خبر ⁄سياسي

جلسة مناقشة البيان الوزاري... ثقة مريحة للحكومة اللبنانية ومعارضة متواضعة

جلسة مناقشة البيان الوزاري... ثقة مريحة للحكومة اللبنانية ومعارضة متواضعة

تستعد حكومة الإنقاذ والإصلاح اللبنانية، برئاسة نواف سلام، للمثول أمام المجلس النيابي، في جلسة تُعقد يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، وتخصص لمناقشة البيان الوزاري، الذي على أساسه تنال ثقة البرلمان بأكثرية «مريحة لأقصى الحدود»، وفق ما أكدت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط».

ويمكن تمديد الجلسة ليوم ثالث؛ لأن عدد طالبي الكلام من النواب بلغ حتى الساعة 63 نائباً، ويمكن أن يضاف إليهم عدد آخر ما لم يتدخل رئيس البرلمان نبيه بري ويطلب من الكتل النيابية أن تحصر مناقشتها البيان في نائب واحد فقط؛ لأنه من غير الممكن السماح لهذا الكم الفضفاض من النواب بالكلام، علماً بأن كتلته التي يترأسها لم تطلب الكلام، من دون أن يعني ذلك أنها ستغيب عن مناقشته.

«هايد بارك»

وبكلام آخر، فإن الجلسة، التي ستُنقل مباشرة على الهواء، في ظل ارتفاع عدد طالبي الكلام، والحبل على الجرار، يمكن أن تتحول إلى «هايد بارك» انتخابي يتيح للنواب الصعود إلى المنصة، ليس لمناقشة البيان الوزاري فقط؛ وإنما لمخاطبة ناخبيهم بمطالب شعبوية مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مايو (أيار) المقبل، والتي يليها الاستحقاق النيابي في ربيع 2026، خصوصاً أن النواب يشكون من عطش الكلام الذي حُرموا منه منذ تولت الحكومة السابقة تصريف الأعمال، وهم في حاجة إلى التوجه لبيئتهم لكسب تأييدهم.

حصرية السلاح

فالبيان الوزاري الذي أعدّته الحكومة جاء تتويجاً للتفاهمات التي توصلت إليها الكتل النيابية الفاعلة، وتتعلق بعدم الإشارة إلى ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، واستبدال «حق لبنان في الدفاع عن أراضيه» بها، وتبنّيها حرفية ما ورد في خطاب قسم رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، أمام البرلمان بقوله: «عهدي أن أدعو إلى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، بما يمكّن الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه عن كافة الأراضي اللبنانية، وحصر احتكار السلاح بالدولة».

ولم يسجل أي من الوزراء تحفظه على هذا الشق من البيان الوزاري، وقوبل بتأييد من هم محسوبون على «الثنائي الشيعي»؛ («حزب الله» و«حركة أمل»)، رغم أن نواب «حزب الله» استمروا في ترويجهم، في مواقفهم السياسية، هذه «الثلاثية» وهم يدركون سلفاً أنه لا مكان لها في البيان، ولن تُصرف سياسياً وشعبياً، ليس لأن ميزان القوى بداخل البرلمان تبدّل بانقلاب بعض حلفاء «الحزب» عليه فقط، وإنما لأن دفتر الشروط؛ الذي أعدته الحكومة لإعادة إدراج اسم لبنان على خريطة الاهتمام الدولي والعربي، يتطلب حصر السلاح في يد الدولة بوصفه أحد الممرات الإلزامية للحصول على مساعدات لإعمار ما دمّرته إسرائيل.

لذلك تمثُل الحكومة أمام المجلس وهي مدعومة سلفاً بثقة نيابية، توقعت مصادر سياسية أن يقفز عدد مانحيها فوق المائة، فيما يتزعم «التيار الوطني الحر»، برئاسة النائب جبران باسيل، المعارضة، وقد يكون وحيداً، احتجاجاً على استبعاد تمثيله في الحكومة. ويمكن أن ينضم إليه عدد قليل من النواب في ضوء التحول الإيجابي في موقف ممثلي الطائفة السنية لمصلحة تصويتهم على الثقة، بخلاف المواقف الاعتراضية للعدد الأكبر منهم احتجاجاً على عدم تمثيل مناطقهم، قبل أن يراجعوا حساباتهم ويقرروا ركوب موجة تأييد الحكومة؛ رغبة منهم في إعطائها الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان، وهذا يعني حكماً أن معارضة الحكومة تبقى متواضعة، ولن تبدّل من الاصطفاف السياسي حولها، وعلى رأسه كبرى الكتل النيابية، بعد أن أدى الالتفاف حول انتخاب عون إلى خلط الأوراق، بخلاف الانقسام السابق بين معارضة وموالاة.

البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة سابقة (أرشيفية)

طالِبو الكلام

فالتبدل الذي طرأ على النواب السنّة ينطبق أولاً على كتلة «الاعتدال» مع مبادرة عدد من نوابها إلى سحب اعتراضهم من التداول، على خلفية تبني الحكومة في بيانها الوزاري مطلبهم إعادة تأهيل «مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض» في القليعات بعكار، ويمكن أن ينسحب على تكتل «التوافق الوطني»، رغم أن العضو فيه النائب فيصل كرامي كان سجّل اعتراضه على حصر تمثيل طرابلس في تعيين ريما كرامي وزيرةً للتربية وهي محسوبة على «قوى التغيير».

وعليه؛ فلا شيء يمنع النواب، كما تقول المصادر النيابية لـ«الشرق الأوسط»، من طلب الكلام لمناقشة البيان الوزاري، لكن عددهم ضرب الرقم القياسي، ولم يسبق أن بلغ هذا القدر الكبير من النواب في مناقشتهم البيانات الوزارية للحكومات السابقة، وإن كانوا يرغبون في التموضع سياسياً تحت سقف الإفادة من التأييد الدولي والعربي الذي حظي به العماد عون بانتخابه رئيساً للجمهورية، ولاحقاً الرئيس سلام، لإخراج لبنان من التأزم وتعبيد الطريق للانتقال به إلى مرحلة الإنقاذ.

فهل يتوصل بري إلى إقناع الكتل النيابية بضرورة حصر طلب الكلام في نائب يمثلها، أم إنه سيضطر إلى خفض الوقت المخصص للنواب لمناقشة البيان؛ لئلا تتحول القاعة إلى «سوق عكاظ» يختلط فيها الحابل بالنابل بإصرار معظم النواب على تدشين خوضهم معاركهم الانتخابية من «ساحة النجمة»؟

aawsat.com