خبر ⁄سياسي

هدنة غزة إلى الفراغ بعد انتهاء المرحلة الأولى دون اتفاق

هدنة غزة إلى الفراغ بعد انتهاء المرحلة الأولى دون اتفاق

دخلت الهدنة في قطاع غزة مرحلة «الفراغ»، مع انتهاء المرحلة الأولى من وقف النار، السبت، دون الاتفاق على تمديده، أو الانتقال إلى المرحلة الثانية، وبعد فشل الوسطاء في دفع حل وسط حتى الآن.

وبينما انخرط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مباحثات أمنية واسعة ومستمرة لمناقشة «العودة إلى الحرب»، أكد مصدر في حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، أن الحركة ترفض تمديد المرحلة الأولى وتصر على الدخول في المرحلة الثانية وفق اتفاق وقف النار. وقال المصدر إن «إسرائيل تحاول التحايل بطريقة واضحة ومفضوحة على الجميع، مفترضة حصولها على كل أسراها مقابل تمديد وقف النار فقط، وهو اقتراح مرفوض، وطُرح كثيراً حتى قبل اتفاق وقف النار».

وأضاف المصدر: «إنه مبدأ مرفوض لدى الحركة. إذا أرادوا الاستمرار بالحصول على أسراهم فعليهم الدخول إلى مرحلة إنهاء الحرب (المرحلة الثانية)».

وكان يُفترض أن تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى المكونة من 42 يوماً، لكن نتنياهو عطّل ذلك.

ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي كل تدخلات الوسطاء، من أجل بدء مفاوضات المرحلة الثانية، ولم يناقش حتى المسألة في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت).

وتريد إسرائيل تمديد المرحلة الأولى 42 يوماً، لتجنّب المرحلة الثانية التي يفترض أن تنتهي بانتهاء الحرب.

وكان من المفروض أن تبدأ إسرائيل الانسحاب من محور فيلادلفيا (حدود غزة مع مصر) بنهاية المرحلة الأولى (السبت)، وذلك بمقتضى اتفاق وقف إطلاق النار، ولكن مصدراً سياسياً في إسرائيل أوضح أن ذلك لن يحدث، مؤكداً «لن نسمح للقتلة من (حماس) بإعادة التعاظم من خلال تهريب الأسلحة».

وتناقش المرحلة الثانية الوقف التام لإطلاق النار، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وإنجاز صفقة تبادل أسرى مرة واحدة.

وقال مصدر إسرائيلي مطلع لهيئة البث الإسرائيلية «كان»، إن إسرائيل تريد تمديد اتفاق وقف إطلاق النار 42 يوماً إضافياً دون الخوض في وقف الحرب. وأضاف: «نسعى خلال هذه الفترة إلى الإفراج عن ثلاثة مخطوفين أسبوعياً مقابل إطلاق سراح سجناء أمنيين وتمديد وقف النار».

وحصلت إسرائيل على ضوء أخضر أميركي للاقتراح، وناقشه الوسطاء مع وفد إسرائيلي كان في القاهرة، ومع «حماس». لكن الحركة رفضت بشدة الاقتراح وفشلت الجولة.

وقال مصدر «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد أي اتفاق حول المرحلة الأولى أو الثانية، لكن المناقشات مستمرة مع الوسطاء.

ونشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، السبت، مقاطع فيديو قالت إنها لرهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة. وأظهر الفيديو عدداً من الرهائن مجتمعين في غرفة محاطة بأغطية، ويجلسون على حصائر، ثم يعانقون بعضهم بعضاً، وأرفقت الفيديو بعبارة باللغات العربية والعبرية والإنجليزية: «أخرجوا الجميع ولا تفرقوا بين العائلات... لا تدمّروا حياتنا جميعاً»، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

مواطنون في سوق بمدينة غزة في أول أيام الشهر الفضيل (أ.ف.ب)

وبعد 15 شهراً من الحرب في غزة بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني)، وانتهت في مرحلتها الأولى السبت، وهي واحدة من ثلاث مراحل يتضمنها الاتفاق.

