خبر ⁄سياسي

الجيش السوداني يسيطر والانتهاكات تتفاقم ضد النساء منازل تقتحم وأجساد تنتهك

الجيش السوداني يسيطر والانتهاكات تتفاقم ضد النساء منازل تقتحم وأجساد تنتهك

بعد سيطرة الجيش وحلفائه على مناطق واسعة في ولاية الجزيرة، برزت موجة جديدة من الانتهاكات الممنهجة ضد النساء، شملت الاعتداء الجسدي، الإذلال، والتحريض على العنف الجنسي، تحت ذرائع التعاون مع قوات الدعم السريع.

كمبالا: التغيير : تقرير

في 17 يناير، انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مروع من قرية “نعيم الله” بجنوب الجزيرة، يظهر سيدة تُدعى مريم، المعروفة محلياً باسم “مريومة”، وهي تتعرض لاعتداء من قبل جنود الجيش.

تفاصيل الحادثة

يُظهر الفيديو الجنود وهم يوجهون للسيدة مريومة اتهامات بالتعاون مع قوات الدعم السريع. في المشهد، بدت مريومة محاطة بالجنود الذين أطلقوا عليها ألفاظاً بذيئة وهددوها بالعنف والاغتصاب، كما تم الاعتداء عليها جسدياً.

وفقاً للشهادات الحية التي حصلت عليها ( التغيير)، حول الحادثة، من مصادر محلية، أن الاعتداء وقع في قرية “مبروكة”، وهي إحدى القرى المجاورة لقرية “نعيم الله”.

وأوضحت أن أحد الجنود المتورطين في الحادثة يُدعى يسري، والذي كان يعمل سابقاً سائقاً، للواء تابع لقوات الدعم السريع قبل أن يهرب إلى الجزيرة مع بداية الحرب وبصحبته مركبة عسكرية قام بإخفائها في المنطقة.

الجندي يسري المتورط في حادثة مريومة، كان يعمل سائقًا لدى لواء في قوات الدعم السريع قبل أن يفرّ إلى الجزيرة مع اندلاع الحرب وينضم لاحقًا إلى الجيش

لاحقاً، انضم يسري إلى الجيش، مدفوعاً بغبن شخصي تجاه المدنيين، وشارك في ممارسات انتقامية غير أخلاقية، كان من بينها الاعتداء على مريومة كما ذكرت المصادر.

لاحقاً، ظهر مقطع فيديو آخر للسيدة مريومة وهي في أحد المواقع التابعة لأجهزة أمنية.

الجندي الذي أهان السيدة

في الفيديو، قالت أنها نُقلت إلى عدة أماكن احتجاز دون معرفة أسباب اعتقالها أو التهم الموجهة إليها. وعلمت( التغيير) من مصادرها أن السيدة نُقلت إلى جهاز الأمن والمخابرات العامة في ود مدني حيث خضعت للتحقيق من قبل لجنة تقصي الانتهاكات التي شكّلها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ولم يطلق سراحها حتى الآن.

اتهامات عشوائية واستهداف عرقي

أشارت مصادر من مؤتمر الجزيرة إلى أن اقتحام منزل مريومة جاء في سياق اتهامات عشوائية بالتعاون مع الدعم السريع، وهي تهمة شائعة تُوجه دون أي أدلة قانونية، خاصة لسكان الكنابي الذين غالباً ما يُستهدفون بسبب خلفياتهم العرقية والاجتماعية.

وأكدت المصادر أن هذه الحادثة ليست الوحيدة، لكنها الوحيدة التي تم توثيقها بمقطع فيديو وانتشرت على نطاق واسع، مما أثار حالة من الغضب والاحتجاج.

تقارير حقوقية وشهادات محلية أكدت أن سكان الكنابي باتوا هدفاً لاستهداف عرقي وقبلي بعد سيطرة الجيش على المنطقة.

السلطات لم تتخذ أي إجراءات لتوقيف المتورطين في الانتهاكات رغم وجود مقاطع فيديو .. ولجان التحقيق “لتغطية الجرائم” دون تقديم نتائج أو محاسبة حقيقية

والكنابي هي تجمعات سكنية ظهرت مع تأسيس مشروع الجزيرة في العام 1925، حيث يعيش فيها العمال الزراعيون في ظروف غير لائقة، إذ تفتقر إلى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، المدارس، والمراكز الصحية، مما جعل سكانها عرضة للاستهداف في ظل النزاعات المسلحة

الأمين العام لمؤتمر الكنابي جعفر محمدين، قال لـ (التغيير)، أن الانتهاكات في ولاية الجزيرة طالت المدنيين بشكل واسع، وتركزت بشكل خاص على سكان الكنابي.

وقرية مبروكة التي تعرضت فيها السيدة مريومة للاعتداء، هي واحدة من هذه التجمعات التي تطورت من “كمبو” إلى قرية مأهولة. إلى جانبها توجد قرى أخرى مثل “نعيم الله”، و”كمبو الجير”، و”كمبو شتات”، وجميعها تعرضت لهجمات متكررة .

