تعزيز النفوذ الغربي في أفريقيا بغطاء الميليشيات.. أوكرانيا تسلح حميدتي

خاص – نبض السودان
وسط الأزمات المستمرة في السودان، يتفق معظم الخبراء والمراقبين على أن الصراع المُحتدم بين قوات “الدعم السريع” التي يقودها محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وقوات الجيش تحت قيادة عبد الفتاح البرهان، يحوي بصمات خارجية واضحة.
تشير التقارير الإعلامية والاستخباراتية الأخيرة إلى أن النزاع الذي استمر لأكثر من عامين لم يعد مجرد صراع داخلي، بل أضحى ساحة معركة تُستعرض فيها قوى دولية متعددة.
نقلا عن سودافاكس، دمرت وحدة من القوات المسلحة السودانية، 5 عربات نقل محملة بالأسلحة تتبع جميعها لمليشيا “الدعم السريع” ،كما أسفرت العملية عن إصابة العشرات من عناصر المليشيا.
و كشف الايجاز الصحفي الذي اصدرته الفرقة السادسة مشاة في الـ 10 من مارس، انه و بالخسائر التي منيت بها مليشيا “الدعم السريع” امس، فان خسائرها خلال الأيام العشرة الماضية قد ارتفعت إلى 27 عربة نقل تم تدميرها، منها 15 جرارًا محمل بالأسلحة والذخائر، و 12 جرارًا تحمل عناصر المليشيا، إضافة إلى تدمير20 عربة لاندكروزر بطواقمها، علاوة على إسقاط أكثر من 100 طائرة مسيرة معادية أسقطتها الدفاعات الجوية خلال تلك الفترة.
وأكدت المصادر أن معظم الأسلحة التي تم تدميرها مصدرها أوكرانيا وبعض الأسلحة الثقيلة كانت تحمل شعار الدولة الأوكرانية. قبل ذلك، في السابع من يناير، تحدث إيليا يفلاش، المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، معبرًا عن مشاركة مدربين أوكرانيين في مجال “حرب المدن” في السودان، مؤكدًا أن ذلك تم بموجب دعوة من قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي”، مما أثار جدلًا كبيرًا، وبعد شهر من ذلك، جاء تصريح عمران سليمان، المستشار لقائد قوات الدعم السريع، حيث أكد على أن أوكرانيا تعتبر صديقًا للشعب السوداني وتعمل بجد لإنهاء النزاع في أسرع وقت.
تشير التقارير الاستخباراتية والميدانية إلى أن أوكرانيا لم تكتفِ بمجرد تقديم دعم تقني أو لوجستي لقوات “الدعم السريع”، بل تجاوزت ذلك إلى إرسال مقاتلين وخبراء في تشغيل الطائرات المسيّرة ومنظومات الدفاع الجوي.
وبحسب ما أوردته مصادر متعددة، فإن المستشارين العسكريين الأوكرانيين ينشطون في عدة مواقع تحت سيطرة “الدعم السريع”، وقد ساهموا في إسقاط طائرات تابعة للجيش السوداني، وهو ما تأكد بعد العثور على أسلحة تحمل علامات أوكرانية في المناطق التي استعادها الجيش، والأسلحة التي كانت على متن عربات النقل التي دمرتها الفرقة السادسة مشاة.
هذه المعلومات تتزامن مع تصريحات صادرة عن مسؤولين أوكرانيين، حيث أقرّ المبعوث الأوكراني للشرق الأوسط وأفريقيا، مكسيم صبح، بوجود مقاتلين أوكرانيين في السودان، لكنه ادعى أن مشاركتهم “فردية”، في محاولة لنفي مسؤولية كييف المباشرة عن هذا التدخل.
في السياق ذاته، يرى محللون أن الانخراط الأوكراني في الصراع السوداني يأتي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز النفوذ الغربي في أفريقيا بغطاء الميليشيات المتمردة، ما يجعل السودان ميدانًا جديدًا لصراع النفوذ بدفع من القوى الغربية، وتُعزز هذه الفرضية التقارير التي تتحدث عن توريد مسيّرات هجومية لـ”الدعم السريع” عبر شبكات تهريب دولية، وهو ما يشير إلى تنسيق بين كييف ودول أخرى تسعى لإطالة أمد النزاع خدمة لمصالحها.
وفي ظل الظروف الحالية، يظل الوضع في السودان غير واضح المعالم، حيث لم تتخذ الحكومة في الخرطوم خطوات حاسمة للحد من التدخلات الأوكرانية، واقتصرت بعض الجهات الرسمية على التواصل مع كييف للاستفسار عن التقارير المتداولة دون اتخاذ أي إجراءات ملموسة، هذا التردد يثير التساؤلات حول دوافع الحكومة السودانية في عدم التصعيد ضد أوكرانيا، خصوصًا بعد أن قررت بعض الدول مثل مالي قطع العلاقات مع كييف بسبب دعمها المزعوم للجماعات المسلحة في المنطقة.
ويعتقد بعض المحللين أن هذا التردد قد يكون ناتجًا عن اعتبارات سياسية ودبلوماسية معقدة، حيث تحاول الخرطوم الحفاظ على توازن دقيق بين القوى الغربية وروسيا في محاولة للحصول على دعم اقتصادي وعسكري من الطرفين. كما أن السودان يدرك أن اتخاذ موقف متشدد ضد أوكرانيا قد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع الدول الغربية المؤيدة لكييف، مما قد يعقد جهود الحكومة السودانية في تحسين علاقتها الدولية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ومع استمرار الأزمات في السودان، من المتوقع أن تزداد التدخلات الأجنبية بشكل متزايد في المستقبل، خاصة في ظل التنافس الدولي على النفوذ في القارة الأفريقية، وهذا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة السودانية ستستمر في سياسة الحذر، أم ستتخذ خطوات أكثر وضوحًا للكشف عن طبيعة التدخلات الخارجية وتحديد موقف حاسم تجاه أوكرانيا في الفترة المقبلة.
nabdsudan.net