خبر ⁄سياسي

ولاية الجزيرة: إجماع على إدانة الانتهاكات وقوة لحماية سكان الكنابي

ولاية الجزيرة: إجماع على إدانة الانتهاكات  وقوة لحماية سكان الكنابي

أمستردام: 13 يناير 2025: راديو دبنقا

بعد أقل من 72 ساعة على استعادة الجيش السوداني والمجموعات العسكرية المتحالفة معه السيطرة على عاصمة ولاية الجزيرة، ود مدني، بدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تداول عدد كبير من مقاطع الفيديو تظهر دخول الجيش إلى عدد من مناطق الولاية. السمة العامة لهذه المقاطع أنها لا تكشف عن أي مواجهات عسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع، لكنها بالمقابل تظهر بوضوح أن قوات الجيش والقوات المتحالفة معها ترتكب انتهاكات واسعة ضد المواطنين الذين آثروا البقاء في ولاية الجزيرة بعد وقوعها تحت سيطرة قوات الدعم السريع. التهمة التي يواجهها هؤلاء هي التعاون مع قوات الدعم السريع.

الرد على الانتهاكات بمزيد من الانتهاكات

هذه التهمة ليست بالجديدة، بل تم رصد ممارسات مماثلة في كل المناطق التي يستعيد الجيش سيطرته عليها في الدندر وسنجة وأمدرمان والخرطوم بحري وأخرها كان مقطع الفيديو الخاص بإعدام شاب في منطقة أمبدة بالاستناد إلى شهادة طفلته التي قالت إنه ينتمي لقوات الدعم السريع. وتشير معلومات تحصل عليها راديو دبنقا إلى أن عدد الذين تم اعدامهم في ود مدني يفوق 45 شخصا خلال الأيام الثلاثة الأولى بعد دخول الجيش للمدينة، فيما لا توجد احصائيات لأعداد المعتقلين.

نفس الشيء كان يحدث عندما يدخل الدعم السريع أي منطقة ويسيطر عليها، فكل من بقي في داخلها هو يعمل لصالح الاستخبارات أو “فلولي” أو “كوز”. وشهدت ولاية الجزيرة، بعد أن اجتاحتها قوات الدعم السريع عقب انسحاب الجيش دون قتال في ديسمبر من العام 2023، انتهاكات واسعة ضد المدنيين، وتزايدت الانتهاكات بعد تخلي أبو عاقلة كيكل عن الدعم السريع وانضمامه للقتال بجانب الجيش. واجتاحت قوات الدعم السريع عدداً من القرى والمدن بالولاية ونكلت بالمدنيين وعاقبتهم على جريمة لم يقترفوها.

الجيش ومناصريه يوثقون الجرائم

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي العشرات من مقاطع الفيديو التي توثق للانتهاكات التي تحدث في ولاية الجزيرة. واطلع فريق التحقق في راديو على عدد كبير من مقاطع الفيديو وخلص إلى تقسيمها إلى ثلاث مجموعات رئيسية. المجموعة الأولى هي مقاطع فيديو يجري خلالها تهديد المواطنين والتحريض ضدهم وهذه في غالبيتها تم تصويرها وبثها حتى قبل دخول القوات المسلحة إلى ود مدني.

المجموعة الثانية من مقاطع الفيديو تظهر عمليات القبض والاستجواب والمعاملة السيئة لمن توجه إليهم تهمة التعاون مع الدعم السريع. أما المجموعة الثالثة من مقاطع الفيديو فهي التي تكشف عن الجرائم المرتكبة مثل الضرب والتهديد بالقتل وعمليات القتل بدم بارد.

نجح الفريق في التحقق من تاريخ تصوير عدد من مقاطع الفيديو والتي صورت غالبيتها بعد دخول الجيش إلى عدد من قرى ومدن الجزيرة، كما أن شهادات العديد من المنظمات الحقوقية المستقلة أكدت على اتساع نطلق الانتهاكات في هذه الفترة ويتسق وصفها لهذه الانتهاكات مع تلك التي تصورها مقاطع الفيديو. يضاف إلى ذلك أن حكومة بورتسودان تجاهلت التعليق على ما ورد فيها بالرغم من أن وزير الإعلام والناطق الرسمي سارع بإصدار بيان ينفي فيه وجود قوائم للمتعاونين.