وأوضح محمدين أن المجموعات القبلية المسلحة والمستنفرين استهدفوا بشكل خاص السكان المنتمين إلى القبائل ذات الأصول الإفريقية مثل البرقو والتاما، إضافة إلى اللاجئين من جنوب السودان، حيث تُستخدم التهم العشوائية لتبرير الاعتداءات والانتهاكات ضدهم.

محمد صلاح، عضو تحالف محامو الطوارئ، اشار في حديثه لـ (التغيير) أن هناك نمطاً ممنهجاً من الانتهاكات التي تُرتكب ضد النساء في ولاية الجزيرة، تحت ذرائع التعاون مع الدعم السريع، رغم عدم توفر أرقام دقيقة حول عدد الضحايا.

وأوضح أن هذه التهم تُستخدم بشكل عشوائي وبدون أي أدلة قانونية، ما يجعل النساء والمواطنين في هذه المناطق عرضة للاعتداءات الجسدية والنفسية.

ذرائع التعاون مع الدعم السريع تهم تُستخدم بشكل عشوائي وبدون أي أدلة قانونية

وأضاف صلاح أن هذه الاتهامات غالباً ما توجه ضد سكان الكنابي، الذين ينتمون إلى خلفيات إفريقية مثل النوبة واللاجئين من دولة جنوب السودان.

وقال: “تم الاعتداء على هؤلاء المدنيين بشكل عنصري واتهامهم زيفاً بالتعاون مع الدعم السريع، فقط لأنهم ينتمون إلى مكونات اجتماعية معينة.”

ولفت إلى أن الانتهاكات لم تقتصر على هذه الفئة فقط، بل امتدت لتشمل مجموعات مسلحة كانت في السابق جزءاً من قوات الدعم السريع قبل أن تنشق وتنضم إلى الجيش، مثل قوات “درع السودان”.

وأكد صلاح أن هذه المجموعات تمارس حالياً انتهاكات مماثلة لما كان يُتهم به الدعم السريع، مما يفاقم معاناة المدنيين ويعزز استمرارية العنف في المنطقة

تسييس القضاء ولجان التحقيق

واعتبر، أن لجان التحقيق التي أعلن عنها الجيش السوداني للتحقيق في الانتهاكات بولاية الجزيرة تفتقر إلى المصداقية والاستقلالية.

وأوضح صلاح أن هذه اللجان ليست سوى محاولة لامتصاص الغضب الشعبي والإعلامي بعد حملات المناصرة التي سلطت الضوء على المجازر والتصفيات الميدانية المرتكبة في الجزيرة.

وأضاف صلاح أن الجهاز القضائي في السودان أصبح أداة في يد الجيش منذ بداية الحرب، حيث يُحاكم المدنيون على أساس الاشتباه بتهم فضفاضة، أبرزها التعاون مع الدعم السريع.

تم نقل السيدة (مريومة) إلى جهاز الأمن والمخابرات في المناقل، حيث خضعت للتحقيق على يد لجنة تقصي الانتهاكات التي شكّلها رئيس مجلس السيادة ولم يتم الإفراج عنها حتى هذه اللحظة

وأشار إلى وجود أكثر من 130 شخصاً محتجزين في سجن بورتسودان بتهمة التعاون مع الدعم السريع، بالإضافة إلى آخرين يواجهون محاكمات بموجب مواد قانونية مثل المادة 50 الخاصة بتقويض النظام الدستوري والمادة 51 المتعلقة بالتعامل مع جهات معادية، والتي تصل عقوباتها إلى السجن المؤبد.

ورأي عضو محامو الطوارئ، أن المحاكمات الحالية تُجرى بإجراءات مخالفة للقانون، ولا تحقق معايير العدالة، مؤكداً أن النيابة العامة غير مؤهلة لإجراء تحقيقات عادلة في ظل التسييس الذي يسيطر على الجهاز القضائي.

وأكد أن هذه الإجراءات رُفضت في عدة حوادث من قبل محاميي الطوارئ ومنظمات المجتمع المدني، التي طالبت بإشراك جهات دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات.

وفيما يتعلق بلجنة التحقيق التي شكّلها رئيس مجلس السيادة، اعتبر صلاح أن هذه اللجنة تفتقر إلى الشرعية الدستورية، خصوصاً بعد الانقلاب على الوثيقة الدستورية في 25 أكتوبر 2021.

وأكد أن الإجراءات المستندة إلى هذه اللجنة باطلة وغير قانونية.

صلاح أوضح أن السلطات لم تتخذ أي إجراءات لتوقيف المتورطين في الانتهاكات رغم وجود مقاطع فيديو توثق الجرائم بوضوح. ووصف اللجنة بأنها محاولة “لتغطية الجرائم” دون تقديم نتائج أو محاسبة حقيقية.

altaghyeer.info