خبر ⁄سياسي

التضخم يلتهم موائد رمضان في دول عربية

التضخم يلتهم موائد رمضان في دول عربية

عواصم عربية- بدأ شهر رمضان المبارك وسط حالة اقتصادية لا توصف بأنها الأفضل بطبيعة حال المنطقة العربية، فثمة أزمات أمنية وتغيرات سياسية اتبعتها أزمات اقتصادية في عدد من البلدان، كما أن التضخم هو الضيف الأثقل على موائد الصائمين هذا العام.

في هذا التقرير تستعرض الجزيرة نت حال المائدة الرمضانية في المنطقة العربية، وكيف صارت كلفة موائد إفطار الصائمين في عدة بلدان عربية وفق معدلات التضخم، والأصناف الشائعة التي تقدم على المائدة.

مصر

تلقي الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر خلال السنوات الأخيرة بظلالها على موائد إفطار المصريين خلال شهر رمضان، وتشهد أسواقها استمرار ارتفاع أسعار السلع مع تراجع معدلات الشراء من قبل المستهلكين.

وتباطأ التضخم السنوي (معدل ارتفاع الأسعار) في مصر قليلا إلى 23.2% في يناير/كانون الثاني الماضي مقابل 23.4% لديسمبر/كانون الأول 2024.

ورغم ما تظهره المؤشرات الرسمية من تراجع معدلات التضخم، تعلو أصوات المعاناة داخل الأسواق من كلا الطرفين، البائع والمشتري.

يقول فايز محمد، بائع لحوم حمراء، لمراسلة الجزيرة نت إن نسبة المبيعات بمتجره تراجعت بشكل كبير مقارنة بسنوات فائتة، بسبب ارتفاع أسعار اللحوم.

تدبير الإنفاق حل الأسر المصرية خلال رمضان (الجزيرة)

ويتراوح سعر كيلو غرام اللحم بين 420 و500 جنيه (8.30 دولارات إلى 9.88 دولارات) ، بزيادة أكثر من 50% مقارنة بعام 2022.

إعلان

ويضيف البائع أن كثيرا من زبائنه لجؤوا إلى تقليل الكميات التي اعتادوا على شرائها استعدادا لشهر رمضان، وبالتالي تراجعت مبيعاته.

وتقول لبنى السيد، وهي زوجة وأم لثلاثة أبناء، إنها ومنذ رمضان قبل الماضي تلجأ لكثير من الحيل لتقليل الإنفاق على الطعام خلال شهر الصوم، موضحة أن مائدة إفطار أسرتها تخلت بشكل كبير عن أنواع البروتين المختلفة، واختصرت الياميش في التمر والزبيب فقط.

وتضيف السيدة لمراسلة الجزيرة نت دعاء عبد اللطيف أنها تواجه أزمة في تدبير النفقات، قائلة: "راتب زوجي الشهري لا يتجاوز 7 آلاف جنيه (138.26 دولارا)، مما يجعل بند الإنفاق على الطعام يزيد قليلا على 3 آلاف جنيه (59.25 دولارا) أي ما يعادل 7 كيلوغرامات من اللحم فقط".

وبسؤال تجار وأرباب أسر، وبالنظر إلى ما أعلنته الجمعيات الخيرية عن تكلفة إفطار الصائم، فإن متوسط إنفاق الفرد الواحد على إفطار متكامل العناصر الغذائية من بروتين وخضار وياميش وحلوى وعصائر، يتراوح بين 90 إلى 130 جنيها (1.78 دولار إلى 2.57 دولار) يوميا، ذلك يعني أن متوسط تكلفة الإنفاق للفرد خلال شهر رمضان تتراوح بين 2700  و3900 جنيه (53.33 دولارا إلى 77.03 دولارا)، بينما تقل التكلفة إلى النصف تقريبا حال استثناء اللحوم من المائدة.

بيع العصائر والحلويات في شهر رمضان في إحدى الأسواق الشعبية في العراق (الجزيرة)

العراق

في العراق، يقول الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش إن ثمة تضخما معلنا وآخر غير معلن، أما المعلن فهو يصدر عن وزارة التخطيط للعامين 2023 و2024 ويتراوح بين 3.5% و4%، ويشمل السلع الأساسية مثل الخضروات والفواكه والبقوليات.

ويضيف لمراسل الجزيرة نت فارس الخيام أن التضخم غير معلن يؤثر على سلع أخرى مثل الذهب والعقارات، وقد ارتفعت أسعار العقارات 120% بين عامي 2021 و2023، بينما تجاوز التضخم في أسعار الذهب 30% إلى 40%.

