استبدال العملة.. أسواق جنوب الخرطوم في طريقها للتجفيف
عاين- 7 يناير 2025
تسود المخاوف وسط سكان جنوب العاصمة السودانية الخرطوم الخاضعة لسيطرة الدعم السريع من فقدان ما بحوزتهم من نقود جراء عدم اعتراف قوات الدعم السريع بالعملة الجديدة، واعتبراها قرار الاستبدال غير قانوني ومنعها استخدامها في المناطق التي تسيطر عليها.
وكان بنك السودان المركزي أعلن استبدال العملة الحالية من فئات (١٠٠٠) و(٥٠٠) جنيه اعتباراً من العاشر من الشهر المنصرم، نتيجة عمليات التزوير والنهب الذي طال البنوك وعمليات الطباعة غير القانونية بعد الحرب والحصول على العملة على نحو غير قانوني.
ويتخوف السكان الموجودون في مناطق سيطرة الدعم السريع من أن يؤدي قرار استبدال العملة إلى حصار يتسبب في تجفيف الأسواق من السلع نتيجة هروب التجار؛ بسبب تآكل الكتلة النقدية التي بحوزتهم.
ويتحصل التجار العاملون في مناطق سيطرة الدعم السريع على النقد ببيع السلع وتحويل الأموال التي بحوزتهم إلى حسابهم البنكي؛ ومن ثم الذهاب إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش وشراء سلع؛ ومن ثم جلبها إلى مناطق سيطرة الدعم السريع مجددا، وهو الأمر الذي لن يكون ممكناً؛ لأن التجار لن يتمكنوا من حمل العملة القديمة بكميات لاستبدالها في مناطق الجيش، وذلك بسبب حالة السيولة الأمنية وعمليات النهب الواسعة في مناطق الدعم السريع، كما أنهم لن يكون بإمكانهم بيع بضائعهم بالعملة القديمة؛ لأنها لن تكون سارية خارج نطاق مناطق الدعم السريع التي يجلبون منها السلع وبالتالي لن يستطيعوا استلام عملة قديمة وإجراء تحويل بنكي مقابلها؛ لأنهم لن يتمكنوا من استبدال تلك العملة القديمة في مناطق الدعم السريع لعدم وجود نظام مصرفي لإغلاق كافة فروع المصارف، وبالتالي سيتآكل رصيدهم من النقد الموجود في حسابهم المصرفي نتيجة التحويلات غير المغطاة بعملة جديدة مقابل التحويل البنكي وعندها تتراكم عندهم النقود من العملة القديمة، ولن يتمكنوا من الحركة أو ممارسة النشاط التجاري في مناطق أخرى.
وأفاد مواطنون مراسل (عاين) من جنوب الخرطوم، أن النشاط التجاري سيكون مهدداً بعدم الاستمرار في مناطق الدعم السريع بعد انتهاء فترة استبدال العملة واعتبار العملة القديمة غير مبرئة للذمة، لعدم قدرة الدعم السريع على إدارة النقد الموجود وعدم وجود تخطيط اقتصادي لديه يمكن من استخدام العملة الجديدة، بالإضافة إلى قرار مقاطعته للعملة الجديدة وهو ما سيدفع عدداً من التجار للفرار من مناطق سيطرة الدعم السريع.
ويقول التاجر في جنوب الخرطوم عثمان خير، لـ(عاين): أن “الأكثر تضرراً من استبدال العملة سيكون هم التجار الذين يتحركون من مناطق سيطرة الدعم السريع إلى مناطق سيطرة الجيش لجلب البضائع”.
وأضاف خير: “أولئك التجار ستكون وسيلتهم الوحيدة لشراء البضائع هي التحويلات البنكية، وأنهم سيكونون محاصرين جراء ذلك القرار؛ وبالتالي سيضطرون إلى التعامل بالتحويلات البنكية فقط في مناطق سيطرة الدعم السريع لاستلام قيمة بضائعهم”.
وأشار عثمان إلى أن التعامل الأغلب للتجار في مناطق سيطرة الدعم السريع سيكون عبر التحويلات البنكية وليس (الكاش)، واعتبر أن الراجح سيكون اضطرار الدعم السريع قبول دخول العملة الجديدة لمناطق سيطرته، واستدل على ذلك بأن منسوبين للدعم السريع ممن يحرسون المركبات التي تقل بضائع عدد من التجار رفضوا استلام المبلغ الذي يتقاضونه مقابل الحراسة نقداً، وطالبوا باستلامه عبر التحويل في حساباتهم وهو ما يعكس تخوفهم من تناقص رصيدهم المالي وعدم قناعتهم بقرار الدعم السريع برفض التعامل مع العملة الجديدة.
