الجيل الجديد يرفض العودة إلى الوراء: ما هو موقف الشباب السوداني من الحكومة الموازية المقترحة
أثار مقترح الجبهة الثورية السودانية بتشكيل حكومة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية، ولا سيما بين الناشطين السودانيين من الشباب، الذين يعارض معظمهم هذه الخطوة، واصفين إياها بحكومة “الدعم السريع”.
التغيير: فتح الرحمن حمودة
وتؤيد الجبهة الثورية الفكرة، بينما تعارضها غالبية قوى تنسيقية “تقدم”. وفي ظل رفض دولي متوقع، تواجه الحكومة المقترحة تحديات كبيرة في الحصول على الشرعية، بينما يظل موقف المجتمع الدولي معلقًا بين تحالفات سياسية وعسكرية متناقضة.
ولمعرفة الآراء حول المقترح، أجرت صحيفة (التغيير) استطلاعًا وسط الشباب المهتمين بحل الأزمة في السودان، حيث امتنع بعض المؤيدين لتشكيل الحكومة عن الإدلاء برأيهم، بينما عبر آخرون بوضوح عن مواقفهم الرافضة لهذه الخطوة.
تعميق الانقسامات
يرى الشاب عبد الرحمن محمد أن تشكيل حكومة موازية في البلاد سيعمق الانقسامات ويستنزف الموارد في ظل الأزمة الحالية. وأضاف لـ (التغيير) أن الحل يكمن في توحيد الصفوف، ودعم مبادرات السلام، وتعزيز الخدمات الإنسانية لمعالجة معاناة الشعب.
أما محمد أحمد فيرى أن الحكومة المرتقبة ليست حكومة موازية، بل هي حكومة “جنجويد”، وفق وصفه. وأكد لـ (التغيير) أن قرار تشكيلها سيقلل من فرص التوصل إلى حل لإنهاء الحرب الحالية التي أثرت بعمق على النسيج الاجتماعي السوداني، وخلقت انقسامات اجتماعية واضحة. وأضاف أن خطوة التشكيل ستعمق هذه الانقسامات، بما في ذلك الجانب السياسي، مما يعزز موقع “الدعم السريع” على الساحة المدنية، ويوفر لها واجهة سياسية على المستوى الدولي.
الشاب همام حسين يرى أن تشكيل الحكومة قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع. وأوضح لـ (التغيير) أن لذلك آثارًا اقتصادية خطيرة، أبرزها تعقيد توزيع الموارد بين حكومتين. كما حذر من تبعات عسكرية قد تؤدي إلى توسع الحرب، خاصة إذا صحت الأنباء عن صفقات أسلحة تدعم الأطراف المتحاربة، وبالأخص قوات الدعم السريع. ومن جانب آخر، أشار إلى أن هذا التشكيل قد يقود إلى انفصال سياسي أكثر منه اجتماعيًا، حيث بدأ يظهر ذلك جليًا في الميديا من خلال تصاعد خطاب الكراهية بين السودانيين.
ردة فعل
بحسب محللين سياسيين، تُعتبر فكرة تشكيل الحكومة الموازية في الوقت الراهن خطوة مثيرة للجدل ولها تداعيات سياسية واجتماعية عميقة. إذ تعتمد نتائجها على السياق الذي تُنفذ فيه وأهداف الأطراف التي تدفع باتجاهها. وما تجدر الإشارة إليه هو أن التكلفة السلبية التي ستتحقق على الأرض ستكون أكبر من حجم العوائد الإيجابية المرجوة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.
قال الباحث الثقافي والناشط السياسي موسى إدريس إن خطوة تشكيل حكومة موازية تعكس ردّة فعل تجاه سياسات سلطة البرهان، إلا أنها تعقد المشهد السياسي أكثر ولا تملك تأثيرًا كبيرًا على الأرض. وهو ما يفسر حالة التردد في المضي قدمًا بإعلانها. مشيرًا إلى أن الحل الحقيقي يكمن في التمسك بشعارات الحرية والسلام والعدالة، مستندًا إلى قوة النسيج الاجتماعي الذي يظل متماسكًا رغم الأزمات المتفاقمة.
وأضاف إدريس أن هناك تناقضات واضحة داخل فكرة تشكيل هذه الحكومة، إذ تضم مكونات اجتماعية وقبلية ومصلحية متعددة لا يجمع بينها تفاهم على أسس أوسع للتوافق. كما طرح تساؤلات حول إمكانية تحويل هذه الحكومة إلى واقع فعلي، سواء في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع أو كحكومة منفى، مشيرًا إلى اختلاف الآراء بين الأطراف المعنية وعدم وجود رؤية موحدة تدعم مثل هذا التوجه.
تعقيد التفاوض
وأوضح الباحث في قضايا السلام والنزاع في السودان، أكرم عبد النبي، لـ (التغيير) أن تشكيل حكومة موازية في ظل الحرب الحالية يرجح أن يؤدي إلى تعميق الانقسامات السياسية والاجتماعية بدلاً من معالجتها. مشيرًا إلى أن مثل هذا التوجه يعقد جهود التفاوض والمصالحة المستقبلية، ويفاقم التوترات الاجتماعية، خصوصًا إذا حملت الحكومة الموازية طابعًا قبليًا أو مناطقيًا.
وبينما تمضي الحرب في تمزيق أوصال السودان، تظل قضية الشرعية السياسية محورًا للجدل والانقسام بين الأطراف المختلفة وسط تباين في المواقف المحلية والدولية بشأن مقترح تشكيل حكومة جديدة.
ومع تضاؤل فرص نجاح أي حكومة تُشكَّل في ظل هذه الظروف، تبرز الحاجة الملحة إلى توافق سياسي شامل يكون قادرًا على إنهاء حالة الصراع ووضع أسس قوية لسلام دائم ينقذ البلاد من دوامة التدهور المتسارعة.
altaghyeer.info