خبر ⁄سياسي

هدنة غزة: محادثات لتمديد المرحلة الأولى... وحماس منفتحة على صفقة شاملة

هدنة غزة: محادثات لتمديد المرحلة الأولى... وحماس منفتحة على صفقة شاملة

وسط مشهد متوتر في غزة، حيث تتأرجح الأوضاع بين هدنة هشّة وشبح حرب تلوح في الأفق، تتصاعد الأزمة من جديد بشأن مصير الاتفاق.

وتماطل إسرائيل في تسليم الأسرى الفلسطينيين، مما يُعطّل سير المرحلة الأولى من الهدنة، في حين تجهّز قواتها للعودة إلى المواجهة، وفي هذه الأثناء، يترقّب الجميع زيارة المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، الذي يحمل في جعبته مساعي لتمديد المرحلة الأولى من الهدنة.

وقال مصدر مصري مطلع على مفاوضات الهدنة لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، إن «هناك مناقشات يُجريها الوسطاء بشأن تمديد المرحلة الأولى التي تقترب من الانتهاء ولم يُحسم الأمر بعد».

وحسب خبراء من الولايات المتحدة والأردن وفلسطين ومصر، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن تمديد المرحلة الأولى هو الحل الأقرب، وسيكون مؤقتاً لإنقاذ الاتفاق، وسيستمر حتى نهاية شهر رمضان، أواخر مارس (آذار) المقبل، في حين أكد مصدر مقرب من الحركة انفتاحها على التمديد، وكذلك عدم ممانعتها «صفقة شاملة» تضمن الانسحاب الإسرائيلي ورفع الحصار.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام المصطفة في الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)

وبموجب وساطة تقودها القاهرة والدوحة وواشنطن أُبرم اتفاق هدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، يشمل 3 مراحل، مدة كل منها 42 يوماً، وكان من المفترض أن تبدأ المفاوضات غير المباشرة مع «حماس» بشأن المرحلة الثانية في 3 فبراير (شباط)، في حين تنتهي المرحلة الأولى بعد قرابة أسبوع.

غير أن إسرائيل لم ترسل وفوداً لبدء المحادثات الجديدة بعد، وعلّقت إطلاق سراح 602 معتقل فلسطيني، الذي كان مقرراً السبت مقابل الإفراج عن 6 رهائن إسرائيليين «حتى تُنهي (حماس) المراسم المهينة»، وفق بيان لحكومة نتنياهو، الأحد، في خطوة رفضها عضو المكتب السياسي بالحركة، باسم نعيم، في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وعدّها «تعرّض الاتفاق برمته للخطر الشديد».

وفي حين يصل ويتكوف إلى إسرائيل، الأربعاء، في إطار جهود لـ«توسيع المرحلة الأولى» من اتفاق الهدنة، وفق ما نقلته قناة «الحرة» الأميركية، الاثنين، مشيرة إلى أن مسؤولين إسرائيليين يرون أن نتنياهو يفضّل ذلك التوسيع للاتفاق «بدلاً من الانتقال إلى مرحلة ثانية».

وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أن «إسرائيل تسعى إلى تمديد المرحلة الأولى عبر عمليات إفراج جزئية، تشمل إطلاق سراح عدد قليل من المختطفين الإسرائيليين مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين، على أمل الحفاظ على وقف إطلاق النار طوال شهر رمضان».

ووفق الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، اللواء سمير فرج، فإن طرح تمديد المرحلة الأولى يجب أن يُدرس جيداً، ونرى هل ستوافق عليه «حماس» أم لا.

وباعتقاد الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، فإن ذلك الخيار الأميركي «قد يكون آلية مؤقتة للحفاظ على الاستقرار، في حين يتم التعامل مع مأزق تبادل الأسرى»، مشيرة إلى أن «السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن يستخدم كلا الجانبين تمديدات قصيرة الأجل لمزيد من التفاوض، لكن الحل طويل الأجل يظل غير مؤكد دون تنازلات سياسية أعمق».