إعلان

ويقول تاجر المواد الغذائية، منير محمد، إن الأسعار تشهد تباينا ملحوظا بين مواسم رمضان المتعاقبة نتيجة تقلبات أسعار السلع المستوردة المرتبطة بسعر صرف الدولار، مضيفا أن قناعة التاجر تلعب دورا محوريا في تحديد الأسعار، حيث يستغل بعض التجار هذا الموسم لزيادة الأرباح.

وفي حديثه لمراسل الجزيرة نت، يؤكد محمد أن القدرة الشرائية للمستهلكين تؤثر بشكل مباشر على الأسعار، ومع ذلك، فإن الزيادة تتركز في المواد الغذائية الأساسية التي لا تستغني عنها موائد الإفطار، مثل التمور والألبان والأسماك واللحوم وبعض أنواع الحبوب والحلويات، حيث تشهد هذه المواد ارتفاعا في الأسعار.

ويشير إلى أن استهلاك المواطنين يزداد خلال شهر رمضان، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل الإنفاق اليومي، موضحا أن متوسط الإنفاق اليومي للأسرة المتوسطة، المكونة من 5 أفراد أو أقل، يتراوح بين 10 و30 دولارا.

من جانبه، يقول التاجر محمود الطائي إن أسعار السلع ترتفع بصورة "طفيفة"، إذ يزيد سعر كيس الأرز الفاخر من 50 دولارا إلى 55 دولارا، وكيس السكر من 30 دولارا إلى 33 دولارا.

ويشير إلى أن الأسعار لم تشهد تغييرات كبيرة وهو تكرار لسيناريو العامين الماضيين، وذلك بفضل استقرار السوق.

ويؤكد المواطن جاسم أبو سما أن بعض المواد الغذائية والألبان وعصائر التمر الهندي واللومي بصرة (شاي الليمون المجفف) والتمور والعدس والأرز والحلويات تحظى بحضور دائم على موائد رمضان، بالتالي ترتفع أسعارها لكن بشكل بسيط.

ويقول إن المائدة الرمضانية تختلف من أسرة إلى أخرى حسب الوضع المادي، فثمة موائد بسيطة وأخرى فاخرة، مضيفا أن وجبة الإفطار لأسرة متوسطة الدخل مكونة من 4 أفراد، مثل أسرته، تكلف حوالي 15 إلى 25 ألف دينار عراقي (ما يعادل 10 إلى 17 دولارا).

إفطار في القدس (مواقع التواصل)

فلسطين

في فلسطين، أقرت وزارة الاقتصاد الوطني الحد الأقصى لأسعار 15 سلعة أساسية بعملة الشيكل، منها:

إعلان
  • الخبز: 4.5 شواكل (1.25 دولار).
  • الأرز: بين 6 و8 شواكل (1.7 إلى 2.25 دولار)
  • لتر الزيت النباتي: بين 1.67 دولار و2.22 دولار.
  • كيلو لحم العجل الطازج 60 شيكلا (17.7 دولارا)
  • كيلو لحم الخروف الطازج: 90 شيكلا (25 دولارا).
  • كيلو الدجاج المذبوح: 17 شيكلا (4.72 دولارات).

ويتكون الطبق الرئيسي لمائدة إفطار أسرة فلسطينية متوسطة الدخل غالبا من الأرز والدجاج، إضافة إلى المحاشي وورق العنب، مع المشروبات الغازية والعصائر الطبيعية كالخروب والسوس (العرق سوس) والليمون واللوز، وحلوى القطايف.

وحسب جمعية حماية المستهلك الفلسطينية تصل كلفة مائدة الإفطار لأسرة متوسطة الدخل مكونة من 4 أفراد إلى 30 دولارا، وترتفع التكلفة لتصل إلى 50 دولارا في حال استبدال الدجاج بلحم الضأن.

وإجمالا تتراوح كلفة موائد شهر رمضان كاملا بين 900 و1500 دولار لأسرة متوسطة الدخل والعدد.

ونقل مراسل الجزيرة نت عوض رجوب، عن أيمن، رب أسرة مكونة من 8 أفراد، أنه ثاني رمضان يحل عليه في الحرب، وسط ضنك شديد، لدرجة أنه ظل يعتمد في قوت عياله على الديْن من متجر قريب له، الذي قرر أخيرا التوقف عن البيع بالدين.