ونوه عثمان، إلى أن مناطق سيطرة الدعم السريع يمكن أن تشهد تجفيفاً أو ندرة في العملة القديمة جراء قرار استبدالها بأخرى جديدة، واستند إلى أن قرار استبدال العملة القديمة أدى إلى خروج العملات المزيفة من السوق حرصاً من التجار على إدخال ما لديهم من نقد في حساباتهم المصرفية؛ وبالتالي أصبحوا يمحصون العملات في تعاملاتهم، كما أن من لديهم عملات مزيفة لم ولن يتمكنوا من إدخالها للبنوك لتبديلها بأخرى جديدة، وذلك لأن أمرها سينكشف وبالتالي تبقت هذه الأموال بحوزتهم.
وتوقع ذات التاجر، أن يتسيد التعامل بالتحويلات البنكية المعاملات التجارية، وأن تصبح قيمة بيع البضائع مقابل التحويلات البنكية أقل من قيمة البضائع مقابل (الكاش) على عكس ما هو سائد والمتمثل في علو (الكاش) على التحويلات البنكية عند إجراء معاملات البيع حيث يزيد سعر البضاعة عند إجراء البيع بالتحويلات البنكية عن ما هي عليه ب(الكاش).
فرص
وحسب ما علمت (عاين) من أحد التجار، فإن هناك نقاشات في أوساطهم بأنهم لن يتمكنوا من استخدام العملة القديمة في مناطق سيطرة الجيش، وحددوا وجهتهم الجديدة لجلب السلع وهي دولة جنوب السودان، على أساس أن العملة السودانية القديمة ستكون متداولة هناك طبقاً لحديثهم.
وبعد بدء عملية الاستبدال، وطبقاً لما أفاد به (عاين) التاجر عبد الحميد حسان، فإن هناك بعض التجار الذين يتمتعون بحراسة من منسوبين للدعم السريع نشطوا في التجارة بالنقد، وذلك باستغلال حالة التزاحم على المصارف في مناطق سيطرة الجيش، وطرح عروض على السكان هناك باستبدال مبلغ بين (٧٠٠) أو (٥٠٠) ألف جنيه من العملة الجديدة عبر التحويل البنكي، مقابل استلام مبلغ (مليون) جنيه من العملة القديمة نقداً وإدخالها مناطق سيطرة الدعم السريع حيث تعتبر سارية المفعول، وأفاد ذات التاجر أن عدداً من التجار الذين يتحركون بين مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع تمكنوا من التكسب فعلياً من تجارة النقد تلك.
معالجات
وأبلغ مواطنون في جنوب الخرطوم مناطق سيطرة الدعم السريع مراسل (عاين) عن مخاوفهم من فقدان النقد الذي بحوزتهم على قلته، ويطالبون بمعالجات في عملية الاستبدال بعد وقف الحرب حتى لا تفوتهم فرصة تغيير النقود التي يملكونها ويعتبرون ذلك من حقهم كمواطنين سودانيين، وينبغي أن يوضع ذلك الحق في الاعتبار.
ومن المخاوف وسط أولئك السكان تناقص الكتلة النقدية في مناطق سيطرة الدعم السريع وحدوث ندرة في النقود يمكن أن تكون مفتعلة من المتاجرين في النقد للسيطرة على السوق، وطبقاً لذلك يزداد التعامل الربوي نتيجة التجارة في النقد وزيادة نسبة الخصم من النقود المسلمة (كاش) مقابل التحويلات في الحسابات البنكية، ولشرح ذلك يمكن قبول تحويل مبلغ من العملة الجديدة عبر الحسابات المصرفية عن طريق التطبيقات مثل (بنكك) وتسليم الشخص الذي يُحَوَّل له مبلغاً بالعملة القديمة في مناطق سيطرة الدعم السريع مع خصم نسبة من المبلغ المسلم نقداً وهو نوع من التجارة ظل رائجاً في مناطق الدعم السريع، ويتضرر منه السكان في تلك المناطق؛ بسبب عدم وجود نظام مصرفي فيها وانعدام أي مظهر لوجود مؤسسي للدولة.
الأسماء الواردة في التقرير مستعارة
3ayin.com