خبر ⁄سياسي

108 مليارات دولار ضاعت في دوامة حرب السودان

108 مليارات دولار ضاعت في دوامة حرب السودان

رصد – نبض السودان

كشف الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عبد العزيز عن حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدها السودان خلال عامين من الحرب الأهلية، مشيراً إلى أن القطاعات الاقتصادية المختلفة فقدت ما يقارب 108.8 مليار دولار.

وأكد أن هذه الخسائر المباشرة لا تعكس بالكامل التداعيات الكبيرة لتراجع النشاط الاقتصادي، حيث إن عدم تدوير الأموال في الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية أدى إلى خسائر غير ملموسة تفوق القيمة المعلنة بكثير.

وأوضح الدكتور عادل أن السودان يواجه أوضاعاً اقتصادية حرجة، مع توقعات بتراجع كبير في معدلات النمو الاقتصادي.

وأشار إلى أن القطاع الصناعي تعرض لدمار شبه كامل، بينما لحقت أضرار جسيمة بقطاعي الخدمات والزراعة، اللذين يُعدان من الركائز الأساسية للاقتصاد السوداني.

تراجع الإيرادات والصادرات
من جانب آخر، أشار التقرير إلى تراجع كبير في تحصيل الإيرادات العامة، بالإضافة إلى انخفاض الصادرات السودانية، والتي تعاني من صعوبات في تحصيل عائداتها.

كما أدى تراجع تحويلات المغتربين إلى تفاقم الأزمة، مما تسبب في انخفاض مستمر ومتواصل لقيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، وخاصة الدولار الأمريكي.

فرص التعاون الاستراتيجي
في حديثه مع منصة “أصداء سودانية”، أكد الدكتور عادل أن الفرصة ما تزال قائمة لإعادة تأسيس التعاون الاستراتيجي بين السودان ودول مثل الصين، روسيا، الهند، إيران، السعودية، قطر، ومصر.

وأوضح أن هذه الدول لديها القدرة على المساهمة بشكل فعال في إعادة إعمار السودان، خاصة في ظل قدراتها الاقتصادية الكبيرة.

وأشار إلى أن الصين تتصدر الاقتصاد العالمي بناتج محلي إجمالي يبلغ 25.7 تريليون دولار، تليها الولايات المتحدة بـ 21 تريليون دولار، ثم الهند بـ 10 تريليون دولار، واليابان بـ 5 تريليون دولار، وألمانيا بـ 4.5 تريليون دولار، وروسيا بـ 4 تريليون دولار.

الحاجة إلى الاستثمارات الخارجية
بعد انتهاء الحرب، شدد الدكتور عادل على ضرورة جذب استثمارات خارجية كبيرة لدعم عملية إعادة الإعمار. وأشار إلى أن شركات كبرى مثل “سي إن بي سي” الصينية، أو الشركات الهندية، أو حتى شركات الجيش المصري، يمكن أن تلعب دوراً محورياً في مجالات الإنشاءات والطرق والكباري. وأضاف أن هذه الشركات لديها خبرة في العمل في بيئات غير آمنة، مستشهداً بتجربة شركة “سي إن بي سي” الصينية التي عملت في مجال النفط في مناطق كانت تشهد صراعات مسلحة بين الجيش السوداني وجيش الحركة الشعبية.

دور القطاع الخاص وإصلاح القوانين
أكد الدكتور عادل على أهمية تطوير القطاع الخاص وتعزيز دوره في الاقتصاد السوداني، مع ضرورة وجود كوادر مؤهلة تأهيلاً عالياً في الوزارات الاقتصادية، وخاصة وزارات المالية، الصناعة، التجارة، والاستثمار. وأشار إلى أن تطبيق قوانين مثل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون الاستثمار، وقانون التعاون، يتطلب كفاءات عالية لضمان نجاحها.

التحديات الدولية
فيما يتعلق بالتمويل الدولي، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤسسة التمويل الدولية تضع شروطاً سياسية لتمويل مشاريع إعادة الإعمار، حيث تشترط وجود حكومة مدنية في السودان. وأكد أن هذا الموقف السياسي الواضح يفرض على السودان البحث عن شراكات استراتيجية مع دول لا تفرض شروطاً سياسية.

خارطة الطريق للتعافي
اختتم الدكتور عادل حديثه بالدعوة إلى تحول السياسات الاقتصادية والمالية لصالح نموذج اقتصادي تكون فيه الدولة هي المحرك الرئيسي، مع إتاحة الفرص للقطاع الخاص ليلعب دوراً أكبر، على غرار النموذج الصيني الذي يجمع بين قوة مؤسسات الدولة وحرية القطاع الخاص. وأكد أن ضخ موارد اقتصادية ضخمة في الاقتصاد السوداني هو الخطوة الأولى لإيقاف التدهور واستعادة النمو.

في ظل هذه التحديات، يبقى مستقبل الاقتصاد السوداني مرهوناً بمدى قدرة الدولة على إعادة بناء الثقة وتعزيز التعاون الدولي، مع التركيز على إصلاح البنية التحتية ودعم القطاعات الإنتاجية لتحقيق التعافي المنشود.

nabdsudan.net