إعلان طرابلس يحذر اللبنانيين والسوريين من التورط في مواجهات أهلية عنيفة

عقد سياسيون ورجال دين لبنانيون لقاء سياسياً موسّعاً في دارة الرئيس السابق للحكومة، نجيب ميقاتي، في مدينة الميناء بشمال لبنان؛ للبحث في «التطورات الراهنة في لبنان وتداعيات الأحداث الجارية في سوريا على الواقع اللبناني لا سيما على صعيد شمال لبنان»، وانتهى بإعلان ما سموه «إعلان طرابلس» اللبنانية، الذي يدعم «وحدة سوريا» وحكومتها المركزية، ويؤيد توجّهاتها وإجراءاتها، ويطالب بإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، كما يحذر اللبنانيين والسوريين من «خطورة التورط من جديد في مواجهات أهلية عنيفة».
وجاء اللقاء بعد أيام على توترات أمنية في مدينة طرابلس، بين السُّنة والعلويين، أخمدها الجيش اللبناني بانتشاره السريع والواسع، وكانت قد اندلعت على خلفية التطورات الأمنية في غرب سوريا التي انعكست ببعض جوانبها على الوضع اللبناني، لا سيما لجهة الاحتقان في طرابلس، أو تدفق النازحين السوريين إلى الشمال، الذين فاق عددهم الـ10 آلاف نازح.
وشارك في اللقاء رؤساء الحكومة السابقون؛ نجيب ميقاتي، تمام سلام، فؤاد السنيورة، و9 نواب من منطقة الشمال، كما حضر نواب ووزراء سابقون من منطقة الشمال، بالإضافة إلى النائبة السابقة بهية الحريري. وحضره أيضاً مفتي طرابلس والشمال، وعلماء دين من كل الطوائف.
وقال ميقاتي إن الأهم هو «استنكار الأحداث الدموية التي حصلت في سوريا والتشديد على أهمية المصارحة والمصالحة ودعوة الحكومة اللبنانية للسعي مع الهيئات الدولية من أجل إيواء وتعزيز الإغاثة السريعة للنازحين الذين حضروا، ومن ثم السعي مع الحكومة السورية من أجل عودة النازحين السوريين إلى سوريا، ولا توجد كلمة لجوء في لبنان بأي شكل من الأشكال».
بدوره، تحدث الرئيس فؤاد السنيورة مؤكداً أهمية الخطوات التي تقوم بها الحكومة السورية الجديدة من أجل احتضان كل فئات المجتمع السوري، وبالتالي الحؤول دون المزيد من النزوح. أيضاً، «يجب معالجة المشكلات التي نتجت بسبب هذه الأحداث الدامية، وكل من ارتكب أي جُرم بهذا الشأن يجب أن ينال عقابه».
وقال إن «تأكيدنا على وحدة سوريا هو تأكيد على العلاقة القويمة التي يجب أن تكون بين لبنان وسوريا، وأعتقد أنَّ هذه فرصة كبرى من بعد المأساة التي حصلت، وبالتالي يجب تحويلها إلى فرصة حقيقية للبنان من أجل بناء علاقات قويمة وسليمة وندية ما بين لبنان وسوريا قائمة على الاحترام المتبادل ما بين الدولتين».
إعلان طرابلس
وقد صدر عن المجتمعين بيان في الختام، استنكروا فيه الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق وقرى الساحل السوري، وما أدت إليه من تجاوزات يجب ضبطها فوراً، وأثنوا على توجّهات الحكومة السورية وإجراءاتها، مع التشديد على جمع واحتضان مختلف مكونات سوريا الوطنية، والحفاظ على وحدة وكامل التراب السوري، والعمل على استتباب الأمن وإحلال الأمان وبسط سلطة الدولة السورية الحصرية والكاملة على كل أراضيها ومرافقها.
كما ثمنوا إعلان الحكومة السورية العمل على إنجاز التحقيق المستقل فيما جرى ومحاسبة المسؤولين والمتورطين في أعمال قتل المدنيين الأبرياء والعزل واتخاذ الإجراءات الصارمة لمنع مثل هذه الأعمال الإجرامية المشينة وحماية المدنيين من كل أطياف الشعب السوري وتوجهاته، وتسهيل عودة النازحين، بعد أن سقط مفهوم اللجوء المعرّف بإعلان جنيف. فاللاجئ هو الذي لا يرغب أو لا يستطيع العودة إلى بلاده، وهذا يعني أنه لم يعد في لبنان لاجئون بحسب المفهوم الدولي.
وانطلاقاً من «التجربة اللبنانية المريرة في الاقتتال والتناحر الداخلي المؤسف الذي سبق أن عانى منه لبنان»، توجه المجتمعون إلى السوريين واللبنانيين «منبّهين ومحذّرين من مغبة وخطورة التورط من جديد في مواجهات أهلية عنفية، لأنّ التجارب أثبتت أنّ العنف واستخدام السلاح في داخل الوطن، لا يؤديان إلا إلى إشعال نيران الأحقاد واستدراج الثأر والثأر المضاد، مما يؤدي إلى الوقوع في الفخ الذي تنصبه وتعمل عليه إسرائيل، وهي التي تستمر في اعتداءاتها واحتلالها لمناطق في لبنان». وقالوا: «لا بد أيضاً من العمل على تعزيز ثقافة المغفرة والمصالحة وعدم الانتقام».
ودعوا الدولة اللبنانية إلى التواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية المعنية لمتابعة الأوضاع المستجدة في مناطق شمال لبنان الحدودية بفعل التدفق المستجد للنازحين السوريين بسبب الأحداث الجارية في سوريا. واعتبروا أن هذه المشكلة تشكل ضغطاً إضافياً على لبنان يضاف إلى الضغوط المستمرة في ملف النزوح السوري منذ سنوات.
وطالبوا بالتنسيق بين المفوضية وسائر المنظمات الدولية المعنية مع الحكومة اللبنانية عبر أجهزتها المختصة لحل هذه المعضلة، وضبط المعابر، وتأهيل المعابر الشرعية، «لأنه لا يجوز أن يبقى هذا الملف ورقة تضغط على الواقع اللبناني، في وقت لم تعد للبنان القدرة المالية والخدماتية والسياسية على تحمل تداعيات هذا الملف». وقالوا إن الأولوية في هذه المرحلة يجب أن تكون لتمكين الإغاثة الطارئة وإعادة النازحين السوريين تباعاً إلى بلادهم بعد استقرار الأوضاع في عدد من المناطق السورية.
aawsat.com