خبر ⁄سياسي

جوبا وبورتسودان.. تدهور متسارع في العلاقات مع استمرار تقدم الجيش

جوبا وبورتسودان.. تدهور متسارع في العلاقات مع استمرار تقدم الجيش

جوبا -بورتسودان 6 فبراير 2025: راديو دبنقا

تزايدت حدة التوتر في العلاقات بين السودان وجنوب السودان بصورة متسارعة. حيث أصدرت وزارة الخارجية السودانية أمس الأربعاء رداً عنيفا على البيان الصادر من وزارة خارجية جنوب السودان قبل يومين بشأن تصريحات ياسر العطا.

ويرى محللون سياسيون تحدثوا لراديو دبنقا إن العلاقات بين البلدين مرشحة لمزيد من التدهور في ظل تقدم الجيش في عدد من المحاور. وتوقعوا لجوء جنود من الدعم السريع إلى جنوب السودان في حال سيطرة الجيش على المناطق الحدودية مما سيؤدي إلى مزيد من التوتر.

ومنذ دخول الجيش إلى مدينة ودمدني في يناير الماضي، تصاعدت حدة التوتر بين البلدين، إثر تداول مقاطع فيديو بشأن تعرض 29 من مواطني من جنوب السودان للقتل، حيث طالبت الأخيرة بالتحقيق العاجل بمشاركة من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي.

وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في جنوب السودان نيكولاس هايسوم” خلال اجتماع مجلس الأمن أمس بشأن جنوب السودان إن الآثار السامة للصراع في السودان” تتمدد إلى جنوب السودان.

بيان شديد اللهجة

وأصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانًا شديد اللهجة، يوم الأربعاء، اطلع عليه راديو دبنقا، مشيرة إلى اعتراف حكومة جنوب السودان لأول مرة بمشاركة ما أسمته ب “مرتزقة جنوب سودانيين” في القتال إلى جانب الدعم السريع، وذلك بعد أن كانت تنفي علمها بذلك.

ويوم الاثنين الماضي أصدرت المتحدثة باسم وزارة خارجية جنوب السودان أبوك أيول ماين، تصريحات حادة اعتبرت تصريحات ياسر العطا بشأن أن 65 في المائة من مقاتلي الدعم السريع من جنوب السودان بأنه” أمر مبالغ فيه تماماً”.

واتهمت الاستخبارات العسكرية السودانية باستخدام عناصر الميليشيات من جنوب السودان على طول الحدود. وأضافت:” ووفقًا لسجلاتنا الموثوقة، أرسلت الحكومة السودانية مجموعتين من مواطني جنوب السودان إلى اليمن: المجموعة التي قادها الجنرال الراحل بيتر جاديت ياك والجنرال توماس ثيل أواك”.

في حين أشارت الخارجية السودانية في بيانها إلى أن بيان نظيرتها في جنوب السودان، رغم إقراره بالمشاركة، سعى إلى التقليل من حجم الظاهرة ولم يدن تجنيد “المرتزقة”، كما لم يشر إلى أي جهود لمنع وصولهم إلى السودان أو تحذير المواطنين من القتال كمرتزقة، رغم مخالفة ذلك للقوانين الدولية ومبادئ حسن الجوار.

وكانت المتحدثة باسم خارجية جنوب السودان قالت:” إن الجيش السوداني لديه تقليد في تسليح الميليشيات الجنوب سودانية، وأن القوات المسلحة السودانية لديها إدارة خاصة تسمى إدارة القوات الشعبية والوطنية المكلفة بتجنيد مواطني جنوب السودان”. 

وأضافت “في الواقع، لا تزال العديد من الجماعات الجنوب سودانية تقاتل إلى جانب القوات المسلحة السودانية”.

تضخيم وتهويل

كما انتقد بيان الخارجية السودانية ما وصفه بـ”التضخيم والتهويل” في الإشارة إلى مزاعم مجازر تعرض لها مواطنو جنوب السودان في ود مدني، معتبرًا أن هذه الادعاءات تهدف إلى التحريض على العنف ضد السودانيين في جنوب السودان، حيث تعرض أكثر من 16 سودانيًا للقتل ونهبت ممتلكاتهم.

