السرعة القياسية لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري تثير الانتقادات

جاء الإعلان عن تحديد موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري، مفاجئاً في توقيته وتسارع التحضير له؛ إذ كان من المتوقع عقده بعد شهرين على أقل تقدير، تكون خلالهما اللجنة التحضيرية أنجزت مخرجات اللقاءات الحوارية التحضيرية في المحافظات والتي تجاوزت الثلاثين لقاءً شارك فيها ما يقارب 4000 رجل وامرأة، تم خلالها الاستماع وتدوين أكثر من 2200 مداخلة، واستلام مشاركات مكتوبة تزيد على 700 مشاركة. وفق اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وكل ذلك جرى إنجازه خلال أقل من أسبوع.
وحُدّد يوما 24 و25 فبراير (شباط الحالي) موعداً لعقد المؤتمر، وفندق داما روز مكاناً لعقد جلسة تعارف مساء اليوم الأول، على أن يحدد مكان انعقاد المؤتمر لاحقاً.
وبدأت اللجنة التحضيرية في إرسال الدعوات المشاركة بالمؤتمر في الوقت التي لا تزال تعقد فيها جلسات حوار تحضيرية كالجلسة الحوارية للفنانين والمثقفين.
يعلق الفنان التشكيلي والسياسي، يوسف عبدلكي، على التسارع الذي يجري به التحضير للمؤتمر، بأنه يؤكد وجود «ضغوط خارجية وداخلية»، لإنجاز المؤتمر بسرعة ولو «شكلياً»، ربما لتقديم مفاتيح رفع العقوبات الدولية.
وقال عبدلكي لـ«الشرق الأوسط»، ما نخشاه هو تكرار الطريقة البعثية في عقد مؤتمرات شكلية على مبدأ «اطرحوا ما تشاءون ونحن نفعل ما نشاء».
وأكد عبدلكي أن المطلوب هو أن يدعى مختصون من جميع المحافظات وفي كل المجالات، لينخرطوا بالعمل على صياغة مسارات سوريا الحالية ووضع دستور يشبه السوريين لا دستور يشبه السلطة. ولفت عبدلكي الذي شارك في الجلسة الحوارية مع الفنانين، إلى أن «لغة العواطف والقلب المفتوح للجميع» غلبت على خطاب السلطة، وهي لغة لطيفة، لكننا نريد أن نرى ترجمة العواطف إلى إجراءات، ولا شيء واضحاً حتى الآن.
لا مشاركة
المفكر السياسي والمعتقل السابق والقيادي المؤسس في رابطة العمل الشيوعي، أصلان عبد الكريم، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لن يشارك في المؤتمر لعدم ارتياحه لطريقة عقده. وقال إن التمثيل في المؤتمر يجب أن يكون لست فئات عابرة للطوائف والجغرافية داخل سوريا وخارجها. وعدّد مبتدئاً، بالقوى السياسية بانتماءاتها كافة وهي تختار ممثليها. خبراء في كل الحقول ابتداءً بالسياسة ومروراً بالاقتصاد والقانون والإدارة... إلخ. المجتمع المدني بألوانه كافة عابر للجغرافيا داخل سوريا وخارجها. المرأة تحديداً يجب أن تُمثّل مرتين، مرة في انتماءاتها إلى القوى السياسية والمجتمع المدني، وأخرى بصفتها صاحبة قضية خاصة. الشباب، ويكون لهم تمثيل عابر للطوائف والجغرافيا. و الإسلام السياسي بكل تنويعاته، وأيضاً الأطراف غير المنتمية إلى القوى السياسية من الإسلاميين.
