واشنطن تضغط على العراق لاستئناف صادرات النفط من كردستان

قالت 8 مصادر مطلعة لـ«رويترز»، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضغط على بغداد للسماح باستئناف صادرات النفط من إقليم كردستان، أو مواجهة عقوبات إلى جانب إيران.
واستئناف الصادرات سريعاً من إقليم كردستان العراق، قد يساعد في تعويض الانخفاض المحتمل في صادرات النفط الإيرانية التي تعهدت واشنطن بخفضها إلى الصفر في إطار سياسة «أقصى الضغوط» التي تنتهجها مع طهران. وكانت الحكومة الأميركية قالت إنها تريد عزل إيران عن الاقتصاد العالمي والقضاء على إيراداتها من صادرات النفط لإبطاء خطتها لتطوير سلاح نووي. وأعلن وزير النفط العراقي بشكل مفاجئ يوم الاثنين، استئناف الصادرات من كردستان الأسبوع المقبل، في خطوة من شأنها أن تنهي نزاعاً دام نحو عامين أدى إلى انقطاع إمدادات بأكثر من 300 ألف برميل يومياً تدخل الأسواق العالمية عبر تركيا.
وقالت 8 مصادر في بغداد وواشنطن وأربيل عاصمة إقليم كردستان تحدثت إليهم «رويترز»، إن الضغوط المزدادة من الإدارة الأميركية الجديدة كانت السبب الرئيسي وراء إعلان يوم الاثنين. ولم تنشر «رويترز» أسماء مصادرها وقالت إنهم طلبوا عدم نشرها بسبب حساسية الأمر.
وتنظر طهران إلى جارها وحليفها العراق عنصراً رئيسياً في الحفاظ على اقتصادها في ظل العقوبات. لكن المصادر قالت إن بغداد، شريكة الولايات المتحدة أيضاً، تخشى من الوقوع في مرمى نيران سياسات ترمب الهادفة للضغط على إيران.
ويرغب ترمب في أن يقطع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع إيران. وذكرت «رويترز» الأسبوع الماضي، أن البنك المركزي العراقي منع 5 بنوك خاصة إضافية من الحصول على الدولار بعد طلب من وزارة الخزانة الأميركية. وأفادت 4 مصادر من الثمانية بأن العراق تسرع في الإعلان عن استئناف التصدير دون تفاصيل حول كيفية معالجة الأمور الفنية العالقة.
الحد من التهريب
وازداد تهريب النفط من إقليم كردستان العراق إلى إيران في شاحنات بعد إغلاق خط الأنابيب الذي كان ينقل الخام إلى ميناء جيهان التركي في 2023. وقالت 6 من المصادر إن الولايات المتحدة تحث بغداد على الحد من ذلك التهريب. وأفادت «رويترز» في يوليو (تموز)، بأن شاحنات تتولى تهريب ما يقدر بنحو 200 ألف برميل يومياً من الخام منخفض السعر من كردستان العراق إلى إيران، وبدرجة أقل إلى تركيا. وقالت المصادر إن الصادرات ظلت عند ذلك المستوى تقريباً.
وقال مسؤول عراقي في قطاع النفط ومطلع على شحنات الخام التي تعبر إلى إيران: «تضغط واشنطن على بغداد لضمان تصدير الخام الكردي إلى الأسواق العالمية عبر تركيا بدلاً من بيعه بثمن منخفض إلى إيران». وبخلاف زيادة التهريب عبر إيران بعد إغلاق خط الأنابيب، أشارت «رويترز» في العام الماضي، إلى ازدهار شبكة أكبر يقدر بعض الخبراء أنها تجمع مليار دولار سنوياً على الأقل لإيران والجماعات المتحالفة معها في العراق منذ تولى السوداني منصبه في 2022.
وأكد مسؤولان في الإدارة الأميركية أن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة العراقية استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان. وقال أحدهما إن الخطوة ستساعد في تخفيف الضغوط التي تؤدي إلى زيادة أسعار النفط. ورداً على سؤال عن ضغوط الإدارة على العراق، قال مسؤول في البيت الأبيض: «ليس من المهم للأمن الإقليمي فقط أن يُسمح لشركائنا الأكراد بتصدير نفطهم، بل وأيضاً للمساعدة في الحفاظ على انخفاض سعر الوقود».
واستئناف الصادرات من كردستان سيساعد في تعويض بعض الخسارة التي قد تلحق بالإمدادات العالمية بسبب انخفاض الصادرات الإيرانية، لكنه لن يعوض سوى حصة ضئيلة من أكثر من مليوني برميل يومياً من النفط الخام والوقود الذي تشحنه إيران. ومع ذلك، أثبتت إيران في الماضي براعتها في إيجاد وسائل للالتفاف على العقوبات الأميركية على مبيعاتها النفطية.
وقال أولي هانسن، رئيس قطاع استراتيجية السلع الأساسية في «ساكسو بنك»، إن استئناف الصادرات من كردستان من الممكن أن يساعد في زيادة إمدادات النفط العالمية في وقت تعطل فيه الإنتاج من مناطق أخرى، منها كازاخستان، حيث انخفضت الصادرات هذا الأسبوع بعد هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على محطة ضخ رئيسية لخطوط الأنابيب في جنوب روسيا. وأضاف: «في هذه المرحلة، أرى أن السوق تبنت موقفاً محايداً نسبياً، ولكنه متوتر بشأن أسعار النفط الخام».
عقبات أمام إعادة تشغيل خط الأنابيب
أوقفت تركيا خط الأنابيب في مارس (آذار) 2023، بعد أن أمرت غرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع 1.5 مليار دولار لبغداد تعويضاً عن صادرات غير مصرح بها بين عامي 2014 و2018. وقالت المصادر لـ«رويترز»، إن هناك أموراً بشأن آلية الدفع والتسعير والصيانة لم تُحَل بعد. وأضافت أن محادثات استمرت يومين في مدينة أربيل الكردية هذا الأسبوع، لم تنجح في التوصل إلى اتفاق. وقال مصدر مطلع إن الحكومة العراقية تريد استئناف الصادرات دون تقديم التزامات إلى إقليم كردستان بشأن المدفوعات ودون وضوح بشأن آلية الدفع. وقال المصدر: «لا يمكننا أن نفعل ذلك. نحن بحاجة إلى رؤية واضحة بشأن الضمانات». كما أن شركات النفط العاملة في كردستان لديها أسئلة بشأن المدفوعات.
وقد يؤدي تصدير النفط من المنطقة الكردية إلى تجاوز العراق لهدف «أوبك+». وقال مسؤول عراقي إن بغداد من الممكن أن تستأنف تشغيل خط الأنابيب مع الالتزام بسياسة إمدادات «أوبك+». وقال جيوفاني ستونوفو، محلل السلع الأساسية في بنك الاستثمار «يو بي إس»، إن التأثير الإجمالي لاستئناف تشغيل الخط قد يكون ضعيفاً. وأضاف: «من منظور سوق النفط، العراق ملتزم باتفاق (أوبك+) الخاص بالإنتاج، لذلك لا أتوقع إنتاجاً إضافياً من العراق في حالة إعادة تشغيل خط الأنابيب، ولكن مجرد تغيير في طريقة تصديره (التي تجري حالياً باستخدام الشاحنات من بين أساليب أخرى)».
aawsat.com