ويوم الثلاثاء الماضي، أعلن سفير السودان لدى جنوب السودان عصام كرار اكتمال الجسر الجوي لإجلاء السودانيين من جنوب السودان إلى جنوب السودان. وقال في تصريحات صحفية إنهم تمكنوا من اجلاء 5700 سوداني في 27 رحلة جوية.

وأكدت الخارجية السودانية أن أكثر من مليوني مواطن من جنوب السودان ما زالوا يعيشون في السودان منذ أكثر من 14 عامًا ويحظون بمعاملة كريمة، في حين أن الأحداث المعزولة التي جرت في ود مدني تخضع لتحقيق قضائي.

وكانت وزارة الخارجية في جنوب السودان أبلغت سفير السودان في جوبا استياءها إزاء البطء في التحقيق بشأن مقتل مواطنين من جنوب السودان في الجزيرة. وطالبت بمشاركة الأمم المتحدة ومجلس الأمن في التحقيق. واعتبرت تصريح ياسر العطا بمثابة تحريض ضد مواطني جنوب السودان.

بيان متناقض

واعتبر بيان الخارجية السودانية أن توقيت صدور تصريح خارجية جنوب السودان متناقض، خاصة أنه يأتي في وقت تبذل فيه الخرطوم جهودًا لدعم السلام في جنوب السودان، مشيدًا بتوقيع اتفاق بورتسودان بين حكومة جنوب السودان والحركة الشعبية المعارضة برعاية جهاز المخابرات العامة السوداني.

وفي وقت سابق كانت دولة جنوب السودان قد تبنت المفاوضات بين السودان والحركات المسلحة في دارفور والنيل الأزرق بجانب كيانات في شرق السودان والوسط والشمال مما أدى للتوصل اتفاق جوبا.

شرخ كبير

ويقول الصحفي الجنوب سوداني اتيم سايمون في مقابلة مع راديو دبنقا إن تصريحات ياسر العطا أدت إلى شرخ كبير في العلاقات بين السودان وجنوب السودان.

 وأوضح إنه في حال سيطرة الجيش على مناطق حدودية مع جنوب السودان. فإن ذلك يمكن أن تؤدي لفرار منسوبي الدعم السريع إلى الجنوب مما سيزيد حدة التوتر.

وأكد إن الملف الاقتصادي أمر حاكم في العلاقات بين البلدين مبينا إن مرور النفط يؤدي إلى الفائدة المشتركة للبلدين. مبيناً إن أنابيب البترول هي الرابط الحقيقي بين البلدين الآن.

وقال إن حكومة جنوب السودان يمكن أن تلجأ لخيارات أخرى في حال تعرضها للضغط من قبل الحكومة السودانية باستخدام ملف النفط. وأوضح إن من بين الخيارات بيع البترول في باطن الأرض إلى الامارات. وأوضح إن ذلك سيؤدي إلى الانفصال الحقيقي بين البلدين.

ووصف سايمون العلاقات بين البلدين منذ الانفصال بأنها متأرجحة مشيرا إلى عدد من القضايا العالقة مثل أبيي والنفط والتجارة.

ومنذ فبراير الماضي توقف ضخ نفط جنوب السودان إلى ميناء بشائر ببورتسودان مما أدى لأزمة اقتصادية خانقة في جنوب السودان كما أفقد السودان مورداً مهما وهو عائد ايجار انابيب النفط.

وأدي توقف ضخ نفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية إلى خسارة اقتصاد جنوب السودان 100 مليون دولار شهريا. وبحسب تصريحات سابقة لوزير المالية في جنوب السودان أوو دانيال شوانق فإن جنوب السودان يعتمد على النفط بأكثر من 90% لتمويل مصروفات الحكومة”.

كما أدي توقف عبور النفط إلى خسارة السودان عائدات شهرية قد تصل إلى 100 مليون دولار في الشهر حيث وقّع البلدان اتفاقية تقضي بنقل 150 ألف برميل من النفط الخام مقابل رسوم عبور 24 دولارا للبرميل.

dabangasudan.org