرتُ ملاحظة السِّر السَّيِّد بأنَّ الرِّسالة إلى أبي الطَّيِّب قد نبَّهت في المقامِ الأوَّل إلى أهمِّيَّة البيوت السُّودانيَّة في تحمُّل أعباء الحركة الثَّقافيَّة بإعالتِها في معاشها وإقامةِ أودِها، خصوصb