قصف معسكر زمزم بالفاشر..نصف مليون نازح يواجهون كارثة إنسانية
الفاشر: 3 ديسمبر 2024: راديو دبنقا
فرّت زينب برفقة أطفالها الثلاثة من معسكر زمزم للنازحين صوب مدينة الفاشر، أمس الاثنين، جراء شن قوات الدعم السريع قصفاً مدفعياً على المعسكر وُصف بأنه غير مسبوق.
وتقول زينب لراديو دبنقا “اضطررنا للفرار من المعسكر على أقدامنا دون أن نحمل سوى القليل من امتعتنا.. كان القصف مرعباً ومنظر الضحايا مخيف” وتضيف:” لم يكن أمامي سوى العودة مجدداً إلى الفاشر التي نزحنا منها بسبب ارتفاع حدة القتال بين الجيش وحلفائه مع قوات الدعم السريع”.
وجدّدت قوات الدعم السريع قصفها لمعسكر زمزم للنازحين الذي يبعد 15 كيلومتراً غربي بالفاشر،الثلاثاء، لليوم الثالث على التوالي، فيما خلف القصف الذي جرى خلال اليومين الماضيين 8 قتلى و13 جريحا. وفي الأثناء تجدد القصف الجوي والمدفعي في الفاشر اليوم “الثلاثاء”.
ووفقاً لإحصائيات المنظمات الطوعية فإن معسكر زمزم للنازحين يؤوي أكثر من نصف مليون نازح، ويشهد المعسكر أزمة إنسانية متفاقمة بسبب المجاعة المستمرة منذ أربعة أشهر.
وقال الصحفي معمر إبراهيم لراديو دبنقا إن الطيران الحربي شن غارات جوية على المحور الشرقي للفاشر، صباح اليوم، فيما شنّت قوات الدعم السريع قصفاً مدفعياً استهدف المحور الجنوبي الغربي من المدينة، وأشار إلى سقوط القذائف في حي الثورة جنوب وسوق المواشي. وقال إن القصف المدفعي أدى إلى إصابة عدد محدود من الأشخاص مبيناً إن هذه المرة هي الخامسة من نوعها التي يتعرض فيها السوق للقصف المدفعي.
ويقترب القتال بين الطرفين بمدينة الفاشر من شهره السابع، وأسفر حتى الآن عن مقتل آلاف المدنيين ونزوح نحو 140 ألف شخص من المدينة.
وأكد معمر أن قوات الدعم السريع تحاول بصورة يومية التوغل باتجاه المحور الشرقي والشمالي الشرقي والجنوبي الشرقي، منوها إلى تصدي الجيش والقوة المشتركة للهجمات باستمرار.
وقال مواطنون من الفاشر لراديو دبنقا إن قوات الدعم السريع لها وجود ملحوظ في حي التجانية شرقي المدينة، ولكن الصحفي معمر إبراهيم وصف وجود الدعم السريع في الفاشر بالمحدود، وقال إن عمليات التوغل الأخيرة لم تصل إلى السوق الكبير.
ونبه إلى أن تأخر انفتاح الجيش والقوة المشتركة في الاتجاه الشرقي أدى لاستمرار عمليات التوغل واستمرار القصف المدفعي.
نزوح جماعي
قالت مصفوفة تتبع النزوح التابعة لمنظمة الهجرة الدولية إن القصف المدفعي لمعسكر زمزم أدى إلى نزوح 84 أسرة إلى الفاشر ومحلية دار السلام بشمال دارفور يومي الأحد والاثنين.
من جانبها كشفت غرفة طوارئ غرفة طوارئ محلية دارالسلام بشمال دارفور عن وصول اعداد كبيرة من الأسر النازحة من معسكر زمزم إلى دارالسلام المدينة ومنطقة علاونة معظمهم نساء واطفال وأشار إلى استقبال عدد 119 أسرة جرى إيواؤهم في مركز رئاسة المحلية.
