معارك وغلاء أسعار.. كيف استقبل السودانيون رمضان

عاين- 1 مارس 2025
استقبل السودانيون شهر رمضان بمشاعر تختلط بين رغبة التفرغ للعبادة والقلق من صعوبة تأمين الاحتياجات الغذائية جراء ارتفاع الأسعار بسبب الرسوم الحكومية واعتماد قطاع التموين على استيراد السلع من دول الجوار والخليج.
ولم يمنع حلول شهر الصيام والذي يأتي للمرة الثانية في ظل الحرب، الجيش وقوات الدعم السريع من زيادة وتيرة التصعيد العسكري بالعاصمة السودانية وأجزاء من إقليم دارفور وكردفان.
الحياة في رمضان
في شارع الوادي بمدينة أم درمان غرب العاصمة السودانية وفي الأجزاء الواقعة تحت سيطرة الجيش يطلب المواطنون المزيد من التوابل والمكسرات المطحونة لاستخدامها في طهي الوجبات مع حلول شهر رمضان اعتبارا من اليوم السبت الأول من مارس الجاري وفق ما أعلن مجلس الإفتاء السوداني.
كان المتجر الصغير في شارع الوادي مكتظا بالزبائن. ويقول عبد الباسط الذي طحن الحبوب في شارع الوادي بأم درمان لـ(عاين): “شهد السوق اليومين الماضيين إقبالا من المواطن لطحن البهارات واستقبال شهر الصيام أما السلع التموينية تعيش حالة من الركود بسبب ارتفاع الأسعار خاصة جوال السكر الذي ارتفع من 115 ألف جنيه إلى 130 ألف”.
تستمر العمليات العسكرية خلال شهر رمضان في العاصمة السودانية وإقليم دارفور بالتركيز على مدينة الفاشر مع وصول حشود جديدة من قوات الدعم السريع إلى تخوم المدينة لشن معارك ضد القوات المسلحة وحلفائها.
وتبنى الاتحاد الأوروبي دعوة لوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان ودعا الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى إسكات البنادق احتراما لمشاعر المسلمين خلال شهر الصوم فيما لم تصدر تعليقات منهما حتى الآن حيال الدعوة التي صدرت الجمعة 28 فبراير 2025.
ويتزامن حلول شهر رمضان مع حصار عنيف يتعرض له آلاف المدنيين في منطقة الحاج يوسف شرق العاصمة السودانية مع تقدم الجيش وفرضت قوات الدعم السريع إجراءات قاسية واضطر المئات إلى النزوح نحو بلدة عد بابكر اليوم السبت في الساعات الأولى لشهر رمضان.
نصف وجبة
أما في مدينة عطبرة شمال السودان ومع انحسار أعداد النازحين عقب تقدم الجيش في الجزيرة والعاصمة السودانية لكن السيدة سهام النازحة مع طفليها تنتظر وقت العودة إلى منزلها شرق الخرطوم وظلت في مركز إيواء بمدينة عطبرة في ظروف إنسانية بالغة التعقيد كما تقول لـ(عاين).
في ذات الوقت زاد الطلب قبل أسبوع من شهر رمضان للسفر عبر الشاحنات من عطبرة إلى دولة مصر بطرق غير نظامية بالتحرك عبر الصحراء والوصول إلى مدينة أسوان بالمقابل كثفت قوات الأمن المصرية مراقبة الطرق التي يسلكها سائقو الشاحنات من شمال السودان إلى جنوب مصر.
تضيف سهام التي ترعى طفلين رفقتها بمركز الإيواء بمدينة عطبرة: “غادر غالبية النازحين إلى ولاية الجزيرة والخرطوم بحري بقينا نحن لأن منازلنا تقع بين خطوط المعارك شرق الخرطوم كنا نتمنى العودة قبل حلول شهر الصيام لكننا هنا نعيش ذات معاناة العام الماضي لأن السكن في مخيم مدمر نفسيا”.
وتردف سهام: “حصلت على القليل من المؤن التي تشمل السكر ودقيق الذرة لطهي العصيدة المُفضلة في هذا الشهر في بعض الأحيان تريد أن تنقل عاداتك من منزلك إلى هنا لطرد اليأس”.
انعكست الأزمة الاقتصادية وتوقف الأجور في القطاعين الحكومي والخاص على أوضاع المواطنين في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل ولم تساعد عروض السلع بشكل مكثف على الشبكات الاجتماعية تجار السوق الرئيسي على بيعها بسبب الركود.
متلازمة الحياة والموت
بينما في معقل سيطرة قوات الدعم السريع في أربع ولايات من أصل خمسة بإقليم دارفور يعتمد “بشار” في كسب عيشه على جهاز تزويد الانترنت “ستار لينك” نتيجة انقطاع شبكة الاتصالات العمومية بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
ويقول بشار لـ(عاين): إن “حلول شهر رمضان يشعر الناس بأهمية التفرغ للعبادة في ذات الوقت الوضع الأمني ليس مستقرا وأسعار السلع مرتفعة والأسواق تعتمد على الواردات من ليبيا وجنوب السودان وأوغندا”.
وأضاف: “الوضع في رمضان للعام الثالث على التوالي ليس كما كان لأن الحرب تلتهم حياة الناس يوميا سواء بالمدافع أو الغارات الجوية”.
تجاهل تام
وفي مدينة كسلا شرق البلاد تراجع اهتمام المواطنين بالاكتظاظ في الأسواق قبل ساعات من حلول شهر رمضان كما جرت العادة ويعزو التاجر في المدينة حسين عبد اللطيف ذلك إلى شح السيولة النقدية وعدم انتظام رواتب القطاع الحكومي.
يقول حسين وهو مستثمر في بيع السلع بالتجزئة وسط سوق كسلا لـ(عاين): إن “الأسعار شهدت ارتفاعا بنسبة 20% مع اقتراب شهر رمضان وأبلغ الموردون العملاء أن الرسوم الحكومية وتكلفة النقل تزيد من أسعار السلع المستوردة من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة”.
بينما تقول سوسن عبد الكريم العاملة في المجال الإنساني لـ(عاين): إن “شهر رمضان فرصة لوقف العمليات العسكرية لأن مئات الآلاف من المواطنين يتعرضون لحصار غير مسبوق بين نيران المعارك خاصة العاصمة السودانية والفاشر بالمقابل فإن التصعيد العسكري بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم والفاشر لا يسمح ببارقة أمل لوقف القتال خلال شهر الصيام”.
وفيما يتعلق بالوضع الإنساني في الولايات الآمنة شرق وشمال البلاد تشير سوسن عبد الكريم، إلى أن الأسعار ارتفعت بنسبة كبيرة خلال العام 2025 بسبب الضرائب الحكومية وغالبية المواطنين يعتمدون على وجبة واحدة يوميا.
وتضيف: “الإنفاق الحكومي مرتفع للغاية في القطاعين السيادي والعسكري وهناك أزمة في السيولة النقدية ويعتمد بعض المواطنين على تحويلات من خارج البلاد أما غالبية الأشخاص يعيشون في وضع قاس للغاية”.
3ayin.com