النواب والأعلى للدولة يبحثان بالقاهرة حلحلة الأزمة السياسية في ليبيا

يلتقي أعضاء من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا مجدداً بالقاهرة، اليوم السبت، لبحث عراقيل العملية السياسية التي تحول دون إجراء الانتخابات العامة، وذلك بالتزامن مع اجتماعات تعقدها «اللجنة الاستشارية» التابعة للبعثة الأممية في طرابلس.
وكان مجلس النواب الليبي قد تلقى دعوة مصرية للاجتماع في القاهرة، كما وجهت دعوة مماثلة لكتلتي المجلس الأعلى للدولة المنقسم بين محمد تكالة، وخالد المشري.
وقال عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، إن اجتماع القاهرة هو «استكمال لسلسلة من لقاءات ومفاوضات»، عُقدت بين مجلسه والمجلس الأعلى للدولة خلال الأعوام الماضية؛ وأنتجت فيما سبق عبر لجنة (6+6) قانوني الانتخابات، اللذين أقرهما البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
ورداً على توقيت الاجتماع بالقاهرة الذي يتزامن مع انطلاق أعمال اللجنة الأممية، قال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط»: «نستهدف تقريب وجهات النظر بين المجلسين؛ وخاصة كتلة تكالة»، متابعاً: «ربما إذا شهدنا توافقات يتم استئناف النقاش حول تشكيل حكومة موحدة تضطلع بتنفيذ القوانين الانتخابية؛ سواء كانت جديدة تحل محل الحكومتين القائمتين في شرق ليبيا وغربها، أو العودة لمقترح دمجهما».
ويرى الزرقاء أنه «لن يوجد تعارض بين مسار المجلسين والبعثة الأممية، حال قيامها بعرض مقترحات لجنتها على المجلسين لدراستها والتوافق حولها، بما يمهد لتقنين تلك المقترحات بإطار شرعي»، محذراً من أنه «في حال تم تجاهل المجلسين فإن تلك اللجنة الأممية ستتحول لجسم موازٍ لعملهما».
وانتهى الزرقاء إلى أن البرلمان «قد يكون منفتحاً على أي مقترحات يرى أنها تستهدف حلحلة تحديات الواقع السياسي، شريطة ألا تتضمن ما يقصي حق أي طرف من المشاركة بالانتخابات الرئاسية».
وأبدى سياسيون ومتابعون استغرابهم من سرعة استجابة كتلة تكالة للاجتماع، خاصة في ظل توتر العلاقة بينها والبرلمان، إلا أنهم رجحوا حدوث اتصالات تمت بين الجانبين خلال الفترة الماضية، وأنهما بصدد توظيف اجتماع القاهرة لقطع الطريق على مسار اللجنة الاستشارية، خشية تجاوز صلاحياتهما في إقرار القوانين الانتخابية.
وشهد العام الماضي سلسلة اجتماعات بين أعضاء بالبرلمان وكتلة من أعضاء مؤيدين للمشري، تركزت مخرجاتها حول تشكيل «حكومة جديدة»، تنهي الانقسام الحكومي الراهن، وتضطلع بمهمة إجراء الانتخابات، وفقاً للقوانين التي أقرها البرلمان، لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ حتى الآن.
وقاطعت كتلة الأعضاء المؤيدين لتكالة هذه الاجتماعات، انطلاقاً من اعتراضها على القوانين الانتخابية، ورغبتها في تعديلها، وخاصة البنود المتعلقة بالسماح لكل من العسكريين ومزدوجي الجنسية بالترشح للرئاسة، وذلك قبل بدء أي تباحث بشأن إيجاد حكومة جديدة بديلة عن حكومة «الوحدة الوطنية»، في ظل ما يتردد عن وجود تقارب بين رئيسها عبد الحميد الدبيبة وتكالة.
ويرى بعض المراقبين أن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» ربما سيعملان على توظيف اجتماع القاهرة «لفرض بعض شروطهما» على البعثة، وفي مقدمتها تأكيد صلاحياتهما في إقرار القوانين الانتخابية، والموافقة على تشكيل «حكومة موحدة».
وتوقعت عضوة «الأعلى للدولة»، أمينة المحجوب، حدوث «قدر كبير» من التفاهم بين مجلسها والبرلمان، «قد يحدث خلال هذا الاجتماع»، مرجعة ذلك لوجود رغبة في التصدي لما أسمته بـ«تجاوزات البعثة الأممية».
وتحدثت المحجوب عن «خلل في تشكيل اللجنة الاستشارية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن البعثة الأممية «تجاهلت» مقترحاً سبق أن قدمه مجلسها لحل الأزمة السياسية بالاستفتاء على مشروع الدستور المعد في عام 2017، ورأت أنه «يحسم الخلاف حول شروط الترشح للرئاسة بشكل حيادي، بعيداً عن الجدل حول اسم أي شخصية».
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» التي تتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن بالجنوب الليبي.
بالمقابل، رأى المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، أن تطمينات البعثة المتكررة بأن اللجنة الاستشارية ليست هيئة لاتخاذ القرارات، أو ملتقى حوار سياسي جديد «لم تفلح في طمأنة مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)، وتهدئة مخاوفهما بسحب صلاحيتهما التشريعية».
وتحدث فركاش لـ«الشرق الأوسط» عن «وجود تخوف كبير من نجاح أعضاء اللجنة في حسم الخلافات في القوانين الانتخابية؛ وهذا ما سوف يعزز الاتهامات التي وجهت للمجلسين بأنهما كانا يتعمدان عدم التوافق لاستمرار بقائهما في صدارة المشهد السياسي». مشيراً لما يتردد حول احتمال خروج اللجنة بمقترح يدعم «الاكتفاء بإجراء الانتخابات البرلمانية دون الرئاسية، نظراً لتركز القضايا الخلافية في قانون الانتخابات الرئاسية». ومن بين ذلك «ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، فضلاً عن رغبة كثير من الشخصيات الجدلية في خوض هذا الاستحقاق، مما قد يفجر تلك الانتخابات، خاصة مع انتشار واسع للسلاح، وتصاعد الاستقطاب الإقليمي والدولي بالساحة الليبية».
وانتهى فركاش معتقداً بأن «حصول البعثة على دعم دولي سيؤدي لفرض المقترحات، التي ستنتجها لجنتها على المجلسين، ومواصلة الخطة الأممية بنهجها لإجراء الانتخابات، والتي سينتهي معها دور المجلسين وأعضائهما».
aawsat.com