لقطات شاشة لمقاطع فيديو تظهر القتل والتعذيب والإذلال

والتزاما بسياسته التحريرية، يمتنع راديو دبنقا عن نشر مقاطع الفيديو كاملة أو بشكل جزئي لما فيها من إذلال وحط للكرامة الإنسانية ولما تحتويه من صور فظيعة وتحريض مرفوض.

قوائم المتعاونين مع الدعم السريع

ومع انتشار مقاطع الفيديو، تداولت منصات التواصل الاجتماعي عدد من القوائم التي تضم أشخاصا تصفهم بالمتعاونين مع قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة. راجع فريق دبنقا للتحقق اثنين من هذه القوائم وتوصل إلى أنه من الصعوبة بمكان التأكد من صحتها لعدة أسباب، أولها أن شبكة الاتصالات في ولاية الجزيرة ما زالت خارج الخدمة وتوقف تشغيل شبكات استارلينك بعد مغادرة الدعم السريع. ثانيا، من الصعب التحقق من صحة هوية الأشخاص الموجودين على القائم رغم ذكر الأحياء والقرى التي يعيشون فيها. ثالثا تم ترويج هذه القوائم إما بدون تحديد الجهة الصادرة عنها، أو نسب القائمة لشخصيات وهمية مثل القائمة التي حوت 118 شخصا وموقعة باسم ود الكلاكلة، عبد العزيز قاسم.

في كل الأحوال، هذه القوائم أدت الغرض المطلوب منها وهو إثارة أجواء من الرعب والخوف وإجبار المواطنين على الإبلاغ عن بعضهم البعض وكذلك توجيه رسائل لمن هم في مناطق أخرى يسيطر عليها الدعم السريع بأن عليهم مغادرتها قبل وصول الجيش والمستنفرين إليها.

حكومة بورتسودان تستبق الادانات

في تعليقه على نشر إحدى القنوات الفضائية على موقعها الإلكتروني كشفاً بأسماء لمواطنين سودانيين وصفتهم بالمتعاونين مع الدعم السريع، أكد خالد الأعيسر، وزير الاعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن الدولة السودانية رائدة في مجال العدالة والقانون، ولا تعاقب المواطنين استناداً إلى الأقاويل والشبهات أو من دون محاكمات عادلة.

‏ونوه خالد الاعيسر إلى أن كل المواطنين الذين كانوا مقيمين -قسراً – في مناطق تحت سيطرة الميليشيا هم مواطنون كاملو الحقوق، مثلهم مثل غيرهم في كل بقاع السودان وأن نهج الحكومة السودانية هو عدم معاقبة المواطنين بناءً على الشبهات والأقاويل والأخبار المفبركة أو من دون إثبات التورط وبعد محاكمات عادلة. وحذر من نشر مثل هذه الأخبار المفبركة التي تهدف إلى تشويه صورة الجيش السوداني ومؤسسات العدالة والقانون.

حرق كمبو خمسة (كمبو طيبة)

لكن ما حدث في كمبو خمسة (كمبو طيبة) الواقع إلى الشرق من أم القرى جاء ليدعم الاتهامات ضد الجيش والمليشيات المتحالفة معه. وتم تداول معلومات قوات “درع السودان” بقيادة أبو عاقلة كيكل بحرق كمبو خمسة (كمبو طيبة) شرق أم القرى بولاية الجزيرة، وقتل 8 أشخاص من بينهم طفلين، واختطاف رجل و13 امرأة يوم الجمعة 10 يناير 2025.

ووصفت مركزية مؤتمر الكنابي ما تعرض له سكان مناطق الكنابي وشرق أم القرى من انتهاكات جسيمة وممارسات إجرامية بأنها ترقي لمستوي الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية والتطهير العرقي وتهدد أمن وسلامة المجتمع السوداني. واعتبرت أن هذه الجريمة تمثل اختباراً حقيقياً للحكومة في مدى التزامها بحماية مواطنيها وضمان العدالة. وعبرت مركزية مؤتمر الكنابي عن أملها في أن يُقابل بيانها بتحرك جاد وسريع لإنهاء معاناة أهلنا، لأن التاريخ سيحكم على الجميع بما قدموه في أوقات المحن.

