تناسل وتكاثر المليشيات المسلحة في السودان.. مخاطر مستقبلية
«المقاومة ستكون الخطر القادم على البلاد» هكذا صرح ذات مرة نائب القائد العام للجيش السوداني الفريق شمس الدين كباشي رغم أن تصريحه فسره البعض بالخوف من ضياع السلطة وليس خوفاً على البلاد ولكن تبقي الحقيقة أن حمل المواطنين للسلاح وظهور تنظيمات مسلحة يشكل تهديد للبلاد.
تقرير _ التغيير
و شهد السودان خلال فترة الحرب قيام العديد من المليشيات المسلحة تحت مسمى المقاومة الشعبية بلغت حوالي “12” مليشيا مسلحة في شرق السودان وثلاثة في شمال ووسط السودان بجانب مليشيا في مناطق غرب كردفان وسط مخاوف من تحول هذه المليشيات إلى حركات مسلحة في ظل الحرب وغياب القانون .
ضرورة
الدكتور موسى الحاج عبدالله – رئيس حركة تحرير الجزيرة يقول إن قيام الحركة أملته الضرورة بعد الانتهاكات والاحتلال من قبل قوات الدعم السريع المتمردة لأرض الجزيرة .
وأضاف: دحر التمرد وتطهير الأرض لا يتحقق إلا بتضافر الجهود، وأن يسعى الجميع إلى هدف واحد، وهو الحفاظ على وحدة السودان وحمايته من الفوضى والضياع .
و قطع الحاج بأن الجيش السوداني هو صمام أمان الأمة، وقال “هو القوة التي ستمكننا من الدفاع عن الوطن وحماية ترابه ومكتسباته، و يجب علينا جميعًا، وبلا استثناء، دعم القوات المسلحة، وتوفير كل ما يلزم من إمكانيات مادية ومعنوية، لتتمكن من أداء دورها في إعادة الأمن والاستقرار للبلاد”.
وتسأل: موسى الحاج لماذا لا ينتقد أو يصرح فصيل ( قحت) أو( تقدم ) عندما جاء المرتزقة الأجانب ليحاربوا الجيش السوداني في أرضه والآن يرفعون أصواتهم في مواجهة المستنفرين .
تكرار
القيادي و المحامي بالجزيرة علي عبد الله أكد في حديثه لـ «التغيير» على عدم شرعية الكيانات العسكرية التي قامت بدعاوى محاربة الدعم السريع وقال : “هذه المليشيات تكونت بواسطة أحزاب وجهات سياسية بزعم محاربة الدعم السريع لكنها في النهاية تهدف للوصول للسلطة”.
ونوه إلى أن محاربة الدعم السريع هي مهمة الجيش وكل هذه الأجسام تعتبر مليشيات مهما أطلق عليها من أسماء و أضاف “سيشرب الشعب السوداني من ذات الكأس التي شرب منها سابقا وحاليا ولن يكون هناك أي استقرار سياسي أو اجتماعي في البلاد”.
وأشار عبدالله إلى أن هذه المليشيات تقوم حاليا بتصنيف المواطنين وتوزيع صكوك الوطنية عليهم وتمارس وفق ذلك انتهاكات مختلفة بل تحرض علي تسمية بعض المناطق بأنها حواضن للتمرد مما ينذر بخطر مجتمعي بتفتيت المجتمع السوداني وتقسيمه.
وأضاف : هذه الكيانات ليس لها أي سند قانوني يجيز انشاؤها في كافة دساتير وقوانين السودان دستور 2005 ودستور 2019 هؤلاء يفصلون القانون لصالحهم، و أجازوا في العام 2013 تكوين قوة عسكرية من قوات الدعم السريع وفق لقانون جهاز المخابرات العامة وحولوها في العام 2017 إلى قانون يتبع للقوات المسلحة اسميا فقط .
تحدي
وتحدي عبد الله أن يكون هنالك قانون لقيام هذه الأجسام وقال : حتي رئيس مجلس السيادة ورئيس الجمهورية لا يحق له بنص القانون إنشاء مثل هذه الأجسام العسكرية مشيرا إلى أن تطبيق الوثيقة الدستورية كان من شأنه إيقاف مثل هذا العبث ومنع قيام الحرب من اساسة لكن غدر العسكر اوقعنا في أتون هذه الحرب.
و يقول علي عبد الله، إن الحديث الأخير للشيخ عبد الحي يوسف والقيادي بالمؤتمر الوطني محمد السر يؤكد أن التنظيمات الإسلامية تخطط بقوة لعدم دمج هذه الأجسام في الجيش السوداني مستقبلا .
و تابع: حالياً يهدد هؤلاء الناشطين والثوار بأنه لا مظاهرات ولا احتجاجات مرة أخري بعد انتهاء الحرب وقالها بعضهم صراحة إن حل الدفاع الشعبي كان خطأً كبير ولن يتكرر إذا ، وقال :”نحن أمام سيناريوهات مشابهة للدعم السريع فربما تنتهي الحرب الحالية وتبدا أخرى مع ميليشيا جديدة في الوسط أو الشرق أو الشمال و ما الذي يمنع ذلك السلاح منتشر والفوضى تعم البلاد .
شرعية
المحامي عمار عبد الرؤوف يقول إن ظهور التنظيمات العسكرية للمقاومة الشعبية قانوني بموجب دعوة رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش البرهان للمواطنين بالاستنفار وهو أمر شرعي في الدين الإسلامي ولغة يعني الاستنجاد و أضاف “يقال استنفر الإمام الناس للجهاد فأنفروا وهو الحث علي القتال بسرعة”.
وأضاف : ليس هناك قانون ولا دستور يعلو فوق الشريعة الاسلامية لجهة أن مصدرها الله سبحانه وتعالى وبقية القوانين من اجتهاد البشر وزاد : “حالياً الاستنفار مطلوب شرعاً بغض النظر عن المسميات وبعد انتهاء الحرب شأن آخر”.
و أشار عبد الرؤوف إلى أن بقاء هذه التنظيمات وتطويرها أو دمجها وتسريحها بعد الحرب شأن يخص رئيس الدولة والجهات المختصة مثل المجالس التشريعية والبرلمان ولكن الأصل في هذه المسألة أن يكون للبلاد جيش مهني واحد يحتكر العنف وفق القانون.
و يقول الباحث بابكر الحاج : الميليشيات المسلحة دائما تناهض عملية التحول المدني الديمقراطي وتساند الانقلابات العسكرية ومواقفها هذه نابعة من طبيعة تكوين هذه الميليشيات وبنيتها الهيكلية وسلوك قادتها وتشابك مصالحهم بين الشأن العام والخاص.
ومن جهة أخرى، نجد أن هشاشة الدولة وضعف قدراتها وافتقاد قادتها إلى الشرعية، يعد من أبرز العوامل المشجعة على سلوك نهج الميليشيا في التعاطي مع القضايا الحقوقية والمطلبية
و أكد أسامة أن الحل يكمن أولاً في إيقاف الحرب ومن ثم اتخاذ خطوات في المستقبل لوقف التجييش والمليشيات بإخراج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي وتجريم الانقلابات العسكرية مع إنهاء ظاهرة تعدد الجيوش داخل الدولة.
altaghyeer.info