جوبا وبورتسودان.. تصعيد وتحولات مثيرة

عاين- 9 مارس 2025
يرزح جنوب السودان تحت عبء ثقيل من الأزمات تشمل الأزمة الاقتصادية الطاحنة جراء فقدان إيرادات النفط؛ بسبب حرب السودان إلى جانب تعدد المجموعات المسلحة وتصاعد التوترات بين حكومة سلفاكير والمعارضة المسلحة بقيادة ريك مشار .
في ذات الوقت، فإن العلاقات بين السودان ودولة الجنوب المستقلة في العام 2011 ليست على ما يرام على خلفية شروط تطرحها حكومة بورتسودان لتمرير النفط عبر موانئ البحر الأحمر شرق البلاد.
بداية التحولات
في التاسع من فبراير 2024 كان رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت يبحث في أبوظبي مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد أوجه التعاون بين البلدين في زيارة وصفها دبلوماسيون بـ”الانقلاب على السودان”.
وصف الباحث الدبلوماسي عمر عبد الرحمن في مقابلة مع (عاين)، زيارة سلفاكير إلى أبوظبي الشهر الماضي بالبحث عن “مخارج النجاة” للأزمة الاقتصادية؛ لأن حكومته على وشك الانهيار؛ بسبب الأزمة الاقتصادية جراء توقف النفط العابر إلى الموانئ السودانية على خلفية شروط حكومة بورتسودان بالتعاون معها لوقف تمدد قوات الدعم السريع.
بعد مرور أقل من شهر على زيارة سلفاكير إلى الإمارات كان التوتر في جوبا متصاعد. وخلال الأيام الماضية، ووضع الجيش الحكومي عناصره على أهبة الاستعداد مع استيلاء الجيش الأبيض “مليشيا مقربة من مشار” على مدينة الناصر وقتل قائد المنطقة العسكرية.
وفي خطوة لامتصاص التوترات أعلن رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت عدم العودة إلى الحرب في ظل تصاعد الخلافات بينه وبين نائبه الأول ريك مشار ممثل المعارضة المسلحة في القصر الرئاسي في جوبا، وأقر اجتماعاً مشتركاً بخفض حدة الخلافات بين الجانبين.
وعلى الجانب السوداني، أعلن الجيش الأربعاء الماضي، أعلن الجيش السوداني سيطرته على 8 مناطق جديدة جنوبي السودان. وقال المتحدث باسم الجيش، نبيل عبد الله، في تصريح صحفي، إن “الجيش تمكن من السيطرة على مناطق الدالي والمزموم والجفرات والمليسا وقلي وأبو عريف والقربين ورورو والتبون”، في ولايات النيل الأزرق والنيل الأبيض وسنار جنوبي وجنوب شرق السودان.
تغلغل إماراتي في جوبا
يرى الباحث في الشؤون الدبلوماسية عمر عبد الرحمن أن الوضع في جنوب السودان تأثر على نحو مباشر من الحرب السودانية، وفقد إيرادات النفط منذ مارس 2024 بسبب التلف الناجم عن القتال في ولاية النيل الأبيض السودانية منطقة مرور الأنابيب ومحطات المعالجة.
بينما يقول الباحث في قضايا جنوب السودان والسودان، شول حسين، لـ(عاين): إن “التوترات في جوبا قد تنعكس على السودان من خلال إظهار مجموعة سلفاكير دعمها الخفي لقوات الدعم السريع والوقوف ضد مجموعة الجنرال عبد الفتاح البرهان خاصة وأن زيارته إلى أبوظبي الشهر الماضي حملت العديد من الاستفهامات في هذا الوقت”.
وأضاف: “إنشاء مستشفى إماراتي في ولاية شمال بحر الغزال خطوة تظهر وجود تيار داخل حكومة جنوب السودان في طريقها للتحالف مع قوات الدعم السريع هذه المسائل لا تخطئها العين؛ لأنها أحداث مماثلة لتلك التي وقعت في دولة تشاد”.
وتابع شول حسين: إن “زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى جوبا مطلع ديسمبر 2024 ركزت على الطلب بعدم إيواء قوات الدعم السريع أو التعاون معها والعمل على الحدود على نحو مشترك”.
وتابع: “حكومة سلفاكير لم تصل لاتفاق مع البرهان الذي اشترط تمرير النفط مقابل تعاون جوبا في الملفات الأمنية والعسكرية خلال الحرب ضد قوات حميدتي”.
ويرى شول حسين أن النفط المنتج في جنوب السودان، والذي يصل إلى 150 ألف برميل يوميا ما زال يبحث عن مخارج للموانئ عبر السواحل الشرقية السودانية بالمقابل، فإن حكومة بورتسودان لا تريد تمرير النفط دون الاستجابة لشروطها من جانب سلفاكير.
ويشير حسين، إلى أن الأوضاع في جنوب السودان متأثرة بالأزمة الاقتصادية ورغبة المعارضة المسلحة بقيادة ريك مشار والمقربة من حكومة عبد الفتاح البرهان في طرح نفسها كبديل لنظام سلفاكير، إلا أن العوامل الإقليمية والدولية لا تساعد مشار على ذلك علاوة على العوامل الداخلية المتأثرة بالصراع العرقي.
تأثير فادح
يرجح الباحث في النزاعات المسلحة في أفريقيا عادل إبراهيم في مقابلة مع (عاين) عدم انزلاق حكومة سلفاكير في حرب مع المعارضة المسلحة بقيادة ريك مشار، بينما من المتوقع أيضا استمرار حالة الفوضى والأزمة الاقتصادية.
ويقول إبراهيم: أن “التأثير الإماراتي على جنوب السودان سيكون فادحا، ولن يكون شبيها بالوضع في دولة تشاد؛ لأن الحدود المشتركة بين السودان وجنوب السودان حساسة، ولا تحتمل المغامرة بخسارة دولة مثل السودان”.
وتابع: “هناك معلومات عن مقترح لخط أنابيب من جنوب السودان إلى جيبوتي عبر مقاطعات تقطنها مجموعات موالية لريك مشار لذلك فإن عقلية سلفاكير تريد وضع هذا الأمر قيد التنفيذ من خلال الحلول الأمنية والعسكرية”.
ويقول عادل إبراهيم: إن “المستشفى الإماراتي الميداني في بحر الغزل يقع على منطقة تربطها أربعة مسارات مع حدود السودان في جنوب كردفان وشرق دارفور وجنوب دارفور”.
وتابع: “الغرض من المستشفى الإماراتي إجلاء المصابين من قوات الدعم السريع وعلاجهم على الحدود مع جنوب السودان، وتتزامن الخطوة أيضا مع تكوين حكومة موازية في السودان”.
3ayin.com