تنديد واسع بالانتهاكات

وأدانت هيئة محامي دارفور الانتهاكات الجسيمة التي تمت ممارستها بمدينة ود مدني عقب استردادها بواسطة الجيش، وحذرت من نتائج ظاهرة أخذ القانون باليد. وحذرت من أن استمرار مثل هذه الممارسات والانتهاكات ستعصف بالدولة، كما وستصبح ظاهرة الفوضى المستمرة الحالة السائدة بالبلاد وستؤدي بها إلى تقسيمات مناطقية وقبلية. وطالبت المدنيين بضرورة ضبط النفس وعدم الانجرار تجاه خطاب الكراهية، وتغليب روح الحكمة، والاحتفاظ بالحق في العدالة والإنصاف وملاحقة مرتكبي الجرائم وردعهم، وذلك وفقا لقواعد الشرع والقانون. 

استهداف مكونات مجتمعية في ولاية الجزيرة

وعدد محامو الطوارئ في بيان بشأن التصفيات التي يتعرض لها المدنيون في ولاية الجزيرة الانتهاكات والتي تتضمن القتل خارج نطاق القضاء، والتصفية، والاحتجاز غير المشروع، والخطف، فضلاً عن الإذلال الجسدي والمعنوي، والتعذيب، بما في ذلك الضرب الوحشي للمدنيين أثناء الاعتقال.

واعتبر محامو الطوارئ أن هذه الجرائم تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وتُعد جريمة ضد الإنسانية وفقًا للقانون الدولي، خصوصا وأن الادعاءات بتعاون المدنيين مع قوات الدعم السريع لا تستند إلى أي دليل قانوني أو مادي.

https://twitter.com/EmergncyLawyers/status/1878747752445989287

القوى السياسية تدين الانتهاكات

اعتبرت لجنة حقوق الانسان بتنسيقية (تقدم) أن الانتهاكات الجسيمة التي شهدتها منطقة كمبو طيبة تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، خاصة في ظل غياب سلطة شرعية مستقلة قادرة على إنفاذ القانون والمساءلة. وودعت (تقدم) لتوفير الحماية الدولية للمدنيين في ظل غياب الحكومة الشرعية وعجز المؤسسات المحلية عن توفير الحماية اللازمة للمدنيين، ندعو إلى إعمال الآليات الدولية لضمان سلامة وأمن المدنيين في مناطق النزاع.

وادان تجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر ما جرى ووصفه بالممارسات الإجرامية التي تأتي في سياق خطاب الكراهية والتحريض العنصري الذي يستهدف فئة بعينها، تمثل تهديداً خطيراً للنسيج الاجتماعي السوداني ووحدة البلاد. ودعا كافة القوى الوطنية الحية، والمنظمات الحقوقية، والمجتمع السوداني بأطيافه إلى الوقوف صفاً واحداً في وجه هذه الجرائم، والعمل على بناء سودان يسوده العدل والمساواة والاحترام المتبادل بين مكوناته المختلفة.

ودانت حركة تحرير السودان-المجلس الانتقالي بقيادة الدكتور الهادي إدريس و بأشّد العبارات المجازر البشعة التي نفذت ضد المدنيين بقري شرق الجزيرة – خاصةً قرية طيبة (كمبو خمسة) إثر دخول القوات المسلحة لها ورفضت كل الحجج والتبريرات غير المنطقية حيال هذه الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين. وناشدت الحركة الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالضغط على طرفي الحرب لوقفها فوراً ووضع حد للانتهاكات تجاه المدنيين.

ونوه التجمع الاتحادي في تصريح صحفي إلى إن هذه الحرب المستمرة منذ قرابة العامين باتت تهدد وحدة وتماسك النسيج الاجتماعي، ودعا مواطني ولاية الجزيرة للتصدي لخطابات الكراهية والعنصرية والجهوية المنتنة والتي تعرض الإقليم للتفتت والمزيد من الاحتراب والذي لطالما كان نموذجا للتعايش السلمي وبوتقة لانصهار الإثنيات والقبائل والمكونات الاجتماعية بداخله.

ودان حزب المؤتمر السوداني هذه الجرائم المروعة التي ترتكبها المليشيات المساندة للقوات المسلحة في حق سكان الكنابي في اقليم الجزيرة، ونرى انها جرائم حرب وجرائم تطهير عرقي بامتياز تعمل على تعيق الشرخ الاجتماعي بين السودانيات والسودانيين، دفعت عناصر النظام البائد في اتجاه التحريض على تنفيذها وايجاد المسوغات لها عبر بث الفتنة وتأجيج خطابات الكراهية والعنصرية والقبلية والضغائن. وحذر من مغبة الاستمرار فيها، محملا حكومة بورتسودان والقوات المسلحة المؤتمرة بأمرها كامل المسؤولية عن تلك الجرائم البشعة وعن سلامة سكان الكنابي وكل المدنيات والمدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها.