وحسب المحلل السياسي الأردني، منذر الحوارات، فإن حديث ويتكوف يُعد متوافقاً مع رغبة نتنياهو الذي يخشى عدم بقاء حكومته حال ذهب إلى المرحلة الثانية مع تهديدات خصومه بإسقاطها، فضلاً عن حرصه على عدم الالتزام بشروط معقّدة والانسحاب من مناطق استراتيجية أو إنهاء الحرب، متوقعاً أن يتم تمديد المرحلة الأولى بصفته حل إنقاذ للاتفاق مؤقتاً دون أن يعالج جذور المشكلات الأساسية، مع بذل جهود كبيرة من الوسطاء لتجاوز تلك العراقيل، ووضع ضمانات حقيقية للتنفيذ.

ويرجح أن يكون موقف «حماس» تحت ضغوط الوضع الإنساني بغزة هو القبول بتمديد المرحلة الأولى، شريطة وجود ضمانات حقيقية والإفراج عن شخصيات وازنة وزيادة المساعدات الإغاثية.

وعن موقف «حماس»، يقول المحلل السياسي الفلسطيني المقرب من الحركة، إبراهيم المدهون، إنها لن تبادر إلى أي معركة عسكرية، في حين يجب على الوسطاء ممارسة ضغوط أكبر على الاحتلال لحل أزمة تبادل الأسرى، مؤكداً أن طرح تمديد المرحلة الحالية «قيد النقاش»، وحركة «حماس» تبدي انفتاحها على التمديد، شريطة بدء فوري في مفاوضات المرحلة النهائية.

كما أن «حماس» مستعدة للتعامل مع خيارات متعددة، بما في ذلك «صفقة شاملة» تضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ورفع الحصار بشكل نهائي، والإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وفق المدهون.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، فإن نتنياهو لا يريد الذهاب إلى مرحلة ثانية كونها مكلفة سياسياً له، وسيعمل على التمديد، في حين «حماس» لا تملك رفاهية رفض عدم التمديد مع استمرار الوضع الإنساني الصعب في غزة الذي يشكّل ضغطاً عليها.

وبشأن استكمال الاتفاق، قال القيادي في «حماس»، باسم نعيم، لوكالة «رويترز»، الأحد: «لن يكون هناك أي حديث مع العدو عبر الوسطاء، في أي خطوة، قبل الإفراج عن الأسرى المتفق على إطلاق سراحهم مقابل الأسرى الإسرائيليين الستة».

بينما أفادت مصادر فلسطينية منخرطة في مفاوضات وقف إطلاق النار لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، بأن «هناك اتصالات قد تُفضي خلال الساعات المقبلة لتسليم جثتي أسيرَيْن إسرائيليين، مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين كان من المفترض أن يُفرج عنهم يوم السبت».

ووسط هذه الأزمات، كثّف الجيش الإسرائيلي استعداداته لحملة عسكرية جديدة وواسعة النطاق في قطاع غزة، وفقاً لما أفاد به ثلاثة مسؤولين دفاعيين إسرائيليين تحدثوا إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، الاثنين.

وحسب تسوكرمان، فهناك عدة عوامل ستحدّد ما إذا كانت الهدنة ستصمد أم لا، أبرزها «إصرار الحركة على إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين البارزين ورفض إسرائيل، وهنا قد تتعثر المفاوضات، مما يعرّض الاتفاق للخطر رغم أن الوسطاء قد يلعبون دوراً حاسماً في إبقاء الجانبَيْن ملتزمَيْن بالتقدم التدريجي».

ولا يستبعد الحوارات أن إسرائيل ستواصل عدم تقديم تنازلات جوهرية والاستمرار في التمديد للحصول على أكبر قدر من الأحياء، قبل أن تذهب للحرب، مع اختلاق ذريعة للتصعيد، خصوصاً أن ذلك الحل المؤقت لا يضمن إنقاذاً بالمطلق للصفقة.

وتلك المخاوف من احتمال شن الاحتلال هجوماً عسكرياً على أهداف في غزة يراها المدهون «حقيقية»، مؤكداً أن «هذا السيناريو قد يدفع المنطقة نحو مرحلة خطيرة ومعقّدة، مما يستدعي تحركاً إقليمياً ودولياً عاجلاً للجم الاحتلال، ومنع أي تصعيد قد يؤدي إلى تجدّد الحرب».

aawsat.com