اللاجئون السودانيون بشرق تشاد معاناة وانتهاكات
كمبالا: الثلاثاء 19نوفمبر 2024: راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو
رسمت منظمة مجموعة العمل الاطاري Frame Work صورة قاتمة للأوضاع في معسكرات اللاجئين شرقي تشاد، ووصفتها “بالسيئة جداً مقارنة ببقية معسكرات اللاجئين في دول الجوار”.
وارسلت المنظمة فريقاً من موظفيها الى شرق تشاد للرصد والتقصي حول الواقع الذي يعيشه اللاجئون في المعسكرات.
ويتجاوز عدد المعسكرات 20 معسكراً، يقطنها أكثر من 600 ألف لاجئ، بعضها قديم أقيم خلال الفترة بين عامي 2003 إلى 2020، والبعض الآخر أقيم بعد حرب 15 أبريل.
ولا زالت المعسكرات تستقبل عشرات الأسر اسبوعياً من الفارين من احداث جبل مون بغرب دارفور، الذين تجمعوا بالقرب من منطقة برك على الشريط الحدودي بين السودان وتشاد.
وقالت المنظمة في التقرير الذي اعدته بعد الزيارة، إن اللاجئين يواجهون أوضاعاً سيئة وانخفاضاً في المساعدات الانسانية بصورة كبيرة.
وينوه راديو دبنقا إلى أن لم يتمكن من الحصول على تعليق فوري من السلطات التشادية أو المنظمات الإنسانية المعنية بتلك المعسكرات للرد على الاتهامات الواردة في التقرير.
وأوضح التقرير، الذي حصل راديو دبنقا على نسخة منه، أن اللاجئين كانوا يتلقون في البداية مساعدات تكفيهم لمدة 20 يوماً في الشهر، لكنها قُلِّصَتْ حتى اصبحت لا تكفيهم لمدة اسبوع.
وأشار التقرير إلى أن هناك معسكرات لم تتلق مساعدات لاكثر من ثلاثة أشهر.
واوضحت المنظمة أن فريقها أجرى لقاءات مع اللاجئين في المعسكرات وكانت أغلب الشكاوى تتعلق بقلة المساعدات الغذائية.
الوضع الامني
وأشار التقرير إلى نشوء نزاعات بين المجتمعات المحلية واللاجئين في عدد من المعسكرات بشرق تشاد بسبب وجود معظم المعسكرات في أراضي متنازع عليها من قبل المجتمعات المضيفة فيما بينها.
وأشارت المنظمة في تقريرها الى أن انشاء المعسكرات في مواقع ذات موارد شحيحة؛ خلق صراعات حول الموارد، وأدى إلى تعارض مصالح بين السكان المحليين واللاجئين.
وأضاف التقرير “حدثت المشاكل بين اللاجئين والمجتمعات المستضيفة، عندما وُزِّعت مساحات زراعية بواسطة السلطات المحلية للاجئين بمعسكر (ام بيليا) دون التنسيق مع السكان المحليين ما نتج عنه نزاع بين الطرفين”.
وكشف التقرير عن عدد من جرائم الاغتصاب بحق النساء اللاجئات عند ذهابهن للاحتطاب بجانب الاعتداءات المتكررة بالضرب، اضافة إلى الضرب المبرح الذي تتعرض له النساء والاطفال اللاجئين من قبل اجهزة الأمن اثناء توزيع الاغاثة.
ونبه التقرير إلى أنه في ذات الوقت عندما يتقدم اللاجئون ببلاغات عن الانتهاكات التي يتعرضون لها لا يجدون اي استجابة من السلطات.
الاوراق الثبوتية
وكشفت منظمة Frame Work عن تحديات واجهت اللاجئين في الحصول على الاوراق الثبوتية والمستندات الرسمية لتقنين وضعهم في تشاد، وخاصة كروت اللجوء وجوازات السفر التابعة للامم المتحدة وكروت صرف الاغاثة، في وقت لا تسمح فيه السلطات التشادية للاجئين بالتحرك دون امتلاك مستندات اللجوء.
وأشارت الى ان 70% من اللاجئين ليست لديهم بطاقات أو اي مستندات من مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وقالت ان هذا الأمر يحتاج الى مناصرة من قبل المدافعين عن حقوق الانسان.
مشاكل السكن
كشف التقرير عن مشاكل تواجه اللاجئين في معسكرات شرقي تشاد تتعلق بالسكن، الذي يُبنى بمواد غير ملائمة لطبيعة المنطقة وظروف البيئة في شرق تشاد، لذلك أدى موسم الأمطار الى تدمير أعداد كبيرة من المنازل في المعسكرات، اضافة الى ان هناك معسكرات لم يحصل اللاجئين فيها على مواد إيواء.
واضاف التقرير أن “معسكر ابو تنقي وحده فيه اكثر من 10 الف أسرة لم تحصل على مواد ايواء، في وقت لا يستطيع فيه اللاجئون شراء مواد البناء”.
