غزيون في مصر يترقبون السماح بعودتهم ردا عمليا على ترمب
يستعجل غزيون موجودون في مصر العودة إلى قطاع غزة رغم الدمار الهائل الذي لحق بمنازلهم وممتلكاتهم؛ رداً على دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، ما جعلهم يستشعرون مسؤولية «الرد العملي على ترمب»، بحسب الصحافي الفلسطيني سامر زهير، المقيم بالقاهرة.
وفتحت مصر معبر رفح من جانبها لإدخال المساعدات إلى غزة منذ أول أيام وقف إطلاق النار في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي، لكنه ما زال معطلاً أمام حركة المسافرين بسبب ترتيبات أمنية ولوجيستية تتعلق بالجانب الفلسطيني من الممر.
وتوقع محافظ شمال سيناء، اللواء خالد مجاور، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، بدء استقبال المرضى والمصابين الفلسطينيين للعلاج في المستشفيات المصرية خلال أيام، بعد تجهيز المعبر من الجانب الفلسطيني.
وقدّر السفير الفلسطيني لدى مصر، دياب اللوح، عدد الوافدين بعد الحرب بـ103 آلاف فلسطيني، وفق تصريح له في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ولم يتطرق أي مسؤول مصري حتى الآن لمصير الغزيين الذين خرجوا من القطاع خلال العدوان سواء للعلاج أو عبر التنسيق، ويرغبون في العودة، كما لم تشر إليهم المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي اقتصرت على ذكر النازحين داخل غزة.
زهير (56 عاماً)، الذي دخل مصر في فبراير (ِشباط) الماضي، ورغم إنفاقه آلاف الدولارات في رحلة الخروج هو وزوجته وأبناؤه الأربعة، أكد تلهفهم وغيرهم من الغزيين في مصر للعودة «لتعمير أرضهم وبيوتهم».
تجهيز الحقائب
الأمر نفسه أكده الناشط الفلسطيني محمد مصلح، الذي سبق أن استبعد في حديث مع «الشرق الأوسط» أن يجهز الغزيون حقائبهم مباشرة للعودة بعد وقف إطلاق النار في ظل الدمار بالقطاع، لكن بعد دعوة ترمب قال: «لن نتخلى عن أرضنا، سنعود بمجرد فتح المعبر، لن تفلح خطة التهجير». وأكد مصلح: «إذا فُتح المعبر غداً أمام عودة الفلسطينيين، فكثير من الموجودين هنا سيعودون».
وقال ترمب في تصريحات صحافية، السبت الماضي، إنه «يتعين على الأردن ومصر استقبال مزيد من الفلسطينيين من غزة، حيث تَسَبَّبَ الهجوم العسكري الإسرائيلي في وضع إنساني مزرٍ»، وهو ما رفضته مصر والأردن.
ولا يبدو القلق على أي من الغزيين في مصر ممن تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، من فرص نجاح سيناريو «التهجير»، خصوصاً في ظل الموقف المصري المناهض له.
يقول زهير إن «مصر حمت القضية الفلسطينية بموقفها طيلة فترة العدوان، حتى حين قررت غلق معبر رفح»، في إشارة إلى رفضها السماح بنزوح الغزيين وقت اشتعال المعارك.
وأغلقت مصر معبر رفح في مايو (أيار) 2024 بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه من الجانب الفلسطيني، وذلك لرفضها التنسيق مع إسرائيل بشأنه.
استشراف المخطط
وعلق: «مصر دافعت عن سيادتها وسيادة الجانب الفلسطيني أيضاً، وأحبطت مخطط أن يفر الفلسطينيون من الموت إلى سيناء».
يتفق معه السياسي الفلسطيني المقيم في مصر الدكتور أيمن الرقب، قائلاً: «مصر استشرفت المخطط الإسرائيلي منذ البداية الطامح لتهجير أهالي القطاع، وأحبطته، سواء بغلق المعبر أو حتى بعدم منح الفلسطينيين الذين جاءوا بعد العدوان إقامات».
ويضيف: «هذه ليست أول مرة تستشرف فيها مصر مخططاً إسرائيلياً وتحذر الفلسطينيين منه».
ويرى زهير أن عدم منح الفلسطينيين إقامة لا يمكنهم من الاستقرار بحياتهم هنا وفتح حساب بنكي مثلاً أو تسجيل أبنائهم في مدارس، ويضيف: «الحكومة رحبت بنا وتتركنا نمشي بحرية، لا أحد يسألنا عن شيء، لكن دون أوراق لجوء».
الذاكرة والتاريخ
ولدى الجدة الفلسطينية أم علاء (66 عاماً)، التي خرجت من غزة في مارس (آذار) الماضي لتلقي العلاج من السرطان في مصر، أسبابها لاستبعاد تحقق مخطط التهجير بحكم الذاكرة والتاريخ.
تقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «بعض أهالي قطاع غزة أبناء نازحين... جدي ترك الرملة خلال نكبة 48 وجاء لغزة، كل المناطق في غزة التي تبدأ بمخيم مثل جباليا في الشمال والمغازي في الوسط لنازحين من فلسطين المحتلة، لذا لن يكرر الفلسطينيون اليوم ما عاشه أجدادهم من قبل، لن يغادروا».
وعلى النقيض لا ينوي بعض الغزيين في مصر العودة للقطاع، بسبب صعوبات يتوقعونها هناك، ورغبتهم في استكمال العلاج أو الدراسة بمصر، لكنهم عبّروا عن مخاوفهم ورفضهم لمخطط التهجير، ومنهم «أم الوليد».
تقول أم الوليد، التي جاءت إلى مصر هي ونجلتها في مارس الماضي، لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدي أحد في غزة سوى ابني الذي أرغب في إحضاره إلى مصر لدخول الجامعة، زوجي توفي منذ سنوات، وأبي استشهد، ولم يعد يسأل علينا أحد، ومنزلنا دُمر لماذا أعود؟».
وبين الرغبة في البقاء أو العودة، يتوقع الرقب أن يكون الفصيل الثاني أكبر، قائلاً: «يوجد في مصر عشرات الآلاف، ومن خلال تواصلي مع عدة عائلات فإن غالبيتهم أكدوا لي نيتهم العودة، أتوقع أن تتراوح أعداد العائدين بين 50 إلى 60 ألفاً».
aawsat.com