اللاجئون السودانيون في ليبيا صورة قاتمة ومصير مجهول
طرابلس: الخميس 21 نوفمبر 2024: راديو دبنقا
تتفاقم معاناة اللاجئين السودانيين في ليبيا نتيجة لتكرار الجرائم المرتبطة بالاتجار بالبشر، بما في ذلك الاحتيال، الابتزاز، الاستغلال الجنسي، كما تتزايد الوفيات الناتجة عن محاولات الهجرة عبر قوارب غير آمنة.
وقد اظهرت تقارير وطنية ودولية تفاقم الأزمة بسبب غياب الحماية القانونية، والتشريعات الليبية الصارمة بشأن إقامة الأجانب والهجرة غير الشرعية.
ونشرت منظمة “العالم” لمناهضة التعذيب تقريرا تضمن حقائق وأرقام مهمة حول أزمة النزوح السوداني منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، ومن أبرزها.
وذكر التقرير أن اكثر من 10 ملايين سوداني نزحوا عن مناطقهم، ولجأ العديد منهم إلى دول مجاورة.
وافاد 41.7% من النازحين الذين شملهم الاستطلاع بتعرضهم للتمييز العنصري أو العنف.
ونسب 36.2% منهم الانتهاكات إلى المواطنين والسلطات المحلية، بينما أشار 25.2% إلى تورط الجماعات الإجرامية والميليشيات والمتاجرين بالبشر.
وحول أوضاع الدول المضيفة، أشار التقرير إلى أن مصر تستضيف ثاني أكبر عدد من النازحين السودانيين عالميًا (1.2 مليون)، وتواجه ضغوطًا شديدة على الموارد والخدمات.
كما ذكر التقرير أن ليبيا وتونس تعانيان من صعوبة استيعاب النازحين، مع وصول العديد منهم عبر طرق محفوفة بالمخاطر.
كما نوه التقرير إلى تصاعد التوترات المجتمعية والهجمات العنيفة على المهاجرين واللاجئين منذ يوليو 2023، حيث وثق لحالات طرد جماعي ونزوح قسري إلى مناطق صحراوية حدودية.
واشارت المنظمة كذلك في تقريرها إلى خطر تفشي الأمراض المعدية في ظل الظروف الصعبة ونقص الخدمات الصحية.
وخلص التقرير إلى عدد من التوصيات منها توفير الحماية والدعم للنازحين، وإنشاء مسارات آمنة وقانونية للجوء، ومعالجة الأسباب الجذرية للنزوح لضمان استدامة الحلول.
ورسم بعض الشهود واللاجئين صورة قاتمة لما يجري لهم في ليبيا.
وروى إبراهيم، لراديو دبنقا، وهو شاب سوداني في الثلاثينيات من عمره، جانبا من معاناته بعد أن ترك السودان.
وقال لراديو دبنقا “تركت السودان بسبب ظروف قاسية أحاطت بأسرتي، كنت أدرس في الجامعة، لكنني اضطررت لتركها لمساعدة عائلتي. فقدت والدتي بسبب مرض الكبد الفيروسي لعدم توفر العلاج، كما فقدت والدي بسبب مرض السكري”.
بعد مغادرته السودان مرورًا بتشاد ثم ليبيا، واجه إبراهيم قسوة الحياة في معسكرات التهريب قرب منطقة قربولي، حيث كان الطعام شحيحًا والحياة غير إنسانية.
خلال إحدى محاولاته للهجرة، أُعيد إلى الشاطئ بعد اعتراض خفر السواحل للقارب الذي كان مكتظاً بالمهاجرين.
ورغم إصابته بكسر في ساقه أثناء محاولة الهروب، يعمل إبراهيم الآن في مصنع صغير، لكنه لا يزال يحلم بالوصول إلى أوروبا.
أما الشاب محمد، فقد غادر السودان بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع وتوجه إلى ليبيا عبر طرق محفوفة بالمخاطر.
وعاش محمد قصصا مأساوية، مثل الوفيات في الصحراء جراء الجوع والعطش، كما تعرض للاحتجاز والابتزاز من قبل جماعات مسلحة.
لكن على الرغم من ذلك، يقول محمد إن “كل قصة تزيد من إصراري على المحاولة، رغم أن كل محاولة قد تكون نهايتها الموت.”
ويقول مالك الديجاوي، مدير منظمة الحد من الهجرة والعودة الطوعية للجاليات السودانية، أن عدد اللاجئين السودانيين في ليبيا ارتفع إلى نحو مليوني شخص بعد الحرب، مع تدفقهم عبر منافذ خطيرة مثل طبرق والكفرة.
ويعاني اللاجئون السودانيون من مخاطر مختلفة عبر الطرق التي يسلكونها مثل الالغام وتعرضهم للابتزاز وانفجار خزانات الوقود.
كما يعانون من مشكلات أخرى بعد وصولهم مثل نقص الوثائق الدراسية، التي تعقد تسجيل الأطفال في المدارس.
وتتزايد معاناتهم الىن مع قدوم فصل الشتاء في ظل افتقارهم للملابس الشتوية ووسائل التدفئة.
كما يعانون من ارتفاع تكلفة إصدار الجوازات وتجديدها مما يعيق توفيق أوضاعهم.
وأوضح الديجاوي أن مبادرة “استجابة” لدعم اللاجئين تواجه تعثراً بسبب عدم اعتماد الروابط السودانية وغياب الدعم الحكومي، ما أوقف مشاريع إنسانية ملحّة.
واوصى التقرير ببعض الخطوات التي يمكن أن تساعد على تحسين أوضاعهم مثل تخفيض رسوم الوثائق الرسمية وتفعيل دور مجلس الجاليات السودانية.
ووفقًا لتقرير منظمة العالم لمناهضة التعذيب (OMCT)، تُعد ليبيا، التي تعاني من الصراعات وانعدام الاستقرار، من أخطر نقاط العبور للمهاجرين.
ويسهم غياب حكومة مركزية قوية وانتشار الجماعات المسلحة في خلق بيئة فوضوية تتسم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وأشار تقرير منظمة “العالم” إلى أن هناك عددا من القوانين الليبية المساهمة في الأزمة، منها القانون رقم (19) لسنة 2010، الذي يجرّم الهجرة غير الشرعية ويمنح السلطات صلاحيات واسعة للاحتجاز والترحيل.
كما أشار التقرير إلى القانون رقم (24) لسنة 2023، الذي يمنع توطين الأجانب، والقانون رقم (19) لسنة 2001، الذي يحدّ من قدرة المنظمات غير الحكومية على تقديم الدعم.
وخلص التقرير في خاتمته إلى أن اللاجئين السودانيين في ليبيا يعيشون في بيئة قمعية تستهدف المهاجرين عبر التشريعات القاسية والظروف غير الإنسانية في مراكز الاحتجاز، والقيود المفروضة على المنظمات الإنسانية.
واضافت المنظمة أن تحسين أوضاع اللاجئين يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لمعالجة جذور الأزمة وتعزيز العودة الطوعية.
dabangasudan.org