ورأى عبد الكريم، ألا يجب عقد مؤتمر قبل ستة أشهر من هذا التاريخ؛ حتى يتم تحديد القضايا وفرزها وزمن انعقاده، ويستمر لعام، وليس يومين؛ لأنه سوف يقرّر قضايا أساسية، مثل المؤتمر السوري الذي انعقد بين عامي 1919 و1920. ويمكن اختزال الفترة إلى النصف، لكن أقل من هذا غير صحيح كأن يجتمع ألف شخص ليناقشوا خلال يومين قضايا أساسية. مهمات هذا المؤتمر ينبغي أن يكون له ما بعده، أي أن كل ما سوف يحصل في سوريا لاحقاً له، ناتج منه، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو في الدستور في المرحلة الانتقالية وزمان المرحلة الانتقالية ومهام المرحلة الانتقالية أو تشكيل هيئة الحكم الانتقال... إلخ. كل هذه المسائل غير واردة الآن كما هو واضح، وبالتالي أنا لست مع هذا الذي يحصل.
وصلتني هذه الدعوة للمشاركة بمؤتمر الحوار الوطني غداً وبعد غد بدمشق . لكنني اعتذرت عن تلبية الدعوة بسبب ضيق الوقت بين الدعوة وانعقاد المؤتمر واستحالة الحضور . فأنا أعيش في باريس منذ زمن .أتمنى النجاح والتوفيق للفاعلين في تحقيق أهداف المؤتمر .
— George Sabra (@GeorgeSabra_sy) February 23, 2025
يذكر، أن عدداً من المدعوين إلى المؤتمر من خارج سوريا اعتذروا عن الحضور لقصر الوقت المتاح، منهم السياسي البارز جورج صبرا المقيم في فرنسا الذي أعلن على حسابه في «فيسبوك»، اعتذاره لـ«استحالة الحضور». كذلك الأمر مع سهير أتاسي وسمير نشار.
وواجهت الآلية التي اتبعتها اللجنة التحضيرية في توجيه الدعوات للمشاركة في الجلسات التحضيرية، الأسبوع الماضي، عاصفة من الانتقادات؛ كونها جاءت قبل ساعات، وبشكل عشوائي، لوحظ فيها تجاهل دعوة نشطاء مدنيين في الداخل عملوا في عهد النظام السابق بالخفاء، ومنهم من تعرَّض للاعتقال، وقد أعلنوا عن وجودهم في الشارع بأنشطة وفعاليات كثيفة منذ سقوط النظام، غير أن قلة قليلة دُعيت من هؤلاء إلى اللقاءات التحضيرية.
وأكد الناشط المدني بولس حلاق، وهو أحد مؤسسي مبادرة «بدايتنا» التي ظهرت بعد أيام قليلة من سقوط النظام، لـ«الشرق الأوسط»، تلقيه دعوة لحضور المؤتمر بصفته الشخصية، وقال إنه كان من الأفضل لو تم توجيه الدعوات سواء للجلسات التحضيرية أو للمؤتمر العام، بشكل مدروس أكثر، وأن تنبثق عن الجلسات الحوارية التحضيرية في المحافظات جلسات تخصصية لتنظيم الجهود التي يبذلها مؤسسات ونشطاء المجتمع المدني في مختلف المجالات؛ كي لا تضيع تلك الجهود، ومن ثم تناقش المخرجات في المؤتمر العام، أما الطريقة التي جرت فقد اتسمت بالعشوائية والارتجال.
وحذَّر من تجاهل النشطاء الذين ظلوا في الداخل وخاطروا بحياتهم وعملوا في بصمت طوال الفترات الماضية، وقال: «هؤلاء لا يمكن تجاهلهم»، كما لا يمكن تجاهل الرموز الثقافية والسياسية؛ لأن لدى هؤلاء الكثير من الممكن أن يقدموه لبناء مستقبل سوريا».
وأعلنت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، الأحد، أن الحوارات التي شهدتها المحافظات السورية، هدفها «الاستماع لمختلف الآراء والتوجهات». وقالت في مؤتمر صحافي إن ما سهل عمل اللجنة، وجود «حالة واسعة من التوافق بين السوريين» تركزت على قضايا العدالة الانتقالية والبناء الدستوري والإصلاح المؤسسي والإصلاح الاقتصادي ووحدة الأراضي السورية وقضايا الحريات العامة والشخصية والحريات السياسية، كـ«أولويات أساسية لدى الجميع».
aawsat.com