خبر ⁄سياسي

جمال عبدالله أبكر: إرادة صلبة في وجه الحرب

جمال عبدالله أبكر: إرادة صلبة في وجه الحرب


طرابلس: 29 ديسمبر 2024: راديو دبنقا

في خضم الحرب السودانية التي وصفت بأنها واحدة من ابشع الحروب التي شهدها العالم الحديث، برزت قصص شباب رفضوا الاستسلام للواقع المرير، وتحدوا الظروف بإرادة وعزم لا يعرفان الانكسار. جمال عبدالله أبكر، شاب في منتصف العقد الثالث من عمره، واحد من هؤلاء الشباب الذين رسموا لأنفسهم طريقاً جديداً وسط الفوضى والمعاناة.

يقول جمال في حديثه لراديو دبنقا عبر ب نامج (قضايا الشباب) إنه ينتمي إلى أسرة بسيطة من مدينة الجنينة في غرب دارفور، وهي منطقة عانت ويلات الصراعات منذ عام 2003. كان يدرس القانون في جامعة غرب دارفور بشغف كبير، وحلم بأن يساهم في بناء دولة يسودها العدل ويحكمها القانون بعيداً عن الأنظمة الدكتاتورية والتقليدية. بالتوازي مع دراسته، عمل كحلاق لدعم أسرته، وظل يمارس الرياضة ويقرأ بشغف، في محاولة لتحقيق توازن بين متطلبات الحياة والطموح.

لكن اندلاع الحرب في أبريل 2023 غيّر مسار حياته. تعرضت مدينة الجنينة لإبادة جماعية، وفقد جمال وأسرته الكثير. اضطر لمغادرة البلاد مع من تبقى من عائلته، متنقلاً بين تشاد وليبيا، باحثين عن مأوى آمن حيث استقر في (أم الأرانب) واستأنف عمله كحلاق، متخذاً من هذه المهنة وسيلة لتأمين احتياجات أسرته وبناء مستقبله.

رغم قسوة الظروف، قرر جمال أن يتزوج، وأكمل زواجه بنجاح، لينتقل مع زوجته إلى طرابلس. هناك، بدأ مرحلة جديدة من حياته، حيث يعمل على توفير حياة كريمة لعائلته الصغيرة ويستعد لاستقبال مولوده الأول. وعن حياته الزوجية، يؤكد جمال أن علاقته بزوجته تقوم على الديمقراطية والتفاهم المتبادل، مشيداً بدورها المهني كشريكة في شركة للتجارة الإلكترونية، حيث تفوقت عليه في تحقيق إنجازات لافتة.

جمال، الذي يمتلك الآن صالون حلاقة صغيراً ويوفر له دخلاً معقولاً، يؤكد أن الحرب لم تثنه عن مواصلة تعليمه وتحقيق أحلامه. ورغم الأهوال التي عاشها، يحمل رؤية واضحة لمستقبل السودان. يقول: “أنا أحلم بدولة يحكمها القانون، وليس اجتهادات الإدارات الأهلية أو أهواء المغامرين”. ويشدد على أن الحرب فرضت على الشعب السوداني، واصفاً إياها بأنها حرب وجودية، مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع وقعت في خطأ كبير بمحاربتها الشعب السوداني بأكمله، ما يتطلب وقوفها عند حدها واعتذارها للشعب للسماح ببدء صفحة جديدة من التسامح والوئام.

في حديثه عن الشباب، يعبر جمال عن ألمه لحالهم في ظل الحرب، لكنه يدعوهم إلى تجاوز الصدمة والابتعاد عن اليأس والإحباط والانخراط في أعمال مفيدة تخدمهم وتخدم وطنهم. كما يحذر من الهجرة غير الشرعية والمخاطر التي تحملها، مؤكداً أن الفرص ما زالت متاحة لتحقيق النجاح. ويشدد على أهمية منح الشباب فرصة للتعبير والمشاركة في صنع مستقبل البلاد، مع التحذير من تهميش النساء وضرورة الحفاظ على حقوقهن في بناء الحياة والمجتمع.

جمال عبدالله أبكر هو نموذج للشاب السوداني الذي رفض أن تكون الحرب نهاية لأحلامه، وحوّل المعاناة إلى دافع لتحقيق مستقبل أفضل. قصته تلخص أمل جيل كامل يتطلع إلى بناء وطن يسوده العدل والسلام والديمقراطية، رغم كل التحديات

dabangasudan.org