وأكد معمر إبراهيم لراديو دبنقا أن حركة النزوح إلى الفاشر تواصلت اليوم الثلاثاء، فيما نزح آخرون إلى مناطق شقرة و خزان قولو مبيناً أن القصف المدفعي طال بعض المناطق التي استقبلت النازحين الجدد.
ووصف معمر حركة النزوح من زمزم إلى الفاشر بالعكسية وغير المسبوقة، حيث أن النازحين كانوا يتجهون سابقا من الفاشر لمعسكر زمزم بعد المعارك العنيفة التي شهدتها المدينة. كما وصف أوضاع النازحين الجدد بالمزرية مشيراً إلى انتشارهم في الأودية و”الخيران”.
وتقول زينب إنها فقدت الاتصال بذويها في معسكر زمزم منذ خروجها بسبب انقطاع خدمة الإنترنت الفضائي (ستارلينك).
وأكد معمر أن استمرار انقطاع خدمة الانترنت الفضائي “ستارلينك” في معسكر زمزم أدى إلى صعوبة التعرف على حقيقة الأوضاع هناك.
من جانبها، قالت أطباء بلا حدود في تقرير إنها أخلت المستشفى الخاص بها في زمزم، يوم الاثنين، بسبب تجدد القصف المدفعي. وأوضحت المنظمة إن المرضى والمصابين جرى نقلهم إلى مرفق آخر بما فيهم ثلاثة أشخاص يحتاجون إلى العناية المكثفة، كما انتقلت الكوادر الطبية إلى مكان آخر.
وأشار الصحفي معمر إبراهيم إلى نقل المصابين إلى مستشفى “السلاح الطبي” و”المستشفى السعودي” بالفاشر.
مواقف دولية
أعربت المنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية في السودان التابعة للأمم المتحدة، كليمنتين نكويتا سلامي، عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تفيد بوقوع قصف في محيط معسكر زمزم قرب مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.
وقالت نكويتا سلامي “مرَّ الآن 232 يوماً على حصار مدينة الفاشر، ما أدى إلى مستويات غير مقبولة من المعاناة الإنسانية”.
وادانت المسؤولة الأممية بشدة الأعمال العنيفة ضد المدنيين الأبرياء، مضيفة “اشعر بقلق عميق إزاء التقارير المتعلقة بالقصف العشوائي الذي طال مخيم زمزم والعيادات الصحية وملاجئ النازحين، وأؤكد أن حماية هؤلاء الأشخاص أمر بالغ الأهمية”.
من جانبها، ناشدت منظمة “انقذوا الأطفال” أطراف الصراع بوقف القتال في الفاشر خاصة معسكر زمزم.
ودعا المدير القطري المؤقت لمنظمة “أنقذوا الأطفال” في السودان، محمد عبد اللطيف، في بيان اطلع عليه راديو دبنقا أطراف النزاع في شمال دارفور لحماية المدنيين، مؤكداً أن المعاناة التي يعيشها سكان معسكر زمزم للاجئين “تفوق كل تصور”.
وأضاف عبد اللطيف “ندعو إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل والامتثال للقانون الإنساني الدولي لإنقاذ حياة مئات الآلاف من المدنيين العالقين في المخيم.”
وبحسب منظمة “أنقذوا الأطفال”، لجأت العديد من الأسر لتناول علف الحيوانات (الأمباز)، في ظل نقص حاد في الغذاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الذرة والقمح والدخن.
كما يعاني سكان المعسكر من نقص حاد في المياه، حيث يحصل كل فرد على لترين فقط يومياً، مقارنة بالحاجة اليومية البالغة 20 لتراً.
وأكدت المنظمة أن الأوضاع الصحية في المخيم تزداد سوءاً، مع تسجيل حالات متزايدة من سوء التغذية الحاد بين الأطفال، وظهور أعراض مثل الهزال وتغير لون الجلد وتورم الأطراف.
ودعت المنظمة إلى تحرك عاجل من المجتمعين الإقليمي والدولي لتأمين المساعدات الغذائية والطبية، وفتح ممرات آمنة لإيصال الإمدادات الإنسانية إلى المخيم والمناطق المتضررة الأخرى.
