الجزائر تجري محاكاة لخطف طائرة فرنسية بعد 30 سنة من الحادثة
أجرت مجموعة من نخبة الشرطة الجزائرية، الثلاثاء، تمريناً يحاكي خطف طائرة مع مسافرين بداخلها، بمطار عاصمة البلاد، في مشهد أعاد للأذهان حادثة خطف طائرة تابعة للخطوط الفرنسية في 24 من ديسمبر (كانون الأول) 1994 بنفس المطار، من طرف عناصر «الجماعة الإسلامية المسلحة»، بينما كانت تستعد للإقلاع إلى باريس.
بين تاريخ التمرين والواقعة 30 سنة بالضبط، لكن الظروف السياسية التي تميز العلاقات الجزائرية - الفرنسية، متشابهة إلى حد بعيد؛ ففي مطلع التسعينات، كانت باريس تصف التنظيمات المتطرفة في الجزائر بأنها «معارضة مسلحة»، ما أثار سخط الجزائريين، وتسبب في جفاء طويل بين البلدين. وفي الوقت الحالي، تمر العلاقات الثنائية بقطيعة شبة كاملة لأسباب عديدة؛ أبرزها الخلاف حول «الذاكرة»، وموقف فرنسا الداعم للمغرب في نزاع الصحراء.
ونشرت مؤسسة «مطار الجزائر هواري بومدين» بحسابها بالإعلام الاجتماعي، فيديو يتضمن مشاهد اقتحام طائرة تجارية تابعة للخطوط الجوية الجزائرية، نفذته «مجموعة العمليات الخاصة للشرطة»، بينما كان إرهابيون يحتجزون ركابها. وظهر رجال الشرطة مزودين بالمعدات اللازمة، وعلى درجة عالية من إتقان التدريب، الذي بدأ بإحاطة من قائد العملية، حيث قدم التعليمات الضرورية للمشاركين، وانتهى بتأمين الطائرة بعد هجوم سريع وفعّال أسفر عن تحييد الإرهابيين وتحرير الرهائن. كما تمكنت مجموعة أخرى من الشرطة من السيطرة على إرهابي كان في صالة المغادرة بالمطار الدولي في الجزائر.
وتعد «مجموعة العمليات الخاصة للشرطة» فصيلاً أمنياً نخبوياً، أنشأته السلطات عام 2016، في عهد المدير العام للشرطة عبد الغني هامل، الذي يقضي حالياً عقوبة ثقيلة بالسجن، استناداً إلى تهم «فساد» مرتبطة بفترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، وتخصصت المجموعة في مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب في المدن، ونادراً ما تظهر للعيان.
ويمكن التعرف على عناصر هذه الوحدة من خلال لباسهم الأسود، وهم مدربون على بعض التدخلات الخاصة مثل عمليات احتجاز الرهائن. كما يمكنهم التدخل لتحييد المجرمين أو الأشخاص الخطيرين، وحماية الشخصيات رفيعة المستوى، أو نقل المعتقلين الخطيرين. وتخضع الوحدة مباشرة لإشراف المدير العام للأمن الوطني الحالي علي بدوي.
وشكلت عملية احتجاز الرهائن في عام 1994 حدثاً بارزاً في الجزائر وفرنسا؛ ففي صباح 24 ديسمبر 1994 تمكنت مجموعة من أربعة متشددين، أكدوا انتماءهم إلى «الجماعة الإسلامية المسلحة»، من الصعود إلى طائرة تابعة لـ«إير فرانس»، كانت متجهة إلى باريس وعلى متنها 232 شخصاً (ركاب وأفراد الطاقم). وكان معظم الركاب من الجزائر ومن البعثة الدبلوماسية الفرنسية العاملة بالجزائر. ووجد يومها من بينهم المطرب الأمازيغي الشهير فرحات مهني، وهو لاجئ حالياً بفرنسا، بعد أن أسس «حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل»، المصنفة جزائرياً «جماعة إرهابية».
واشترط الخاطفون إطلاق سراح عناصر من تنظيمهم، الذي عرف اختصاراً بـ«جيا»، وأمام رفض جهاز الأمن الجزائري طلبهم، أمر الخاطفون طاقم الطائرة بالإقلاع. وبعد نحو ساعة، توقفت في مطار مارسيليا بجنوب فرنسا للتزود بالوقوف. وعلى إثرها حاول الأمن الفرنسي إقناع المهاجمين بالإفراج عن الرهائن، لكن دون جدوى. واستمرت المفاوضات ليومين، وفي صباح الـ26 من ديسمبر نفذت وحدة النخبة التابعة للدرك الفرنسي هجوماً أسفر عن قتل المسلحين، وتم تحرير الرهائن، الذين أعدم الخاطفون ثلاثة منهم خلال مرحلة التفاوض.
والمعروف أن الجزائر عاشت في تلك الفترة إرهاباً مدمراً، خلّف 150 ألف قتيل، وفق إحصائيات الحكومة الجزائرية. وكانت المواجهة بين قوات الأمن والإسلاميين المسلحين قد اندلعت إثر تدخل الجيش لإلغاء انتخابات البرلمان، التي جرت نهاية 1991، والتي حققت فيها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» فوزاً عريضاً.
aawsat.com