خبر ⁄سياسي

تحليل: نتنياهو ينقل الحرب إلى الضفة الغربية للاحتفاظ بدعم اليمين المتطرف

تحليل: نتنياهو ينقل الحرب إلى الضفة الغربية للاحتفاظ بدعم اليمين المتطرف

بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع غزة حيز التطبيق، يوم الأحد الماضي، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية كبيرة في الضفة الغربية المحتلة، وهاجم مَن يُشتبه أنهم مستوطنون يهود بلدتين فلسطينيتين، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

جاءت موجة العنف الإسرائيلي الجديدة ضد الضفة الغربية في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضغطاً داخلياً من جانب حلفائه من اليمين المتطرف بعد موافقته على الهدنة وتبادل إطلاق سراح المحتجزين مع حركة «حماس». كما ألغى الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب العقوبات التي فرضها سلفه جو بايدن على مستوطنين إسرائيليين مُتَّهَمين بارتكاب أعمال عنف في الضفة.

هذا المزيج العنيف يمكن أن ينسف اتفاق وقف إطلاق النار المفترض استمراره 6 أسابيع على الأقل يتم خلالها إطلاق سراح عشرات المحتجزين الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية المسلحة، مقابل مئات السجناء الفلسطينيين في سجون إسرائيل، الذين سيتم إطلاق أغلبهم في الضفة الغربية.

وفي مساء الاثنين الماضي، هاجم عشرات الملثمين قريتين فلسطينيتين في شمال الضفة الغربية، ورشقوا السكان بالحجارة، وأشعلوا النار في عدد من السيارات والمنازل بحسب مسؤولين محليين فلسطينيين. وقالت خدمة الهلال الأحمر الفلسطيني إن 12 شخصاً على الأقل أُصيبوا في هذه الهجمات.

في الوقت نفسه نفَّذ الجيش الإسرائيلي هجوماً عسكرياً في منطقة أخرى بالضفة الغربية، قائلاً إنها كانت رداً على رشق سيارات إسرائيلية بعبوات حارقة.

وأضاف أنه تمَّ القبض على عدد من المشتبه بهم الفلسطينيين لاستجوابهم. وأظهر تسجيل فيديو تمَّ تداوله عبر الإنترنت عشرات الأشخاص وهم يسيرون في الشوارع.

ويوم الثلاثاء الماضي، أطلق الجيش الإسرائيلي عمليةً عسكريةً كبيرةً في مدينة ومخيم جنين بشمال الضفة الغربية؛ حيث اعتاد الجيش اقتحامهما والاشتباك مع المسلحين الفلسطينيين فيهما خلال السنوات الأخيرة وحتى قبل هجوم حركة «حماس» ضد مستوطنات وقواعد غلاف غزة يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي فجَّر حرب غزة الأخيرة التي استمرت نحو 15 شهراً. ولقي 9 فلسطينيين على الأقل حتفهم، بينهم فتى عمره 16 عاماً، وأُصيب نحو 40 في الهجوم الإسرائيلي، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه «نفَّذ ضربات جوية، وفكَّك قنابل أرضية وقتل 10 مسلحين»، دون أن يوضِّح ما يعنيه ذلك.

كما كشف السكان الفلسطينيون عن ازدياد نقاط التفتيش والحواجز الأمنية الإسرائيلية في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وهو ما يزيد صعوبة حياتهم.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن عملية جنين جزء من عملية أكبر ضد إيران والميليشيات الحليفة لها في المنطقة، مضيفاً: «سنضرب أذرع الأخطبوط حتى تتكسر».

في المقابل، يرى الفلسطينيون في مثل هذه العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوسيع المستوطنات وسيلةً لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة التي يعيش فيها نحو 3 ملايين فلسطيني تحت احتلال إسرائيلي يبدو دون نهاية، في حين تدير السلطة الفلسطينية، المدعومة من الغرب، المدن والبلدات الفلسطينية في الضفة.

وترى منظمات حقوق الإنسان الدولية البارزة الاحتلال الإسرائيلي للضفة شكلاً من أشكال الفصل العنصري؛ حيث يعيش أكثر من 500 ألف مستوطن يتمتعون بكل الحقوق التي تضمنها الجنسية الإسرائيلية، وهو ما تنفيه إسرائيل.

ويحاول نتنياهو جاهداً إخماد تمرد شركائه في الائتلاف الحاكم من القوميين المتطرفين منذ موافقته على وقف إطلاق النار في غزة، حيث ينصُّ الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من معظم أنحاء القطاع، وإطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين - بمَن في ذلك مسلحون مدانون بالقتل - في مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين الذين اختطفهم المسلحون الفلسطينيون في هجوم 7 أكتوبر 2023.

وقد استقال أحد أعضاء التحالف، إيتمار بن غفير، من الحكومة؛ احتجاجاً على وقف إطلاق النار، في حين يهدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالاستقالة إذا لم تستأنِف إسرائيل الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في أوائل مارس (آذار) المقبل.

كما يريد اليمين المتطرف، المشارِك في حكم إسرائيل، ضم الضفة الغربية، وإعادة بناء المستوطنات في غزة، مع تشجيع أكبر عدد من الفلسطينيين على ما يسمونها «الهجرة الطوعية» من فلسطين.

ورغم استقالة بن غفير فإن نتنياهو ما زال يتمتع بالأغلبية البرلمانية اللازمة لاستمرار حكومته، لكن خسارة سموتريتش الذي يعدّ أيضاً الحاكم الفعلي للضفة الغربية، ستضعف الائتلاف الحاكم بشدة، وقد تؤدي إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل.

ويمكن أن ينهي هذا فترة حكم نتنياهو التي استمرت نحو 16 عاماً، ويصبح عرضةً بصورة أكبر للمحاكمة بتهم الفساد، وفتح الباب أمام تحقيق عام مستقل في فشل إسرائيل في منع هجوم 7 أكتوبر.

كما أن عودة ترمب ربما تطلق يد المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وكذلك يمكن أن تؤدي عودته إلى إعطاء قبلة حياة محتملة لنتنياهو. فترمب الذي منح إسرائيل دعماً غير مسبوق خلال فترة حكمه الأولى، يحيط نفسه في ولايته الجديدة بمساعدين يدعمون الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وبعضهم يؤيد مزاعم المستوطنين بشأن الحق التوراتي لهم في الضفة الغربية، في حين يعدّ المجتمع الدولي، بأغلبية ساحقة، هذه المستوطنات غير مشروعة.

وفي حين يدَّعي ترمب أنه صاحب الفضل في التوصُّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في الأيام الأخيرة لحكم سلفه بايدن، فإنه قال في وقت سابق من الأسبوع الحالي إنه «غير واثق» في إمكانية استمرار وقف إطلاق النار، مشيراً إلى احتمال منح إسرائيل حرية استئناف الحرب في القطاع، بقوله: «إنها ليست حربنا، إنها حربهم».

aawsat.com