تجدد السجال حول مقترح ترمب نقل غزيين إلى خارج القطاع
تجدّد السجال، اليوم الثلاثاء، حول مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب نقل غزيّين إلى مصر والأردن، مع عودة مئات آلاف النازحين هرباً من الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» إلى أحيائهم المدمّرة، وفقا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
في وقت سابق من الشهر الحالي، دخل حيّز التنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن رهائن محتجزين في غزة، مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل.
ويرمي الاتفاق إلى وضع حد للحرب التي أشعل فتيلها هجوم غير مسبوق شنّته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار، طرح ترمب خطة لـ«تطهير» قطاع غزة، وأعاد التشديد على الفكرة، الاثنين، باقتراحه نقل فلسطينيين إلى مناطق «أكثر أماناً» على غرار مصر والأردن.
ترمب الذي نسب مراراً لنفسه الفضل في التوصل لاتفاق الهدنة بعدما راوحت المفاوضات مكانها شهوراً عدة، قال إنه سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن «في مستقبل غير بعيد».
والثلاثاء، جدّد الأردن رفضه مقترح ترمب. وقال وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، في مؤتمر صحافي: «نؤكد أن الأمن الوطني الأردني يُملي حتمية ثبات الفلسطينيين وبقائهم على أرضهم، ويملي ضرورة ألا يكون هناك أي شكل من أشكال التهجير للشعب الفلسطيني».
أما قطر فأشارت إلى أنها «لا تتفق في الكثير من الأمور مع جميع حلفائها، ليس فقط الولايات المتحدة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي، حين سُئل عن تصريحات ترمب: «موقفنا واضح دائماً بشأن ضرورة حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه، وأن حل الدولتين هو الطريق الوحيد للمضي قدماً».
كما نفت مصر صحة تقارير أفادت بأن ترمب أجرى محادثات مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي.
وأفادت التقارير بأن ترمب قال للرئيس المصري: «أتمنى أن يأخذ البعض منهم»، في إشارة إلى الفلسطينيين.
وقالت الهيئة العامة للاستعلامات: «نفى مصدر مسؤول رفيع المستوى ما تناولته وسائل الإعلام من إجراء اتصال هاتفي بين الرئيسين المصري والأميركي». وأضافت أن أي اتصال هاتفي يجريه الرئيس المصري مع رؤساء الدول «يتم الإعلان عنه وفقاً للمتّبع».
وأكدت مصر رفضها لأي تهجير قسري للغزيين، مشدّدة على «استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه».
«مهما حصل»
الثلاثاء، اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية التهجير القسري «غير مقبول». وقال الناطق باسم الخارجية، في بيان، إن «أيّ تهجير قسري لسكان من غزة سيكون غير مقبول»، مشيراً إلى أن ذلك «ليس انتهاكاً خطراً للقانون الدولي فحسب، بل إنه أيضاً تقويض كبير لحلّ الدولتين، وعنصر مزعزع لاستقرار شريكينا المقرّبين: مصر والأردن».
وكان ترمب أشار، السبت، إلى أن نقل سكان غزة إلى مصر والأردن قد يكون «مؤقتاً أو طويل الأجل».
وقال وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إنه يعمل مع رئيس الوزراء على «إعداد خطة لضمان تحقيق رؤية الرئيس الأميركي»، من دون مزيد من التفاصيل، علماً بأن سموتريتش عارض اتفاق وقف إطلاق النار.
ويرى الفلسطينيون أن أي محاولة لنقلهم قسراً من غزة ستكون أشبه «بالنكبة»، حين هُجّر الفلسطينيون من أرضهم لدى قيام دولة إسرائيل.
وقال النازح رشاد الناجي: «نقول لترمب وللعالم كله لن نترك فلسطين أو غزة مهما حصل».
ونزح كل سكان غزة تقريباً أكثر من مرة، جراء الحرب التي دمّرت غالبية أراضي القطاع.
ومن المقرر أن يستمر وقف إطلاق النار الجاري ستة أسابيع، ما يسمح في الإجمال بالإفراج عن 33 رهينة إسرائيلية في غزة مقابل نحو 1900 سجين فلسطيني.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر، الاثنين، أن ثمانية من الرهائن الذين سيتم تسليمهم في المرحلة الأولى من الصفقة قتلوا.
ومنذ بدء الهدنة حتى الآن، سلمت «حماس» سبع إسرائيليات، بينهن أربع مجندات، فيما أفرجت إسرائيل عن 290 معتقلاً فلسطينياً.
وبعد موافقة «حماس» وإسرائيل على الإفراج عن ستة رهائن في هذا الأسبوع، أعلنت حكومة الحركة في غزة أن «أكثر من 300 ألف نازح» تمكنوا من العودة إلى منازلهم في شمال القطاع.
وقال سيف الدين قزعاط (41 عاماً) الذي أمضى الليلة في خيمة بجانب منزله المدمر في منطقة تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة: «أشعلت النار لتدفئة أطفالي الذين ناموا من دون أغطية».
وعبر الرجل عن أمله في أن يتم توفير خيمة له ولعائلته وللعائلات العائدة الأخرى. وقال: «طلبي الوحيد أن يستمر وقف الحرب، وأن يعيدوا بناء البيت».
* «تحت الأنقاض»
في نيويورك، أكد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون أن إسرائيل ستقطع كلّ الاتصالات مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وأيّ هيئة تنوب عنها، بعدما وجّهت الدولة العبرية للوكالة الأممية اتهاماً بتوظيف أشخاص على صلة بـ«حماس».
وقال دانون إن «القانون يمنع (الأونروا) من العمل ضمن حدود الإقليم السيادي لدولة إسرائيل، كما يحظر أيّ تواصل بين مسؤولين إسرائيليين و(الأونروا)».
وسرعان ما أيدت واشنطن قرار إسرائيل. وقالت سفيرة الولايات المتحدة بالوكالة لدى الأمم المتحدة دوروثي شاي: «إنه قرار سيادي لإسرائيل بإغلاق مكاتب (الأونروا) في القدس في 30 يناير (كانون الثاني). الولايات المتحدة تدعم هذا القرار».
أما المفوض العام لـ«الأونروا»، فيليب لازاريني، فرأى من جانبه أن «الهجوم الإسرائيلي المتواصل» على الوكالة يضر بالفلسطينيين.
وقال لازاريني أمام مجلس الأمن إن «الهجوم المتواصل على (الأونروا) يضر بحياة ومستقبل الفلسطينيين في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة. إنه يقوض ثقتهم بالمجتمع الدولي، ويعرض أي احتمال للسلام والأمن للخطر».
وأدى هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي شّنته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، إلى مقتل 1210 أشخاص، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وقُتل في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة ما لا يقل عن 47317 شخصاً، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».
وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير: «على صعيد حصيلة القتلى، نعم لدينا ثقة. لكن دعونا لا ننسى أن الحصيلة الرسمية التي تعلنها وزارة الصحة هي للقتلى المسجلين في المشارح والمستشفيات؛ أي في مرافق رسمية».
وتابع: «هذه الحصيلة مرشّحة للارتفاع مع عودة الناس إلى ديارهم، ومباشرتهم البحث عن أحباء لهم تحت الأنقاض».
aawsat.com