خبر ⁄سياسي

كيف ترى مصر فرض رسوم على مواطنيها لدخول سوريا

كيف ترى مصر فرض رسوم على مواطنيها لدخول سوريا

ردود فعل متباينة صاحبت فرض الإدارة الجديدة في سوريا رسوماً متفاوتة على دخول مواطني دول عربية وأجنبية لأراضيها، من بينها مصر. غير أن برلمانيين وخبراء مصريين قللوا من تأثير «تلك الخطوة على مستوى العلاقات بين القاهرة ودمشق؛ إذ تستضيف مصر آلاف السوريين على أراضيها». وعدوا الإجراء الجديد «خطوة تنظيمية تحمل أبعاداً أمنية واقتصادية»، لكنهم في الوقت نفسه لم يستبعدوا «مبدأ المعاملة بالمثل من قبل السلطات المصرية».

وجاءت مصر ضمن فئة دول «المجموعة السادسة» التي تصل رسوم دخول مواطنيها إلى «150 دولاراً» (الدولار الأميركي يساوي 50.55 جنيه في البنوك المصرية).

وأظهرت وثيقة متداولة للسلطات السورية، فرض الإدارة السورية الجديدة رسوماً متفاوتة على مواطني دول عربية وأجنبية، وحددت الوثيقة 6 تصنيفات للبلدان العربية. وبينما استثنت مواطني لبنان والأردن وموريتانيا من دفع الرسوم، حددت رسوماً «40 دولاراً» على مواطني المغرب والجزائر والسودان واليمن، و«75 دولاراً» على مواطني ليبيا، و«125 دولاراً» على مواطني البحرين، في حين يصل المبلغ إلى «150 دولاراً» على مواطني مصر والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، أما العراق والإمارات فجاءت الرسوم بنحو «250 دولاراً». كما تضمنت القائمة فئات متفاوتة أيضاً للرسوم المفروضة على مواطني دول أفريقية وأوروبية وغربية.

«الشرق الأوسط» سعت إلى الحصول على تعليق رسمي بشأن «رسوم دخول المصريين إلى سوريا»، لكن لم يتسنَّ ذلك.

حافلة تقل سوريين من مصر في طريقهم إلى بلادهم (الشرق الأوسط)

ووفق عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، تعد رسوم الدخول الجديدة لسوريا خطوة «إجرائية وتنظيمية» من دمشق بـ«دافع أمني بالأساس»، وأشار إلى أن «إجراء فرض رسوم على تأشيرات الدخول لأي دولة يحمل دلالات وأبعاداً أمنية أكثر منها سياسية ودبلوماسية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «دمشق تريد تشديد الرقابة والمتابعة على حركة دخول الأجانب، في ظل الأوضاع الأمنية الحالية داخل البلاد».

واستبعد حسن تأثر مستوى العلاقات بين القاهرة ودمشق بعد فرض السلطات السورية رسوماً على دخول المصريين أراضيها، وقال إن «من حق الإدارة السورية تنظيم دخول الأجانب لأراضيها، وفقاً لأوضاعها الأمنية والاقتصادية»، منوهاً بأن «السلطات المصرية اتخذت عدة تدابير على دخول السوريين لأراضيها أخيراً، بعد الإطاحة بالنظام السوري السابق».

وعقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتولي إدارة جديدة، اتخذت السلطات المصرية عدة اشتراطات بشأن حركة دخول السوريين لأراضيها، تضمنت قراراً بـ«الحظر الكامل للقادمين من مختلف دول العالم»، وسبق ذلك «عدم السماح بدخول السوريين حاملي الإقامات الأوروبية والخليجية والأميركية والكندية، وحاملي تأشيرات دول (شنغن)، من دون موافقة أمنية مسبقة».

وفي يناير الماضي، أعلنت السفارة المصرية في دمشق «استثناء بعض الفئات من حظر دخول الأراضي المصرية»، وضمت القائمة «الطلاب السوريين المقيدين للدراسة بمختلف المراحل التعليمية، والمستثمرين السوريين وأسرهم، وأزواج وزوجات المواطنين المصريين».

ولا يستبعد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» تطبيق مبدأ «المعاملة بالمثل» على الفئات السورية المستثناة من دخول الأراضي المصرية.

وكيل «لجنة الشؤون العربية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، أيمن محسب، يرى أنه «من حق الإدارة السورية وضع آلية دخول الأجانب أراضيها، باعتبارها إجراء ضمن أعمال السيادة السورية»، وأشار إلى أن «دمشق تستهدف من فرض رسوم دخول على الأجانب تنمية مواردها، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة».

ويعتقد محسب أن «مسار علاقات القاهرة مع الإدارة السورية الجديدة لن يتأثر بالرسوم الجديدة، كما لن تؤثر على الإجراءات المصرية تجاه السوريين المقيمين على أراضيها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات المصرية - السورية تاريخية واستراتيجية، ومرشحة للتطور مع الإدارة الجديدة».

سوريون عائدون من مصر إلى بلادهم (الشرق الأوسط)

وتنخرط القاهرة في مسار للعلاقات مع الإدارة السورية الجديدة بـ«شكل حذر». وقدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة لأحمد الشرع بعد تسميته رئيساً انتقالياً لسوريا، في نهاية يناير الماضي، وسبق ذلك اتصال بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره السوري أسعد الشيباني، أكد خلاله «وقوف بلاده بشكل كامل مع الشعب السوري».

مدير مؤسسة «سوريا الغد» (مؤسسة مدنية سورية بالقاهرة)، ملهم الخن، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه كان «يتمنى عدم إدراج الإدارة السورية لمصر ضمن فئات الدول التي ستفرض على مواطنيها رسوم دخول أراضيها، بالنظر لاستضافة القاهرة آلاف السوريين على أراضيها على مدى أكثر من عقد».

ووفق بيانات الحكومة المصرية الرسمية، يقيم في مصر «ما يقرب من مليون ونصف المليون سوري»، في حين يصل عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين بالقاهرة إلى نحو 153 ألف لاجئ.

وأرجع الخن وضع السلطات السورية مصر ضمن فئات «المجموعة السادسة»، إلى «اعتبارات تعود لمبدأ المعاملة بالمثل»، في ضوء الاشتراطات المصرية التي تفرضها على دخول السوريين لأراضيها أخيراً. غير أن أمينة سر «لجنة العلاقات الخارجية» بمجلس النواب المصري، أميرة صابر، اعتبرت أن تفاعل القاهرة مع الإدارة السورية الجديدة «مدروس، ومبني على عمق تاريخي للعلاقات، ورؤية لمستقبل المصالح المشتركة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «فرض رسوم على دخول المصريين لسوريا لن يؤثر على مستوى العلاقات الدبلوماسية الحالية».

aawsat.com