أما حزب الأمة القومي فقد أدان بشدة هذه الجرائم الشنيعة، وحمل قيادة القوات المسلحة المسؤولية الكاملة عن حماية المواطنين من جرائم المليشيات المتحالفة معها، وطالب بالتحقيق الفوري في هذه المجزرة البشعة وضبط المنتهكين ووقف هذه الانتهاكات بحق المواطنين في كافة المناطق، محذرا من الممارسات الإنتقامية ومحاولات جر ولاية الجزيرة للفتنة والزج بالمواطنين في مبررات هذه الحرب الإجرامية المدمرة.

حلفاء الجيش يرفعون صوتهم

عبر تغريدة على منصة اكس، عبر اركو مني مناوي، حاكم إقليم دارفور، عن قلقه العميق عند سماعه لخبر وقوع مجزرة لأهل الكنابي، وأضاف أنه اتصل ببعض المطلعين على تفاصيل الحادث الذين أكدوا أن الضحايا مواطنين عزل وإن الدوافع كانت انتقامية. وأعلن رفضه لحدوث أي مجازر جديدة في البلاد مهما كانت المبررات ووجه نداء للقوات بضرورة ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة دون السماح لأي حالة من الانفلات تحت زريعة الانتقام.

https://twitter.com/ArkoMinawi/status/1878807503128940555

وغرد جبريل إبراهيم، وزير المالية، متهما بعض الأطراف بتصفية بعض من تتهمهم بالتعاون مع المليشيا على أساس جهوي في ولاية الجزيرة. واعتبر أن هذه جريمة مدانة وأن ليس من حق أي مواطن أخذ القانون بيده. النظام القضائي في البلاد كفيل بمعاقبة أعوان المليشيا بغض النظر عن انتماءاتهم الجهوية والعرقية.

ووصف مبارك أردول، رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، مرتكبي المجزرة على سكان الكنابي بأنهم لا يقلون سوءا عن مرتكبي نفس الجرائم في ود النورة والجنينة واردمتا. واعتبر في تغريدة على منصة اكس أن قادة القوات ليسوا فوق القانون ولا يمكن الصمت على هذه التجاوزات ويجب محاكمة الجناة فورا.

https://twitter.com/MubarakArdol/status/1878821585420783783

من جانبه، حذر كاميرون هودسون، الدبلوماسي الأمريكي السابق والمؤيد للقوات المسلحة، حذر الجيش من مغبة التصرف مثل الدعم السريع إذا كان لا يريد أن يعامل مثلها. الناس لا يريدون التحرر من حكم قوات الدعم السريع ليخضعوا لنفس نوع البربرية من جانب القوات المسلحة. وإذا استمر ذلك، فستفقد القوات المسلحة وبسرعة كل الدعم الذي قد تستحقه.

https://twitter.com/_hudsonc/status/1879010645661958163

قوة لحماية سكان الكنابي

وفي رسالة صوتية حصل عليها راديو دبنقا، أكد جمعة الوكيل، مستشار رئيس حركة تحرير السودان-مناوي وعضو غرفة السيطرة في ولاية الجزيرة، أن هناك الكثير من الحديث عن الكنابي وأن مثل هذا الكلام مرفوض وأنهم قاموا بإرسال رسائل. وكشف عن نيتهم إرسال قوة بالمحور الغربي لحماية سكان الكنابي وأنهم سيعملون على رتق النسيج الاجتماعي وأن لا حق لأحد في طرد سكان الكنابي.

وأضاف أن جزء من أبناء الكنابي كانوا مع الدعم السريع وارتكبوا فظائع، وهم معروفين والاسر لم ترتكب الفظائع ولا يجب محاسب الكل بجريمة البعض. وكشف عن أن هذه القضية تمت مناقشتها يوم أمس بحضور الفريق شمس الدين كباشي وكل القيادات العسكرية، وأنهم تطرقوا أيضا لدور الكيزان.

وأضاف أن القوات تعاملت مع الأسر في مدني بأحسن ما يمكن وقدمت لهم مساعدات لأن الأوضاع في المدينة سيئة، كما أوضح أنهم قاموا بتحذير قواتهم من دخول منازل المواطنين وأن الأوضاع في مدني أف&#