ويقول أيمن، الذي لا يجد عملا منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول بعد أن كان يعمل داخل الخط الأخضر، إن "اللحوم والدجاج سعرها مرتفع، بينما الكثير من الأصناف الأساسية مثل الزيوت والطحين والطماطم والبطاطا والزهرة (القرنبيط) والخيار، سعرها معقول أو في تراجع، لكن أمثالي ليس لديهم المال للشراء".

من جهته، يقول حسام محمد، وهو تاجر جملة من منطقة رام الله إن بعض الأسعار تراجعت في الشهور الأخيرة كالزيت والطحين والسكر بنسبة تصل إلى 20%، لكن ذلك لم يؤثر على الحركة الشرائية نظرا لانعدام السيولة.

وتقول رئيسة جمعية حماية المستهلك شمالي الضفة فيحاء البحش للجزيرة نت إن الدجاج مثلا ارتفع إلى 17 شيكلا (4.72 دولارات) مقارنة مع 13 (3.61 دولارات) قبل نحو أسبوع، لكنه قريب من أسعار العام الماضي.

إعلان

أما سعر لحوم الخراف فوصل الكيلو إلى 120 شيكلا (33.34 دولارا) مع أن وزارة الاقتصاد حددت سقفه بـ90 شيكلا (25.01 دولارا)، بينما وصل سعر كيلو لحم العجل إلى 60 شيكلا (16.7 دولارا) مقارن مع 50 شيكلا (13.9 دولارا) العام الماضي.

ووفق معطيات سلطة النقد الفلسطينية سجل التضخم في فلسطين ما نسبته 46.7% خلال 2024 مقارنة مع 5.6% خلال 2023.

وأشار موقع المؤشرات الاقتصادية إلى انخفاض معدل التضخم السنوي إلى 22.77% في يناير/كانون الثاني 2025 من 87.99% في ديسمبر/كانون الأول 2024.

وقد سجل هذا أدنى معدل تضخم منذ يناير/كانون الثاني 2024، وكانت الأسباب الرئيسية وراء ذلك هي إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

إفطار شمل المئات في أحد أحياء العاصمة الجزائر في رمضان سابق (الفرنسية)

الجزائر

تتميز مائدة الإفطار الجزائرية بتنوع كبير يضم عددا من الأطباق المشهورة في البلاد على اختلاف مناطقها وتتشكل من أطباق تقليدية أساسية توجد على مائدة الإفطار طيلة الشهر الفضيل وهي شوربة الفريك أو الحريرة والبوراك (رقائق عجينة محشوة باللحوم والأجبان) وطبق اللحم الحلو (تشكيلة من الفواكه المجففة تطهى مع اللحم) والسلطات إلى جانب طبق آخر رئيسي يختلف من منطقة إلى أخرى وتتنوع مكوناته بين اللحوم والأسماك والدواجن.

ويقول المنسق الوطني لمنظمة حماية المستهلك، فادي تميم تميم لـ"الجزيرة نت" إن متوسط 70 ألف دينار (517.54 دولارا) يكفي لقضاء شهر رمضان لعائلة مكونة من 4 إلى 5 أشخاص، فإذا زاد دخل في إطار البذخ، وكلّ حسب إمكانياته.

أما عن أقل ثمن لوجبة، فمن الممكن في الجزائر أن يفطر الشخص وعائلته مجانا على مدار 30 يوما نتيجة انتشار موائد الإفطار الجماعي في كل أحياء البلاد وتوفير المتطوعين والجمعيات وجبات مجانية طيلة الشهر.

وأشار إلى أن وفرة المنتجات والتحضيرات المسبقة إلى جانب عدم تسجيل أي اختلال في السوق يجعل الوضع رمضان الحالي أفضل من الوضع في سابقه.

إعلان

وقال لمراسلة الجزيرة نت إلهام محمد إن أسعار الخضر تعد أفضل هذا العام مقارنة بالعام الماضي رغم ارتفاعها في الأيام الماضية بـ20 إلى 40 دينارا (0.15 دولار إلى 0.30 دولار) نتيجة زيادة إقبال المواطنين عليها.

ونوه بأن الارتفاع الوحيد سجل في أسعار البطاطا والتمور، إلى جانب اللحوم الحمراء خاصة المستوردة التي سجلت أسعارها ثبات العام الماضي كون هوامش ربحها مسقفة، خاصة لحم الخروف الإسباني المستورد الذي بلغ 2200 دينار للكيلو (16.27 دولارا) بدل 1500 أو 1800 (11.09 أو 13.31 دولارا)، محملا التجار سبب هذا الارتفاع.

