خبر ⁄سياسي

مصر تؤكد تعاملها مع ملف السد الإثيوبي بـضبط النفس

مصر تؤكد تعاملها مع ملف السد الإثيوبي بـضبط النفس

أكدت الحكومة المصرية على تعاملها بـ«ضبط النفس» مع أزمة «سد النهضة الإثيوبي»، وقالت إنها «رفضت توسيع الخلاف القائم بشأن السد ليشمل كل دول حوض النيل»، كما جددت التزامها بـ«مبادئ مبادرة حوض النيل، وضرورة الحفاظ على مبدأ الإجماع، بين أعضائها».

ورفضت مصر، تنظيم الحكومة الإثيوبية زيارة وزراء مياه دول حوض النيل، إلى مشروع «السد الإثيوبي»، ضمن الاحتفال السنوي بـ«يوم النيل»، الذي ينظم سنوياً يوم 22 فبراير (شباط)، في ذكرى تأسيس مبادرة حوض النيل، وقال وزير الري المصري، هاني سويلم، إن «إدراج زيارة لمشروع السد (الخلافي)، ضمن برنامج الاحتفالية، سيؤدي إلى إقحام دول حوض النيل في النزاع القائم حوله».

ومشروع «سد النهضة»، تقيمه إثيوبيا على رافد نهر النيل الرئيسي (النيل الأزرق)، ومنذ بدء أديس أبابا في إقامة المشروع عام 2011، يواجَه السد باعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد»، ولم ينجح مسار المفاوضات بين الدول الثلاث، الذي استمر 13 عاماً، في الوصول لاتفاق.

وشارك وزير الري المصري، في اجتماع استثنائي، للمجلس الوزاري لـ«مبادرة حوض النيل»، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الجمعة، قبل المشاركة في فعاليات «يوم النيل»، السبت، وحسب إفادة لـ«الري المصرية»، شدد سويلم، في أكثر من موضع على «اعتراض بلاده، على إدراج زيارة لمشروع السد الإثيوبي الخلافي، ضمن برنامج الاحتفالية»، لافتاً إلى أن «المشروع جرى إنشاؤه وملؤه وتشغيله بشكل أحادي، في انتهاك للقانون الدولي».

مصر اعترضت على تنظيم زيارة «وزارية» خلال الاحتفال بيوم النيل إلى سد النهضة (وزارة الري المصرية)

ويضم حوض نهر النيل 11 دولة أفريقية؛ بينها 9 دول منابع، هي «بوروندي، والكونغو، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا، وأوغندا، وإريتريا، وجنوب السودان»، فضلاً عن دولتَي المصب «مصر والسودان»، وتواجه تلك الدول تجاذبات في السنوات الأخيرة، بسبب دعوة أديس أبابا لتعديل «الاتفاقيات التاريخية» الخاصة بمياه النيل.

وشدد وزير الري المصري، على أن «بلاده تعاملت مع ملف سد النهضة بضبط النفس»، كما «أبقت النزاع حوله، في إطار ثلاثي (مصر والسودان وإثيوبيا)، دون توسيعه ليشمل باقي دول حوض النيل»، عادّاً أن انتهاز أديس أبابا فرصة استضافة الاجتماع الإقليمي بإدراج زيارة للسد «سيؤدي لإقحام دول الحوض في النزاع القائم، بما قد يؤثر سلباً على وحدة دول حوض النيل، ويهدد التعاون الإقليمي»، ودعا الحكومة الإثيوبية إلى «التمسك بروح الوحدة وتجنيب التجمع الإقليمي التوترات بإلغاء الزيارة».

وترى القاهرة، في إقامة «السد الإثيوبي» دون اتفاق، «مخالفة لمبادئ القانون الدولي، ولإعلان المبادئ الموقّع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، ويتعارض مع بيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر (أيلول) 2021».

ولا تريد مصر، إقحام دول حوض النيل، في نزاع قضية «السد الإثيوبي»، إلى جانب تعزيز تعاونها مع تلك الدول، وفق مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق، السفير محمد حجازي، الذي أشار إلى أن «مشاركة القاهرة في الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمبادرة حوض النيل، تعبير صادق عن حرصها على تطوير التعاون والعلاقات مع دول الحوض».

ويتوقف حجازي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع تأثير استمرار التوترات في حوض النيل، على استقرار المنطقة، موضحاً أن «الموقف المصري يؤكد أن غياب التوافق والإجماع بين تلك الدول، ينعكس سلباً على تعاونها الإقليمي، ويزيد من مخاطر النزاع على أمن المنطقة والإقليم»، وقال إن «نهر النيل، يشكل مصدراً أساسياً للحياة في مصر، ويعزز اقتصادها وأمنها الغذائي».

وتعتمد مصر على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب وزارة الري المصرية.

الاجتماع الوزاري لمبادرة حوض النيل في أديس أبابا (وزارة الري المصرية)

وخلال اجتماع أديس أبابا، شدد الوزير المصري على «التزام بلاده بمبادئ مبادرة حوض النيل»، وأكد أهمية «الحفاظ على مبدأ الإجماع، بوصفه ضرورة حتمية لضمان استمرار المبادرة، وتحقيق الاستفادة المتبادلة، بما يعزز الاستقرار الإقليمي، القائم على الحوار والاحترام المتبادل»، كما أشار إلى أن «الإدارة المستدامة لنهر النيل، مسؤولية حتمية، لاستقرار المنطقة، وأمنها على المدى الطويل»، حسب «الري المصرية».

وترتبط جميع دول حوض نهر النيل، في إطار مبادرة «حوض النيل» التي تأسست عام 1999، بهدف «المشاركة في تنمية المصادر المائية لتلك الدول، وضمان كفاءة إدارة المياه، والاستخدام الأمثل لها، وتحقيق التعاون، وتعزيز التكامل الاقتصادي»، وعلقت مصر والسودان عضويتيهما في المبادرة عام 2010، اعتراضاً على توقيع 6 من دول المنبع، على الاتفاقية الإطارية حول نهر النيل المعروفة بـ«عنتيبي».

ورهن سويلم، استئناف نشاط بلاده في الجوانب الفنية للمبادرة، بـ«التوصل إلى رؤية موحدة لدول الحوض»، حسب «الري المصرية»، وأشاد بـ«إطلاق 7 دول من حوض النيل، عملية تشاورية، خلال الاجتماع الوزاري الأخير لمبادرة حوض النيل، تستهدف المضي قدماً بشكل توافقي»، عادّاً تلك الخطوة «تطوراً إيجابياً، يعزز الحوار، وإيجاد أرضية مشتركة لاستعادة التوافق والتعاون الإقليمي».

وباعتقاد السفير محمد حجازي، فإن «مصر تدعم تفعيل نشاط مبادرة حوض النيل، بعدّه الآلية الشاملة، التي تجمع دول الحوض، والتي يمكن أن تحقق التوافق والإجماع، على عكس اتفاقية (عنتيبي)»، مشيراً إلى أن «إطلاق الاجتماع الوزاري للمبادرة إلى عملية تشاورية، قد يشكل خطوة أولى لاستعادة التوافق، واستئناف مصر والسودان نشاطهما مرة أخرى بها».

واتفاقية (عنتيبي)، ترفضها مصر والسودان، بعدّها «تسمح لدول منابع حوض النيل، بإنشاء مشروعات مائية من دون التوافق مع دولتَي المصب».

aawsat.com