مياه الشرب
أشار تقرير منظمة Frame Work الى ان معسكرات (علاشا، ابوتنقي، فرشنا، ومجي) تعاني من مشاكل في الحصول على مياه الشرب، واوضح ان المنظمات تعمل على نقل مياه الشرب بواسطة التناكر من اماكن بعيدة وبطريقة غير منتظمة؛ ما أدى الى وقوع اصابات بالأمراض التي تسببها المياه غير الصالحة للشرب، مثل أمراض الكلى وحالات تورم في العيون.
الصحية والتعليم
يواجه اللاجئون مشاكل تتعلق بضعف تصميم المراحيض من حيث العمق ومواد الانشاء غير الملائمة للأراضي الرملية بالمعسكرات ما يؤدي الى انهيارها، الأمر الذي انعكس على الاوضاع الصحية في المعسكرات.
وأضاف التقرير أنه في مقابل ذلك تعاني المعسكرات من نقص الخدمات الصحية المتمثلة في (المراكز الصحية، الأدوية، الكوادر الصحية، المعدات الطبية وأدوية الأمراض المزمنة) ونبه التقرير الى أن أغلب الخدمات الصحية تتمركز في معسكر أدري دون غيره من بقية المعسكرات.
وأشار الى أن المرضى يعانون كذلك في التواصل مع الكوادر الطبية والعاملين في المراكز بسبب عامل اللغة، اضافة الى أن البرتكول العلاجي المستخدم في المعسكرات لا يتناسب مع الطبيعة الجسدية للسودانيين.
وذكر أن مصابي الأمراض المزمنة خاصة من بينهم مصابي الإيدز يتم التعامل معهم على انهم مصابين بمرض عادي دون وضع أي محاذير، الأمر الذي قد يعرض الآخرين للإصابة بالمرض.
ونبه الى التقرير الى أن هنالك مبادرات حاولت القيام بها كوادر صحية من اللاجئين لتقديم الخدمات الصحية؛ لكنها واجهت صعوبات في الحصول على أذونات لإدخال الأدوية المستوردة من الخارج، وأوضح أن السلطات لا تسمح ببيع الا ما يتوفر من أدوية في السوق المحلي، في حين لا تتوفر الأدوية المطلوبة في الأسواق. ونوه التقرير الى ان وجود معسكرات اللاجئين في مناطق تشهد تلوثاً بيئياً ادي الى ظهور حالات لالتهاب الكبد الوبائي وسط اللاجئين.
وفيما يتعلق بخدمات التعليم أشار اللاجئون في لقاءتهم مع فريق المنظمة الى ان هنالك مشاكل كبيرة تواجه ابنائهم في مجال التعليم، حيث تفتقر معظم المعسكرات للمدارس، بينما هناك ضعف في توفير التعليم البديل للأطفال ما أدى الى انخراط أطفال اللاجئين في اعمال العنف وادمان المخدرات، اضافة الى عدم وجود (تعليم طوارئ) في معظم المخيمات، وأوضحوا أن المنهج الذي يدرس في معسكري (ميجي وابو تنقي) هو المنهج التشادي والذي يمثل تحدياً كبيراً للأطفال بسبب اللغة والثقافة والعدادات والتقاليد.
ورصد فريق منظمة Frame Work 21 معسكراً للاجئين بدولة تشاد تعاني 80% منها من انعدام خدمات الاتصالات واغلبها يقع في مناطق نائية جدا عن المدن التشادية.
ولفت التقرير الى ان هناك مشكلة قد تواجه اللاجئين الذين تعمل السلطات على تحويلهم الى معسكر دقي الجديد، بسبب انه يقع في مناطق تسكنها اثنية عربية الأمر الذي قد يدخلهم في نزاع جديد.
لكن في المقابل علم راديو دبنقا بأن هناك مبادرات لناشطين من النازحين والمجتمعات المحلية تسعى لتعزيز الثقة بين المجتمعات المستضيفة واللاجئين، اضافة الى ان فريق المنظمة اجتمع مع قادة المجتمع المدني في شرق تشاد وأكدوا استعدادهم لتقديم انشطة لتوعية النازحين بقوانين اللجوء في تشاد والتنسيق مع الاجسام النشطة من اللاجئين في ذلك.
واشار فريق المنظمة الى انه أجرى خلال زيارته لتشاد عدة لقاءات مع الفاعلين في الشأن الانساني في انجمينا وأدري، اضافة الى اجتماعات مع السفارة الفرنسية والاتحاد والاوربي اضافة الى منظمة تشادية تعمل في مجالات حقوق الانسان والناشطين وقادة اللاجئين في المعسكرات، وذلك لبحث كيفية تذليل العقبات التي تواجه اللاجئين السودانيين في تشاد.
dabangasudan.org