من جانبه، يقول محمد، رب أسرة، إنه لاحظ هذا العام وفرة وتنوعا في المنتجات والأسعار، مما جعله يشتري ما يريد في حدود ميزانيته المخصصة لهذا الشهر، مؤكدا أن المتجول في السوق خلال الأيام الماضية يستشعر من الإقبال الكبير بأن الأسعار هذا العام في المتناول.

وتراجع معدل التضخّم في أكتوبر/تشرين الأول 2024 إلى 4.9%، من 5.2% في سبتمبر/أيلول، وفق حسب أرقام الديوان الوطني للإحصائيات.

وبلغ معدل التضخم في الجزائر مع نهاية سنة 2023 حدود 9.32%، قريبا من المستوى المسجّل في 2022 والبالغ 9.27%.

إفطار جماعي في أحد الأحياء المغربية في رمضان سابق (مواقع التواصل)

المغرب

استقبل المغاربة شهر رمضان وسط موجة غلاء شملت العديد من المواد الغذائية التي تعد أساسية في المائدة الرمضانية.

واستعد محمد الميساوي، رب أسرة من 4 أفراد، لرمضان منذ أسبوع، إذ اشترى المواد الغذائية وحاجته من اللحوم والأسماك والخضر وغيرها من مواد البقالة تجنبا للازدحام الذي يميز الأسبوع الأخير من شعبان تهيئا لاستقبال رمضان.

ويقول الميساوي لمراسلة الجزيرة نت سناء القويطي إن مستلزمات رمضان هذا العام أنهكت جيبه، وهو عامل في إحدى شركات النقل ولا يتجاوز أجره 6 آلاف درهم (600 دولار) شهريا.

إعلان

ولم يستطع محمد تغيير عاداته الرمضانية في الاستهلاك رغم أنه في قرارة نفسه يرى ضرورة الاستغناء عن كثير من المواد لإنقاذ جيبه من الإفلاس، لكنه كما يقول يريد أن تعيش أسرته أجواء رمضان الغذائية كما تعودوا في السنوات الماضية.

وقال رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك بوعزة الخراطي إن ما يسميه "تسونامي الأسعار" بدأ في المغرب أواخر عام 2022.

وأضاف أن رمضان هذه السنة يختلف عن سابقه بكون ارتفاع الأسعار شمل المنتجات البروتينية مثل اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض إلى جانب الأسماك وهي مواد أساسية في المائدة الرمضانية ما سيجعل تكلفتها مرتفعة.

وتقصت الجامعة عبر فروعها في مدن الرباط والقنيطرة والدار البيضاء ومراكش وأكادير وواد زم وكلميم وآيت باها تكلفة مائدة الإفطار في رمضان هذا العام.

ووفق الخراطي، فإن هذه التكلفة تتراوح بين 150 و400 درهم (15 دولارا إلى 40 دولارا) في اليوم الواحد، وفي الشهر ما بين 4 آلاف و12 ألف درهم (أي ما بين 400 و1200 دولار).

ويرتفع استهلاك الأسر في شهر رمضان مقارنة بباقي الأشهر، وتضم مائدة الإفطار المغربية حساء الحريرة، والتمر، والفطائر، وحلوى الشباكية، والسفوف، والسمك أو اللحم أو الدجاج، والسلطات، والعصائر والحليب، والشاي، والمملحات.

وكانت المندوبية السامية للتخطيط (جهاز حكومي مكلف بالإحصاء) أصدرت في مارس/آذار من العام الماضي تقريرا حول ميزانية الأسر في رمضان أظهر أن متوسط نفقات الأسر في رمضان يتزايد بنسبة 18.2% مقارنة بالشهور الأخرى من السنة، وأن الميزانية المخصصة للتغذية ترتفع بنسبة 17.8%.

وأما المنتجات الغذائية التي تعرف زيادة في نفقات استهلاكها في رمضان فهي الأسماك بنسبة 57.7% (تستهلك في رمضان 6.8 كيلوغرامات مقابل 5.2 في باقي الأشهر) والفواكه بنسبة 43.3% (54.3 كيلوغراما مقابل 22.9 كيلوغراما) والبيض بنسبة 35.7% (52.2 وحدة مقابل 39.4 وحدة) والمنتجات الحليبية بنسبة 34.8% (35.8 لترا مقابل 23.7 لترا) واللحوم بنسبة 26% (15.1 كيلوغراما مقابل 11.3 كيلوغراما).

إعلان

وكانت المندوبية قد أعلنت أن التضخم السنوي مقاس&