كابوس حقيقي
في ذات السياق، قالت منظمة أطباء حدود أن الهجوم يمثل كابوسًا حقيقيًا للنازحين في مخيم زمزم، مع سقوط ضحايا، وذعر، ونزوح جماعي.
ووصفت منظمة أطباء بلا حدود الوضع بأنه خارج عن السيطرة، حيث يغادر المرضى والكوادر الطبية المعسكر ويحاولون الفرار للنجاة بحياتهم.
ونقل البيان الصحفي عن ميشيل-أوليفييه لاكارتيه، رئيس عمليات الطوارئ في أطباء بلا حدود، قوله “لم يعان الناس من الجوع فقط، بل يتعرضون الآن للقصف ويجبرون على الفرار مرة أخرى. نحن قلقون على سلامتهم، بما في ذلك موظفونا، وندعو بشكل عاجل إلى حماية المرضى والمدنيين والفرق الطبية والمرافق الصحية في مخيم زمزم. يجب أيضًا ضمان ممر آمن لمن يفرون من هذا العنف”.
إسقاط الفاشر عبر بوابة زمزم
من جهته، قال والي ولاية شمال دارفور المكلف حافظ بخيت إن القصف المدفعي يهدف إلى إسقاط مدينة الفاشر عبر بوابة معسكر زمزم وإفراغ المدينة من السكان للسيطرة عليها.
واتهم منظمات لم يسمها والحركات المسلحة بقيادة الهادي ادريس، والطاهر حجر، وسليمان صندل بنقل النازحين إلى مناطق سيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد بحجة تقديم المساعدات.
تبادل اتهامات
وتبادلت قوات الدعم السريع والقوة المشتركة للحركات المسلحة الاتهامات بشأن المسؤولية عن تدهور الأوضاع في معسكر زمزم، حيث اتهمت قوات الدعم السريع القوة المشتركة بتحويل معسكر زمزم إلى ثكنة عسكرية واستخدام النازحين كدروع بشرية.
بالمقابل اتهمت القوة المشتركة قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات واسعة في معسكرات النازحين.
ولم يتسن لراديو دبنقا الحصول على رد فوري من الجهات المعنية.
وجود عسكري
من جهتها لفتت 46 منظمة من بينها هيئة محامي دارفور ومركز الخاتم عدلان والمركز الافريقي للدراسات في بيان مشترك في منتصف اكتوبر إلى تقارير مفادها أن القوات المشتركة تزيد من وجودها العسكري في معسكر زمزم.
واعتبر البيان أن استخدام مخيمات النازحين لأغراض عسكرية يعرض المدنيين وغير المقاتلين لمخاطر العمليات العسكرية والانتقام من الأطراف المتحاربة.
ودعت الأطراف المتحاربة بالامتناع عن نشر القوات والمعدات العسكرية في معسكر زمزم وإنهاء الوجود العسكري في معسكرات النازحين في جميع أنحاء دارفور. كما دعا لوقف العمليات العسكرية والقصف المدفعي والجوي.
وكان مركز البحوث الإنسانية بجامعة ييل الأمريكية قد أشار، في تقرير له في نوفمبر إلى أن صور الأقمار الاصطناعية أظهرت وجود دفاعات جديدة بالقرب من معسكر زمزم.
إدانة
أدانت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بالسودان القصف المدفعي على معسكري أبو شوك وزمزم بالفاشر. كما استنكرت القصف الجوي الذي شنه الطيران الحربي مشيرة إلى استهداف المواطنين.
وأعرب آدم رجال المتحدث باسم المنسقية عن أسفه البالغ للانتهاكات الأخلاقية الجسيمة التي تمارسها قوات الدعم السريع والجيش السوداني. وطالب جميع أطراف النزاع بالابتعاد عن معسكرات النازحين وعدم استخدامها ميادين للمعارك.
dabangasudan.org