وخلال المرحلة الأولى حصلت إسرائيل على حصتها من الأسرى (33)، وبذلك تبقّى لدى «حماس» 59 محتجزاً آخرين، من بينهم نحو 34 قتيلاً على الأقل، يفترض أن يُطلق سراحهم جميعاً في المرحلة الثانية.

والسبت (اليوم) هو في الواقع الأول منذ خمسة أسابيع لا يوجد فيه تبادل أسرى.

ومع رد «حماس» السلبي على محاولة إسرائيل تمديد المرحلة الأولى، بدأ نتنياهو، الجمعة، مشاورات موسعة بمشاركة رؤساء الأجهزة الأمنية، بمن في ذلك وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير الخارجية جدعون ساعر، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ووزير المال بتسلئيل سموتريتش، وزعيم حزب «شاس» أرييه درعي، ووصفها مسؤول كبير بأنها استثنائية، كونها انتهكت «حرمة السبت» عند اليهود.

وحسب وسائل إعلام إسرائيلية مختلفة، فإن نتنياهو يفترض أن يجري في وقت متأخر من ليلة السبت مشاورات أخرى.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن نتنياهو أمر بالاستعداد فعلاً لاستئناف القتال، «بعد أن تبيّن خطأ التقييم بأن (حماس) تشعر بالتوتر وسوف توافق على تمديد المرحلة الأولى خوفاً من أن نعود إلى القتال، وقد ثبت خطأ ذلك». وتشير التقديرات إلى أن «حماس» لن تستجيب إلى الإنذار الإسرائيلي القاضي بأن «أعيدوا الرهائن وإلا ستُستأنف الحرب». وأكدت الصحيفة أنه تقرّرت مواصلة المحادثات في إسرائيل مع عدم توجه فريق التفاوض إلى القاهرة (عاد الجمعة).

وكتب إيتمار إيشنر في «يديعوت» أنه من المفهوم عدم حدوث شيء حتى يتدخل الوسيط الأميركي ستيف ويتكوف من أجل قلب الأمور. وأضاف: «في إسرائيل يعوّل الناس على ويتكوف، ولكنهم لا يرون أنه يتصرف بالطريقة والشدة المطلوبتَيْن للتوصل إلى حل. ومن وجهة نظر (حماس)، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بالمرحلة الثانية».

وعملياً فإن الولايات المتحدة على الخط، لكن بخلاف ما تريد «حماس»، وهي تضغط على الوسيطَيْن المصري والقطري لتحقيق استمرار المرحلة الأولى، بحسب ما تريد إسرائيل. وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الأميركيين يريدون مثل إسرائيل الوصول إلى «فترة زمنية مستدامة»، تضمن استمرار وقف إطلاق النار الفعلي كما هو منصوص عليه في الاتفاق، مع مناقشة المرحلة التالية.

وقال مسؤول إسرائيلي للقناة: «نحن مستعدون لمواصلة وقف إطلاق النار، ولكن فقط في مقابل مناقشات سريعة وواضحة ومحددة زمنياً، من أجل استمرار إطلاق سراح الرهائن الأحياء في الأيام المقبلة»، موضحاً: «لا يوجد وقف لإطلاق النار مجاناً». وأضاف: «لن تكون هناك موافقة على إطار اتفاق (نهائي) دون اتفاقات واضحة حول مستقبل غزة، وتفكيك (حماس) وإبعادها عن السلطة».

وعلى النقيض من المراحل السابقة من المفاوضات، فإن المحادثات يديرها الآن ديرمر المقرب من نتنياهو، وليس رئيس الموساد دافيد برنياع، وفريق تفاوضي جديد يضم نائب رئيس «الشاباك» المتقاعد، ومسؤول المفقودين في الجيش، جال هيرش.

ويقدّر مسؤولون أمنيون أن فرص سد الثغرات خلال فترة قصيرة ضئيلة.

ومع دخول الاتفاق إلى الفراغ لم توضح إسرائيل ولا «حماس» ما هي الخطوة التالية، لكن «القناة 12» قالت إنه سوف يتضح في الأيام المقبلة ما إذا كان هذا تكتيكاً تفاوضياً صعباً أم أزمة حقيقية.

aawsat.com