مصر تشكو من تواضع الدعم الدولي مع تزايد أعباء اللاجئين
حملت الحكومة المصرية معها إلى جنيف هم اللاجئين، الذين «تتزايد أعباؤهم» على الموازنة العامة للدولة، فيما «تتواضع منح الداعمين»، حسب وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الذي طالب بـ«تقديم الدعم اللازم لمساعدة بلاده على تحمل أعباء استضافتهم».
جاء ذلك خلال لقاء الوزير المصري، الاثنين، مدير عام المنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، خلال زيارته جنيف، وقبل يوم من استعراض الوفد المصري برئاسة عبد العاطي، تقريره الدوري الرابع، أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، الثلاثاء.
ويعد «ملف اللاجئين» أحد أبرز الملفات التي تسعى مصر لإبرازها ضمن ملف حقوق الإنسان، معتمدة على دمجهم وسط المواطنين، ومعاملتهم كـ«ضيوف»، وهو المصطلح الذي يستخدمه الرئيس عبد الفتاح السيسي عادة لوصفهم، دون أن تتجاهل في الوقت نفسه ما يكلفها ذلك من أعباء مادية.
وشكا عبد العاطي، وفق بيان «الخارجية»، من أن «مصر تستضيف أكثر من 9 ملايين مهاجر ولاجئ ومن هم في أوضاع شبيهة باللجوء (...) وما يترتب على ذلك من أعباء على الموازنة العامة للدولة والمُجتمع المضيف، لا سيما في ظل تواضع حجم الدعم الدولي الذي تتلقاه مصر وعدم تناسبه مع الأعباء التي تتحملها».
ووفق تقديرات الحكومة المصرية فإنها «تتحمل نحو 10 مليارات دولار سنوياً، جراء تكلفة استيعاب 9 ملايين وافد على أراضيها»، في حين يعاني الاقتصاد، ويشهد معدلاً مرتفعاً من التضخم سجل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، 24.1 في المائة.
وأشار عبد العاطي، خلال لقائه بوب، إلى «الأوضاع السياسية والإنسانية المُتردية في دول الجوار، بما في ذلك النزاعات والأزمات السياسية والآثار السلبية للتغيرات المناخية، وأثرها على تنامي موجات النزوح والهجرة، وزيادة تدفقات المهاجرين إلى مصر».
وتعد مصر «حائط صد» لمنع تدفق المهاجرين بطرق غير شرعية إلى دول أوروبا، خصوصاً إيطاليا وفرنسا، وفق رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان، أيمن نصري، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا لم تحتضن مصر هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين، وتقدم لهم الخدمات نفسها التي يتلقاها مواطنوها، لباتت هذه الأعداد خطراً يهدد الدول الأوروبية».
ويرى الحقوقي المصري أن الدول الأوروبية والمنظمات الدولية، رغم ذلك، لم تفِ بالتزاماتها تجاه مصر، بتقديم المنح المباشرة الضرورية لدعم اللاجئين، مؤكداً أن المنح توجه لدعمهم حتى وإن كانت تضخ في الاقتصاد، وذلك عبر تعويض ولو جزءاً مما يستهلكونه من خدمات في التعليم والصحة والكهرباء واستهلاك السلع، خلال إقامتهم في مصر.
وسبق أن تطرق الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مايو (أيار) الماضي، إلى الضغط الذي يُشكّله «الضيوف»، على الموارد المصرية المحدودة، ضارباً المثل بالمياه، قائلاً: «إنهم يستهلكون مياهاً تصل إلى 4.5 مليار متر سنوياً، إذا ما جرى احتساب متوسط استهلاك المياه في مصر بنحو 500 متر»، عادّاً ذلك يُمثل «عبئاً كبيراً».
وطالب وزير الخارجية، بتكثيف الجهود الدولية لضمان التفعيل المُنصف والمُستدام لمبدأ تقاسم الأعباء والمسؤوليات. وحث المنظمة الدولية للهجرة على توفير الدعم اللازم لمساعدة مصر على تحمل أعباء استضافة الأعداد الكبيرة من المهاجرين ودعم جهودها الحثيثة في ملف الهجرة، وفق بيان الخارجية.
وحصلت مصر على مدار الأعوام الماضية على عدة منح وتمويلات لدعم ملف اللاجئين، من ضمنها شريحة أولى من الاتحاد الأوروبي مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، بقيمة مليار يورو، ضمن حزمة حجمها 7.4 مليار يورو.
لكن وكيلة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، النائبة سحر البزاز، تتفق مع عبد العاطي، في أن ما تتلقاه مصر من الدعم «لا يتناسب مع ما تنفقه من خدمات للاجئين»، مشددة على «ضرورة زيادة المنح والمساعدات الدولية لمصر لدعم هذا الملف»، خصوصاً مع التزام القاهرة بالمعايير الدولية فيه، موضحة: «لا نضع اللاجئين في خيام، ويعاملون معاملة المصريين».
وأضافت: «مع تزايد أعداد اللاجئين بشكل مستمر، لا بد من زيادة الدعم سواء المباشر أو عبر برامج لتدريبهم وتعليمهم».
واستعرض عبد العاطي كذلك من جنيف، الجهود المُستمرة التي بذلتها السلطات المصرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين عبر الحدود اتساقاً مع أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية.
وفي هذا السياق، أكدت رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، نائلة جبر، لـ«الشرق الأوسط»، «الدور الكبير الذي تقوم به مصر، حتى إن مركباً واحداً للهجرة غير الشرعية لم يغادر شواطئها منذ سبتمبر (أيلول) 2016».
aawsat.com